رئيس التحرير
عصام كامل

مبارك كان بوسعه إنقاذ نفسه من الإهانة لو هبط بطائرته إلى السعودية


يوم الثلاثاء الماضى، هبطت مروحية عسكرية تقل الرئيس المصرى محمد مرسى فى مستشفى المعادى العسكرى، حيث صعد مرسى إلى الطابق الرابع لزيارة جنود أصيبوا فى حادثة قطار رهيبة خلفت 19 قتيلا وجماهير معربدة غاضبة، بعد ذلك نزل إلى الطابق الأول من المستشفى لتلتقط له الصور أمام الميكروفونات.

وتجاهل مرسى عن قصد الحديث عن الرئيس السابق حسنى مبارك والذى يتلقى العلاج فى الطابق الثانى من نفس المبنى، فالحاكم الجديد يحرص على ألا يسمع أحد صوت الرئيس المخلوع. لا أحد فى وسائل الإعلام ينجح فى الاقتراب من مبارك حتى اليوم. وعندما باغت صحفى مرسى بسؤال عن السبب وراء عدم استطلاعه سلامة سلفه، تلعثم مرسى قبل أن يرد سريعًا بأن زيارته كانت لزيارة الجرحى فقط.
فى نفس الوقت نجح محامو مبارك فى عقد صفقة مع نظام الحاكم الحالى، وأعاد مبارك وسوزان ونجلاهما ثلاثة ملايين دولار تلقوها كـ "دليل ولاء" من جريدة الأهرام فى سنوات حكمه الست الأخيرة. ومن السهل التخمين ماذا كان سيحصل عندنا لو تبين أن عائلة نتنياهو حظيت بالملايين وبالمجوهرات باهظة الثمن على سبيل 'الشكر الخاص' من صحيفة إسرائيلية.
فى هذه الأثناء لم يتقرر موعد إعادة محاكمة مبارك, بتهمة عدم منع قتل أكثر من ثمانمائة متظاهر , ولكن المدعى العام حرص على أن يرتب لمبارك 15 يوماً اعتقال جديد، وللمرور بسلام عن المظاهرة المخطط لها يوم الجمعة القريب القادم.

فميدان التحرير سيمتلىء بعشرات الآلاف من المتظاهرين إحياءً للذكرى الثانية لإسقاط الحكم. ثورة؟ ليس مؤكدا. ومن بعيد يبدو أن تسميتها بانتفاضة هو أمر أكثر دقة. فالشباب تظاهروا، والإسلاميون ركبوا بالمجان وأخذوا الحكم، والمحصلة النهائية أن مصر لا تؤدى وظيفتها وأنها تعانى من أزمة اقتصادية عميقة، ولا يفصلها سوى سنتيمترات فقط عن خطر الإفلاس الخطير، ومرسى لا ينجح فى أن يقنع أحدًا بأنه سيطر على الوضع، ولا توجد أماكن عمل جديدة، والإضرابات لا تتوقف فى المصانع، ولا يعرفون كيف يعالجوا الإرهاب فى سيناء.
قبل شهرين أعرب السناتور الأمريكى جون ماكين عن ندم مفاجئ على الدفعة الأمريكية لرحيل مبارك، وأول أمس، شرح ماكين لمرسى سبب رفض البيت الأبيض تصريحات المعادية للسامية، ومن وصفه لليهود بأنهم أبناء القردة والخنازير، ولم يجد مرسى أمامه سوى الرد بأن هناك من تعمد إخراج أقواله عن سياقها، مضيفًا: "ليس لدى أى شىء ضد اليهود".
المريض العجوز فى الطابق الثانى فى المستشفى فى المعادى كان يمكنه أن يوفر لنفسه المعاناة والإهانة، لو أنه أصدر الأمر لطيارى المروحية العسكرية الذين نزعوه من القصر بأن تهبط فى السعودية. ولكن مبارك اصر على أن ينهى حياته فى مصر فقط، والجروح ستفتح من جديد فى اعادة محاكمته.
سيحاول فريق الدفاع عنه إثبات أن الإخوان أطلقوا النار على مئات المتظاهرين. وسيصر الادعاء العام على أن مبارك رأى ما يحصل فى الميادين، ولم يصدر الأمر بوقف القتل. لا يمكن لأحد أن يخمن اذا كانوا سينقلوه على النقالة أمام هيئة القضاة، وما إذا كان الادعاء سينتصر والمؤبد سيؤكد، أم سيقررون فرض حكم مخفف عليه، القانون المصرى يحظر تشديد العقاب، لن يشنقوا مبارك، ولكن لا أمل فى التبرئة أيضا.
نقلًا عن يديعوت.

الجريدة الرسمية
عاجل