رئيس التحرير
عصام كامل

"أم الدنيا قد الدنيا" وناقصها قانون


شتان بين احتفال مصر بانتصار السادس من أكتوبر العام الفائت، واحتفالات العام الحالي.. ففي 2012 استقبل "المعزول" أسرة بطل الحرب والسلام الرئيس الشهيد أنور السادات، فقلنا علها بادرة خير أو تكفيرا عن خطيئة "أهله وعشيرته" الذين اغتالوا الرئيس في يوم عرسه وانتصاره.. لكن ختام احتفال "المعزول" كان "زفت وليس مسك"، حيث دعا القتلة المجرمين في حفل لا يقل سخفا وتفاهة عنهم.. أصيبت مصر بالصدمة من احتفاء الرئاسة بالقتلة المجرمين والوجوه المقيتة التي ملأت الاستاد إحياءً لذكرى انتصار لا يعترفون به من الأساس.


وبعد أن "انزاح كابوس" الحكم المتآمر، لاحت بشائر الفرح والعزة مع دعوة الرئاسة لاحتفالات شعبية تقيمها القوات المسلحة الباسلة في الميادين ويحضرها جموع الشعب.. وبالتزامن مع احتفالات الميادين والمحافظات عرضت الفضائيات الحفل الرسمي بحضور الرئيس عدلي منصور والفريق أول عبدالفتاح السيسي وكبار المسئولين، وكم أثلج صدري وغمرتني الفرحة عندما وجدت السيدة جيهان السادات حرم الرئيس الشهيد تتصدر الحفل، في مكانها الطبيعي على يمين الرئيس منصور مباشرة، قلت في نفسي "عمار يا أم الدنيا" أخيرا عاد الحق إلى أصحابه وتقدمت أرملة بطل النصر احتفالا بإنجاز زوجها بعد أن غيبت عن عمد أكثر من 30 عاما، ومع عودة الحق لأصحابه استعاد العرب مكانهم الطبيعي في القلب المصري، كما عمت المحروسة أجواء الفرح والموسيقى والغناء بعد سنة ظلامية كئيبة في عهد الإخوان.

الحفل الرسمي أنصف القامات الكبيرة من رؤساء مصر ومصابي الحرب وأبطال أكتوبر، وعلى المستوى الفني تميز بالإبهار والدلالات العميقة، لكنه أيضا لم يخل من الهنات في إطلالة بعض الشخصيات غير المناسبة لهكذا احتفال، وكان مسك الختام كلمة صادقة عفوية نابعة من قلب البطل السيسي، والحقيقة أنني أحسده على تفاؤله ويقينه بأن "أم الدنيا هتبقى قد الدنيا"، رغم حجم التحديات والمؤامرات الخارجية التي ينفذها عملاء وخونة في الداخل.

في كلمته، كرر السيسي الشكر للدول العربية الشقيقة التي دعمت وساندت مصر في المحن، مؤكدا أن "مصر لا تنسى من يساندها كما لا تنسى من يقف ضدها"، وسبق الاحتفال بيوم كلمة جميلة موجزة ومعبرة وجهها الرئيس منصور إلى الشعب، وعلى قدر عمق المعاني والرسائل التي تضمنتها، إلا أن الكلمة فقدت الكثير من تأثيرها عندما تطرق الرئيس إلى القضية الفلسطينية، وبرأيي الشخصي أن الرئيس جانبه التوفيق في هذا الأمر تحديدا، لأنه لا يجب أن نلتزم بقضية ضحينا من أجلها بأكثر من 120 ألف شهيد، وخضنا حروبا بالوكالة عن أصحابها، وفي النهاية كان جزاء مصر وشعبها حقدا أسود جعلهم يقتلون جنودنا ويفجرون منشآتنا ويسرقون خيراتنا في وضح النهار، بعد أن تآمروا مع نظام جبان للاستيلاء على أرض سيناء وطنا بديلا لهم...

لذا وبما أن مصر لا تنسى من يستبيحها ويقف ضدها فلابد من ردع "حماس" الإرهابية وتوجيه ضربة عسكرية إليها تردعها وتؤدبها، مع الإسراع في إنشاء المنطقة العازلة بيننا وبينهم بعد تفجير الأنفاق بمن فيها مهما كان عددهم.

وحتى نصبح "أم الدنيا قد الدنيا" يجب بسط الأمن في ربوعها، وهذا لن يحدث إلا بالحزم في تطبيق قانون الطوارئ بحذافيره على المخالفين أيا كانوا... فهل يعقل أن تتحدث القوات المسلحة عن أن العملية العسكرية في سيناء انتهت تقريبا، ويأتي الرد في اليوم التالي بتفجير مديرية الأمن، واستهداف منشآت القمر الصناعي وتفجير عبوات ناسفة في محافظات عدة! ..

وهل يعقل أن يتساهل الجيش والشرطة مع متظاهري الجماعة المحظورة الذين يحرقون ويقطعون طرق ويقتلون الأبرياء ويفسدون حياة الشعب؟!، وهل يعقل أن يفلت من العدالة حتى الآن رموز الإرهاب والتحريض والجريمة من أمثال العريان وعزت والزمر وعبدالماجد وغيرهم؟!... يا قادة مصر لن تستقيم أمور "أم الدنيا" إلا بالقانون والتشديد في تطبيقه على الجميع.

الجريدة الرسمية