رئيس التحرير
عصام كامل

المهنة إخوان..!!


لم تكن مفاجأة لى أن يبادرنى عدد من الشباب بالحديث عن مناصرتهم تنظيم الإخوان المحظور خلال كل مسيراتهم واعتصاماتهم منذ اعتلاء قيادات الجماعة وأربابها منصة رابعة وحتى استقطاب الفقراء والبلطجية خلال مظاهرات أغلبها غير سلمى، بل وتتجاوز فيها سلوكيات المشاركين حدود الأدب مع الشعب وحدود الولاء للوطن.


هذا محام حاله يرثى له، وهذا صحفى لا فرصة أمامه سوى اللجان الإلكترونية يزكى أداءه أساتذته المراقبون له من منصة الجزيرة بقطر، وذاك عامل فنى جارت عليه الدنيا ليفقد كل فرص العمل ومعها قدرته على شراء دبلة "بلاستيك" يتقدم بها إلى شريكة عمر محتملة، وآخر انحرف نحو عالم الجريمة فى ظروف استثنائية فبات ضمن الأشهر فى عالم البلطجة داخل منطقته السكنية فى غياب دولة القانون، أو قل فى ظل دولة قانون ما بعد وقوع الجريمة، ورابع تراجعت قدراته على الكسب من حرفته وسقط فى فخ الإدمان حتى بات "الكيف" وجبة أساسية يومية له لا غنى عنها.

وهذه أرملة تتردد على دور العبادة والجمعيات القائمة على مساعدة الفقراء منذ سنوات دون أن يتغير حالها، وتلك مطلقة باتت بلا عائل فى وسط أسرى انتهى دوره تجاهها عند إزاحتها إلى بيت العدَل، وأخرى قادها الجهل نحو تصديق خرافة أن هؤلاء أولياء الله فى الأرض، ورابعة مهنتها الأساسية أقرب إلى صورة "خالتى فرنسا" فى جرها شَكَل البشر لحساب آخرين.

وبين أولئك وهؤلاء يقف الانتهازيون والمشهلاتية لتوريد الباحثين عن فرص إضافية تحول دفة حياتهم نحو مستقبل أكثر "تأمينا" فى زمن انتقالى كل شيء فيه يبدو متقلبا ومتغيرا، يجمعون أدوات التأثير على الشباب والأسر المستضعفة ليتمكنوا من تحقيق هدف الجماعة فى توسيع دائرة محبى تنظيمها، وصولا إلى حلمها بتدمير الدولة وإنشاء ما يسمى بالجيش الحر، الذى باتت عملية الترويج له وعضويته داخل أحياء شعبية أشبه بلعب الدومينو على المقاهى.

وسط هذه الحالة المسيطرة على أصحاب "العيشة السوداء" الذين باتوا صيدا سهلا لتنظيم لا تفلح معه أحكام الحظر وقرارات الحل، تقف حكومة "سى الببلاوى" متمسكة بسياسة "كله بأوانه" فى التعامل مع أموال التنظيم التى تغرق التائهين من أبناء مصر وشبابها، بالتوازى مع تطبيق نظرية "على النوتة" كأروع أفكار حكومة "حازمون" التى لم تقدم استحقاقا واحدا للمستضعفين من المصريين، ومن باتوا وقودا للثورات دون حصاد لثمراتها.

لا مشروع وطنى قومى جامع يملكه أو يتحدث عنه وزراء الببلاوى، ولا وزير يقدم تصورا للتعامل مع أزمات المصريين فى مجاله بما يضمن لهم الحد الأدنى من العودة لحياة شبه مستقرة، حتى باتت شعارات الثورة المنادية بالعيش والحرية والعدالة والكرامة عرضة لنهب لصوص الثورات ومن لا يعرفون قيمة وحدودا للوطن، ومدعاة للتأويل والتفسير الشيطانى على ألسنة المكفرين.

وبين المشهدين يختزل العابرون الأزمة فى هوية وخلفية المرشحين المحتملين للرئاسة دون رقابة على أداء لجنة صياغة العقد الاجتماعى، الدستور، حتى أصبح المصريون أمام فوضى الاتهامات المتبادلة بمناصرة التنظيم المحظور أو التبعية للمؤسسة العسكرية ورمزها السيسى، بينما الأحزاب مشغولة بتعليق لافتات التهانى بالعيد الذى لم يدخل بيوت الكثير من المصريين، تمهيدا لتقديم مرشحيها لانتخابات لم تعد تشغل مطحونين ولن يكون موعدها فرضا على جائعين ضائعين.

المصريون فى أزمة حقيقية، إما أن يحصلوا على استحقاقاتهم عن وعى أو يعودوا لمسار جديد تفرضه عليهم رؤية حكومة الببلاوى العقيمة لمستقبلهم، أو ينخرطوا فى مهنة جديدة أو وظيفة تبحث عن شاغليها البائسين اليائسين، وظيفة "متأخون فى مسيرات التنظيم"، أو "قتيل ومصاب بالوكالة".. أو ربما عضو جديد فى مشروع الجماعة "الجيش الحر".
الجريدة الرسمية