لماذا لا نفرح مع الشعبين الأردني والتونسي ؟!
أتذكر أنني عشت أحلى لحظات حياتي في الغربة عندما فاز منتخب مصر ببطولتي كأس أفريقيا عامي ٢٠٠٨ و٢٠١٠ حيث كنت وقتها مثل أي مصري في الخارج في حالة نشوة وفرح وسعادة وفخر بمنتخب بلادي .. هذه السعادة شاركني فيها الكثيرون من الزملاء والإخوة العرب الذين أعيش وأتعامل معهم في قطر بشكل يومي ..
كنت أشعر بصدق بمن هو سعيد من قلبة ومن هو سعيد من وراء قلبه ومن هو حزين من كل قلبه أيضا .. كنت وقتها أستغرب ممن هم ليسوا سعداء بل وتأثرت كثيرا ولكن عندما تيقنت من الأسباب الحقيقية ارتحت نفسيا لأنني اكتشفت بأنهم مرضى نفسيون .. هذه الذكريات تجددت عندي خلال هذه الأيام عندما تحدث معي أحد الأصدقاء الأردنيين غاضبا من اكتشافه عدم سعادة بعض الإخوة بعد صعود المنتخب الأردني إلى الملحق النهائي المؤهل للمونديال عقب مباراة أوزباكستان الأخيرة .. فلم أملك سوى تهنئته من كل قلبي وتهدئته وطالبته بألا يعير أي اهتمام بهؤلاء المسودة قلوبهم والمرضى النفسيين .
الحديث في هذا الموضوع يجرني إلى التحدث بصراحة عن موقفنا نحن العرب من بعض في المواقف التي تستدعي الفرح أو التي تستدعي الحزن وخاصة في كرة القدم .. فلا أحد يستطيع أن ينكر وجود الغيرة أو حتى الحقد داخل النفس البشرية .. ولكن المشكلة في أننا لا نستطيع أن نفرق بين هذه المشاعر في المواقف المختلفة .
وهنا أتساءل بيني وبين نفسي .. لماذا حزنت من خروج المنتخب القطري على سبيل المثال من تصفيات المونديال؟ .. هل لأنني أعيش في قطر ولذلك أصبحت مرتبطا بها عاطفيا أم أنني كنت سأحزن لو لم أكن أعيش فيها ؟ .. ولماذا حزنت لخروج المنتخب المغربي .. ولماذا حزنت ثم فرحت مع خروج وعودة المنتخب التونسي .. ولماذا فرحت بصعود المنتخب الأردني .. ولماذا أتمنى دائما فوز وصعود أي منتخب عربي إذا كان لا يلعب أمام منتخب بلادي ؟ .
الإجابة عن كل هذه التساؤلات تنحصر عندي في عروبتي التي تعلمتها وعشقتها من كل ما قرأته وسمعته من الزعيم الراحل جمال عبد الناصر .. فعندما يفرح الشعب الأردني بصعود منتخب بلاده يجب أن أفرح معه طالما فرحته لم تسبب لي أي ضرر .. وعندما يفرح الشعب التونسي يجب أ يتكرر الشعور طالما أنا مؤمن بأن صعود أيهما أمن صعود أوزباكستان أو الرأس الأخضر .. فمن يري عكس قناعتي فهو مريض نفسيا وقلبه أسود ومعقد .
من الممكن أن يكون الرد على كلامي بأنني مبالغ في المثالية لأن الواقع عكس ذلك .. ولكن في قناعتي أن هذا الكلام سيكون صحيحا لو أنني قولت بأنني سأكون سعيدا بصعود منتخب الأردن أو تونس أو أي منتخب آخر على حساب منتخب بلادي .. وقتها لن أكون مبالغا في المثالية ولكن سأكون منافقا وكذابا .
فعندما أتمنى صعود أي منتخب عربي إالمونديال .. أيضا لا أتمنى أن يكون صعوده على حساب منتخب بلادي .. ولكن إذا حدث ذلك وتحقق سأكون حزينا لعدم صعود منتخب بلادي وسأشجع المنتخب العربي في المونديال .. هذه قناعتي وهذا شعوري .. ولذلك كنت أتمنى صعود منتخبي قطر والبحرين على حساب إيران وكوريا وأوزباكستان مثلما تمنيت صعود العراق والاردن وعمان على حساب اليابان واستراليا مثلما فرحت بصعود الأردن على حساب أوزباكستان وتونس على حساب الرأس الأخضر والجزائر على حساب مالي .. وسأكون أكثر سعادة بصعود منتخب بلادي على حساب أي منتخب في العالم حتى لو كان عربيا شقيقا وصديقا .
gebaly266@yahoo.com