رئيس التحرير
عصام كامل

هذه بلاد لم تعد كبلادى



كم عشت أسأل أين وجه بلادى ؟ أين النخيل وأين دفء الوادى؟ لا شىء يبدو فى السماء أمامنا، غير الظلام وصورة الجلادِ، هو لا يغيب عن العيون كأنه قدر كيوم البعث والميلاد، قد عشت اصرخ بينكم وأنادى، أبنى قصورا من تلال رمادى، كلمات للشاعر فاروق جويدة يجسد فيها حال مصر، بلادى، التى شربت من نيلها ، وتنفست نسيمها ، ووقفت تعظيماوتجليلا لعلمها، مصر التى قبلت ترابها عقب عودتى من رحلة قصيرة بالخارج . .

فمع خروج المصريين فى مظاهرات الخامس والعشرين من يناير من عام 2011 ، ارتعش جسدى ودمعت عينى فخرا بالمصريين المطالبين بلقمة عيش، وشاب خرج ليصرخ بأعلى صوته مطالبا بفرصة عمل ، وطفلة حملت صورة والدها المعتقل فى سجون العادلى بلا أى ذنب ، وأم تطالب بالحصول على المعاش الذى توقف بلا مبرر.
وكنت أردد كلمات أغنية "أنا أم البطل " ويا أهلا بالمعارك ، ويغمرنى حماس شديد ، وكانت عينى تتلألأ من شدة هذا الحماس، حينها شعرت عن يقين أن أبناء مصر، قادرون على إخضاع مبارك لإقالة الحكومة وتشكيل أخرى جديدة تلبى طموحات الشعب، وأننا نستطيع اللحاق بالتطور التكنولوجى والعلمى، وتخيلت العلم المصرى يرفرف فى كل ركن من أركان العالم ، وتخيلت أننا حصلنا على مراكز متقدمة وأنظر إلى نفسى فى رفعة وسمو فى مشهد مسرحى هزيل ، لم يتحقق منه الحد الأدنى.
وبعد أن صعدت جماعات الدم من حدة جرائمها بالتحرير وغيرة من ميادين المحروسة ، وتعالت نبرة الشباب المثقف فى رغبتهم بتنحى مبارك ، لكنى لم أكن من المتفائلين برحيله فى هذا الوقت بالتحديد ، ورغبت فى المشاركة بإنقاذ البلاد من منطلق رؤيتى ، وكنت أتابع تطور الإحداث لحظة بآخرى كغيرى من أبناء هذا الوطن ، وبالرغم من تعقد خيوط المشهد السياسى ، إلا إننى كنت أرى دائما باقة أمل ، وأبحث عن شعاع الصباح يحل لينقذ بلادى من دعاة الفوضى ، وفجأة ! تخلص الموقف فى مشاهد سيارات قواتنا المسلحة الباسلة تسير فى وسط القاهرة ، فدمعت الأعين وغاب العقل ، وصار الجميع يسأل ، ما الذى استطيع تقديمه لوطنى ؟
وبعد مرور عامين على الثورة ، لا يزال المرضى يتكدسون بداخل المستشفيات، ورغيف الخبر لا يصل لمستحقيه، ولم يتحقق الأمن الذى وعد به سيادة الرئيس، واترك الحديث عن العلاقات الخارجية فى مقال لاحق إذا كان فى العمر بقية.
الجريدة الرسمية