رئيس التحرير
عصام كامل

سخافة الجزيرة وخطيئة الجامعة العربية


خلافا للسنوات السابقة، تكاد الانتخابات فى إسرائيل لا تهم العالم العربى المشغول بمآسيه وأزماته وحروبه الأهلية.
ففى مصر، هناك الاضطرابات والمظاهرات التى لا تكاد تتوقف، فيما تعانى ليبيا من التفكك التام، ما جعل موضوع إسرائيل يكاد يشطب من جدول الأعمال العربى فى السنتين الأخيرتين.

وإذا كان فى الماضى تم التشديد على هذا الموضوع بشكل مهووس لمنع الانشغال بالمشاكل الحقيقية للعالم العربى، فإن هذه المشاكل طفت على السطح بصورة تراجع معها الاهتمام بالشأن الإسرائيلى، كما تراجع الاهتمام بإسرائيل وبالفلسطينيين فى المنطقة العربية والشرق أوسطية إلى مكان هامشى فى عصر العواصف العربية، وعليه فيكاد لا يكون هناك ذكر أو تناول للانتخابات للكنيست إلا فى الهوامش. ففى الماضى كانت إسرائيل عاملا نشطا فى أيدى الحكام العرب، ولكن هذا العامل أصبح اليوم هامشيا.
بعد سنتين من اندلاع الاضطرابات العربية، تراجعت إسرائيل إلى حجمها الحقيقى ولم تعد فى حجمها الوهمى كدولة صغيرة وغير مركزية على جدول الأعمال العربى الذى ينشغل بالمصير المرير الذى انتظر ولا يزال ينتظر دوله ومجتمعاته.

الأمر يختلف بالنسبة لقناة وموقع 'الجزيرة' فقط، واللذان لا يزالان يشددان على موضوع الانتخابات فى إسرائيل وأن لم يكن على الإطلاق مثلما كان فى الماضى، وهما يفعلان ذلك بحكم كونهما وسيلتى إعلام تعبران عن النفور العميق من إسرائيل، وانطلاقا من الرغبة فى اتهامها بكل المشاكل، أما العالم العربى فيعيش فى حداده الخاص. وما تصطنعه شبكة 'الجزيرة' سخيف فى ظل التقارير التى تتحدث عن الذبح فى سوريا والقتلى فى مصر وفى اليمن، وعن الاضطرابات فى المغرب والرهائن المختطفين فى الجزائر، ولما كنا نعيش فى واقع الأنظمة الإسلامية التى ليست دوما دبلوماسية، فان دعوة الجامعة العربية من القاهرة لعرب 48 للتصويت بجموعهم فى الانتخابات للكنيست، أثارت اهتماما معينا.

وقد أثارت هذه الدعوة حوارا غريبًا، وأثار تساؤلات فكيف تدعو الجامعة العربية لإعطاء شرعية للانتخابات فى إسرائيل بدلا من أن تدعو إلى مقاطعتها؟ من الأفضل إحراج إسرائيل.
الاهتمام الذى يبديه الشرق الأوسط فى عصر الربيع العربى بانتخاباتنا قليل. وهو مرصع بالأوهام وبالهذل المناهض لإسرائيل الذى يذكر بعصر ما قبل السلام مع إسرائيل، وأساسه الرغبة فى المس بإسرائيل قدر الإمكان من خلال تحريض الفلسطينيين ضدها وإضعاف صورتها الديمقراطية فى العالم.
نقلا عن يديعوت أحرونوت


الجريدة الرسمية