رئيس التحرير
عصام كامل

قبل أن ينال منا الجوع


ذلك الشعب الذي بنى أجداده "الأهرامات بوجبة طعام تتألف من " خبز وبصل وسردين " غير مهتمين بما يقدم لهم من طعام أو مال أو ملبس أو مسكن، كل ما كان يشغلهم هو تنفيذ إرادة الفرعون المباركة بكلمات الآلهة، وبالتالي فبالنسبة للمصريين القدماء بناة الأهرام، فإن عملهم في بناء الأهرام هو شرف وعظمة الجميع من حولهم يتوافق عليها ويعتبرها كذلك .



وللعلم، هذا كان حال الشعب المصري طوال حياتة، طيب، يرضى بما يقسم له، ينفذ ما يطلب منه طالما كان هناك من الحاكم ورجال الدين سواء كانوا كهنة بالمعابد الفرعونية أو باباوات في الكنيسة المصرية أو شيوخ بالمساجد المصرية بالإضافة إلى كونه يمتلك الحد الأدنى من الحياة .

ولكن طيبته وإجماع رجال الدين مع الحكام لم تخلع عنه حقوقه في الحياة، فعندما اشتد عليه الظلم من ضرائب ومجائع وقلة في المال والطعام، خرج في أول ثورة بالتاريخ ضد بيبي الثاني، الفرعون الذي تولى الحكم وكان في سن الـ 6 سنوات .. وحكم قرابة المائة العام ولفساد عائلته وبالتحديد خاله وأنصاره واستعباد الكهنة للعمال وخلع عنهم حقوقهم في الأجر والمال .. خرج الشعب الطيب المتدين ليحرق كل شيء وينهب كل بيوت الأغنياء والكهنة ويحرق كل ما يصل إليه .

فعلها المصريون كثيرا، يصبرون صبر الجمال وتحسبهم أمواتا ثم يخرجون بلا عودة قبل أن يقتصوا ممن جعلهم يعانون، أفقرهم وجعلهم محتاجين، أذلهم وجعلهم عبيد لقمة العيش، نزع عنهم التحضر وأراد لهم أن يعيشوا حياة البدو.

لنقف قليلا ونقول " قبل أن ينال منا الجوع " ماذا علينا أن نفعل وقد نال بالفعل، وما زلنا ننتظر اليوم أو الغد لننفجر، فما يؤخر الانفجار يوما بعد يوم أكثر من شيء"، الأوضاع الكارثية التي تسببت بها الجهات السياسية والدينية بالبلاد، والوطنية التي ما زالت لدى البعض من جانب والطيبة التي بين الشعب وبعضه والمحبة الإنسانية التي تجعل من الشعب ذاته كفيلا لبعضه، يقتسم الأرزاق مناصفة، والخبز على الجميع .. 

ولكن أؤكد لكم أن كل ذلك لن يستمر فالوطنية تواجه الجوع قليلا ولكن ليس طويلا، الطيبة في القلوب ولكن ما باليد حيلة حين تخير أتعطي الخبز لأولادك ام تقتسمه مع جيرانك، والدين لم يبق كما كان فقد وصل لأدنى مستوياته بفضل ما فعله ممثلوا الدين بالشعب !!

علينا أن نعي ذلك ونحن نشاهد الفقر يوما بعد يوم يأكل الجميع حولنا، إن لم نقدم الخير الآن وغدا وبعد غد وكل لحظة تتاح لنا، فلا نندم على ما سيصيبنا إن خرج الوحش الحقيقي .. كلماتي للجميع " الفقراء بتدرجاتهم، الأغنياء جميعا " لم تعد هناك طبقة وسطى، أصبح هناك فقير أو فقير جدا أو غني أو غني جدا .. فتلك الطبقة الوسطى التي كانت ترتاد النوادي وأبناؤها في نفس جامعات ومدارس الأغنياء انتهت، أصبحنا جميعا منقسمين قسمين " قسم أ دور سفلي وعلوي وقسم ب دور سفلي وعلوي !!
Ibra_reda Twitter

الجريدة الرسمية