رئيس التحرير
عصام كامل

العياط والچاشنكير


إنها مصر في بدايات العام ١٣٠٩م، بيبرس الچاشنكير يجلس على العرش بعد حالة من الفوضي عمت كل أرجاء مصر.. إنها مصر في منتصف العام ٢٠١٢م، محمد مرسي العياط يجلس على العرش بعد حالة من الفوضي عمت كل أرجاء مصر، كان الچاشنكير ينتمي إلى جماعة خاصة وشاذة عن باقي مماليك مصر كونه كان چركسيا فكانت لهم طقوسهم الخاصة وأهدافهم الدفينة وهي استحواذ جنس الچاركس على مربع السلطة، وكذلك كان الحال مع العياط الذي انتمي إلى جماعة شاذة تختلف عن النسيج المصري العام في طقوسها وأهدافها التي هي نفس أهداف جماعة الچاشنكير، وقد توهمنا جميعا أن العياط هو حالة متفردة من حيث النحس الذي أصاب مصر في عهده، إلا أن الچاشنكير له رأي آخر فهو من سبق مرسي إلى هذه الحالة، فبمجرد جلوسه على العرش شهدت مصر نقصانا حادا في مياه النيل فشحت المواد الغذائية وماتت البهائم وارتفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه جدًا، ورغم ذلك أخذ الچاشنكير ينكر الواقع القائم على الأرض متهما أعداءه من فلول السلطان قلاوون بتدبير هذه الأزمة الاقتصادية وقد فعلها العياط متهما الواد بتاع العشرين جنيه وأذناب النظام السابق، بل أضاف بعض الأصابع متفوقا في هذا على الچاشنكير، وقد كان هذا الأخير في سباق مع الزمن لتمكين جماعته من السيطرة على مفاصل السلطنة المصرية مقصيا كل أتباع السلطان الناصر قلاوون، وهو ما فعله العياط وجماعته كانوا يتسابقون مع الزمن من أجل الهيمنة الكاملة على كل مقاليد ومفاتيح الحكم في مصر - الحزينة - ولكن الفارق الوحيد هو أنهم كانوا يضطهدون كل الشعب المصري دون تمييز، فثار الشعب ثورة غاضبة وأخذ يتجمهر في الشوارع معلنا رفضه لهذا الكابوس، وكان هو الحال نفسه قائما في شوارع القاهرة وأمام قلعة الجبل وعند الأبواب الرئيسية للقاهرة القديمة مئات من المصريين في ثورة عارمة يهتفون ضد الچاشنكير، وهنا نقف لنتأمل ظهور الشعب المصري في المشهد السياسي للبلاد وكيف كانت له الكلمة والتأثير أمام حاكم لا يعرف غير رائحة الدم وفي عصر لا يؤمن بحرية وكرامة الإنسان بل لا يعرف أي معني للإنسانية بوجه عام، وقد تجسدت روح هذا العصر في أيام حكم العياط الذي لم يبك على أطفال الصعيد ولم يلتفت لدماء المصريين التي كانت تراق بشكل يومي في حوادث متفرقة بسبب الإهمال وخيانة الأمانة المقدسة ( الإنسان المصري)، ويبقي الشعب هو السيد على مسرح الأحداث، فقد اهتز عرش الاثنين حينما بدأ غضب الشعب يشتعل وعليه بدأت المحاولات اليائسة من الاثنين، فقد قام الچاشنكير بالقبض على الأبرياء من كبار التجار وأخذ يبتزهم ويشهر بهم أمام الناس مدعيا أنهم سبب الأزمة الطاحنة وقد سرقوا خيرات مصر، بل تمادي في الأمر وقتل بعضا منهم في الشوارع العامة وأمام المارة، وقد نفذ العياط نفس النهج عندما طارد هو وجماعته أثرياء مصر بغرض الابتزاز إلا أنه لم يصل إلى ما وصل إليه الچاشنكير، فقد تصدي الجيش المصري للأمر برمته وعزل العياط بالقوة وبتفويض شعبي وهو ما حدث مع الچاشنكير الذي طرد من القاهرة باحتفال كبير وكم هائل من اللعنات والشتائم وكل مظاهر التحقير، حتي إنه أخذ يبكي بشدة.. قد تكون هذه الأحداث مجرد صدفة من صنع التاريخ، وقد تكون درسا عميقا تتعلمه كل الدنيا من الشعب المصري.

الجريدة الرسمية