رئيس التحرير
عصام كامل

وطنية البلتاجى!


عقب انتصار ثورة يناير.. اختلفت رؤيتى مع عدد من الأصدقاء، الذين عبروا عن قناعتهم بأن جماعة الإخوان ليست فريقًا متجانسًا.. وإنما بينهم «حمائم وصقور».

واستدلوا على صحة اعتقادهم بمواقف بعض من قيادات الجماعة القريبة من التيار المدنى، ودفع الحماس أحد الأصدقاء للإشارة إلى أن محمد البلتاجى أقرب إلى الليبراليين من بعض الذين ينتمون إلى هذا التيار.. ولم يكن البلتاجى وحده الذي وضع في قائمة «الحمائم» التي شاركه فيها العريان والجزار وغيرهما.
راهن الأصدقاء على أن تيار الحمائم سيجبر الصقور على مراجعة مواقفهم.. ويدفعهم للالتحام في الصف الوطنى.
كان رأيى مختلفًا … يتلخص في أنه لا يوجد في صفوف الجماعة «صقور وحمائم».. وما يبدو من فروق بينهم لا يعدو أن يكون من قبيل توزيع الأدوار بهدف تحقيق هدف واحد.. الانفراد بالحكم.. وإقامة الخلافة الإسلامية.
بعد أن تدفع «بالحمائم» لإقناع التيار الليبرالى بأنهم يسعون إلى الحكم من أجل إقامة دولة مدنية.. يتعايش فيها الجميع بحرية كاملة.. ووجدت من بين الليبراليين من يبتلع الطعم.. ويساند مرشح الجماعة للرئاسة الذي أسرف في تقديم الوعود من أجل الحصول على المنصب.. ثم تنكر لها بمجرد وصوله إلى قصر الرئاسة.
كما دفعت الجماعة «صقورها» للتقرب من المتشددين في التيار الإسلامى وإقناعهم بأنهم لا يسعون للسلطة إنما من أجل إقامة دولة دينية يقام بها شرع الله وأن الجماعة تحتاج إلى تأييد الإسلاميين حتى قبل القبض عليه بساعات.. وقوله!
إن الجيش قتل الجنود في رفح لصرف الأنظار عن عملية قتل معتقلى الإخوان قبلها بساعات.
إذا كان هذا التصريح قد صدم بعض الذين راهنوا على وطنية الرجل.. فإنه لم يصدم الذين فرض عليهم الاستماع إلى الخطب التحريضية للبلتاجى من منصة إشارة رابعة، لمجرد أنهم يقيمون في المنطقة.. وتقتحم عليهم خطابات المنصة طوال ساعات الليل والنهار دون أن يتمكنوا من تجنبها.
كانت معاناة أسرتى مع غيرى من أبناء المنطقة شديدة، فرض علينا خلالها الاستماع إلى رؤية الجماعة لقضايا الوطن الذي يستوعبهم.. ولا يعترفون به.
بدا للعيان أن البلتاجى يرى أن استعادة الإخوان حكم مصر يعلو على غيره من الأهداف.. حتى لو كان السبيل إلى ذلك.. هذه الدولة المصرية.. التي سيقيمها الإخوان بعد ذلك على أسس سليمة.
عندما احتفل المعتصمون بما أشيع عن اقتحام طائرة إسرائيلية للأجواء المصرية.. دون أن تتصدى لها مقاتلاتنا.. بما فسره الإخوان بأن الجيش المصرى لم يعد قادرًا على حماية الوطن.. لانشغاله بالسياسة.
أعلن البلتاجى من على المنصة أن الجيش المصرى فقد قدراته القتالية ولم يعد قادرًا على مواجهة العدوان الإسرائيلى.
قد سبق للبلتاجى أن تحدث عن هزائم الجيش سواء أمام فرنسا أو بريطانيا أو إسرائيل عام ٥٦ التي حاول عبدالناصر - حسب زعمه - أن يحوله إلى انتصار، أو هزيمته في اليمن.. ثم هزيمة ٦٧ التي زعم عبدالناصر أنها نكسة بينما هي فـي حقيقة الأمر هزيمة منكرة.
يقدم البلتاجى للمعتصمين أحد الشيوخ بأنه عالم أزهرى ليشيد المحتشدين بأن إقامة «الجيش الحر» القادر على حماية الوطن.. أمر لا يحتمل التأجيل.
يعلن الرجل أنه لا يتحدث باسمه وإنما باسم الأئمة من خريجى الأزهر الذين شكلوا حركة «علماء ضد الانقلاب» من أبرز أهدافها إنشاء «جيش حر» يتصدى للجيش المصرى الذي خالف رئيسه مرسي.. ولم يطبق شرع الله.
لم يتوقف البلتاجى عن دوره في التحريض ضد الجيش الوطنى، حتى بعد فض اعتصام رابعة، وإنما أخذ يوجه رسائله التحريضية من خلال قناة الجزيرة.. ويطالب أتباع الجماعة بعدم التوقف عن التظاهر الذي أدى إلى إحراق الكنائس والمساجد وقتل العشرات من المواطنين الآمنين.
عندما تم القبض على البلتاجى أعلنت سلطات التحقيق أنه كان يدعو للتظاهرات السلمية.. وأنه فعل ذلك من أجل الحفاظ على الوطن!
الوطن بريء من جرائم البلتاجى.. وإخوانه!
نقلا عن جريدة فيتو
الجريدة الرسمية