أنا والإخوان وهواك ( 6 )
يبدو أن مقالاتي الفائتة أثارت بعض اللغط حول علاقتي الشخصية بالإخوان، فالبعض تخيل أنني مدعي بطولات، والبعض تخيل أنني أكذب وأتجمل، والحقيقة يا سادة يا كرام أنني أكتب ببساطة وحيادية تماما ما رأيته بالتفصيل، وأيضا محاولا ألا أكون متجنيا على جماعة الإخوان ومن ينتمون إليها، فما زال لدي أصدقاء منهم، نختلف كثيرا ونتشاجر كثيرا لكن في النهاية نحاول أن نظل اصدقاء.
مشكلة الإخوان المسلمين أنهم عاشوا تحت الأرض منذ تأسيسهم على يد البنا وحتى تولي محمد مرسي للرئاسة، ولا أستطيع أن أجد توصيفا سياسيا علميا لموقف مرسي الآن فهل هو معزول وقد يكون ذلك صحيحا، أو سابقا وهذا أيضا صحيح، لكن نستطيع أن نقول إن مرسي هو الرئيس الذي جمع بين اللقبين في آن واحد، وبعد أن خرج الإخوان من تحت الأرض ووصلوا إلى الحكم أدركت أننا حطمنا لافتة الحزب الوطني لنضع بدلا منها لافتة الحرية والعدالة، نفس السياسة الإقصائية، بل نفس الطريقة في شغل المناصب.
المشكلة الأكبر أن الإخوان كانوا يلعبون لعبة التمكين السياسي لكل كوادرهم مهما قل شأنهم أو إمكاناتهم العلمية والسياسية، وليس المجال هنا لنذكر أشخاصا أصبحوا إما في السجون أو اضطروا لأن يصبحوا في الظل، أو حتى باحثين عن دور جديد في الحياة السياسية متخذين من الفلول هذا المصطلح الذي أطلقوه بأنفسهم على بقايا الحزب الوطني، متخذين منهم منهجا لعملية التحول السياسي متخفين في عباءات مختلفة.
الإخوان حاولوا قبل انتخاب مرسي تدمير شخصية المرشح المنافس والشعب كان خلفهم يبحث عن المخلص الجديد المتدثر ببردة الشريعة وتطبيق شرع الله حتى يعم الخير على البلاد بعد سنوات من الفساد والبعد عن الله، ولكن الشعب انتظر الخير، وانتظر تطبيق شرع الله، ولم يجد لا هذا ولا ذاك، وأصابت البلاد كآبة لا يعرف لها سبب معقول فنحن لا نعرف ماذا يفعل الإخوان ولا كيف يخططون، كل ما يدركه هذا الشعب المسكين أن الأمور لم تتغير.
فالطوابير كما هي والبطالة ما زالت تنخر في المجتمع إلى آخر المشكلات التي قامت من أجلها الثورة، وبالرغم من الشكوى وإدراك الإخوان بعض الأصوات العاقلة فيهم فإن الشعب قد تحرر من قيوده ولن يصمت مرة أخرى على ظلم أو فساد من نوع آخر، إلا أن الساسة الإخوان اصموا آذانهم وعميت أبصارهم عن رؤية المشهد كاملا، فكان خطاب مرسي الأخير بمثابة التحدي الواضح لإرادة شعب بأكمله، وأعاد للأذهان هتيفة العصر السابق، بل مبرراته وطريقة تحديه للشعب، فكان يوم 30 يونيو الذي هب الشعب فيه مرة أخرى مستعيدا نفس السيناريو الذي أصبح يهواه في الإطاحة بالحكام.
وللحديث بقية