رئيس التحرير
عصام كامل

والله مش إحنا.. معاليك


مدهش حقاً رد فعل الإخوان على جريمة تفجير حى مدينة نصر ومعه موكب وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، والذى انتهى بإصابة العشرات بينهم 7 من ضباط ورجال الشرطة، وإثارة الفزع فى قلوب الآمنين من سكان المنطقة، ووضع "علامة" على وجوههم أشبه بجرح مطواه للمرة الثانية بعد اعتصام رابعة المشبوه المسلح.


والأكثر إثارة فى رد فعل أتباع الجماعة المحظورة المسلحة، هو خروج مظاهرات للعشرات من أعضائها فى مناطق شتى لإدانة واستنكار الحادث والتبرؤ منه بعبارة فكاهية "مش إحنا معاليك والله"، بالتوازى مع إدانة قطرية معدة سلفاً، ولا أزمة فى استصدار عبارات أدوغانية لاحقاً تشبه الحكومة المصرية بمن "تلقى بلاويها على خلق الله".

تقليعة الجماعة الجديدة أتأملها بعد مشهد قيام مسيرة سلمية لأعضائها بإطلاق الرصاص على شرفات منزلى وجيرانى قبل أسبوعين لأننى كنت أعلق "بوستر" تمرد، بينما جيرانى يرفعون صور السيسى، وكلما قصصت الواقعة لمحبيهم كذبونى واتهموا "بلطجية" بافتعالها، رغم أن خرطوش الجماعة لايزال مستقراً بعين جارى المحامى وأجساد 11 شخصاً طالتهم أسلحة "السلميين".

ورد الفعل الإخوانجى على محاولة اغتيال الوزير أمس أضحكنى، لأستعيد معه ذكريات الكذب الجماعى لقواعد التنظيم فى الشارع المصرى، حينما كانت المحظورة تعلق لافتات الوعيد بالجنة للمصوتين بنعم على تعديلات 19 مارس 2011 وتكفر المصوتين بـ"لا"، وحينما تواجههم بأفعالهم يردون عليك "والله مش إحنا دول السلفيين".

ولأن السلفيين الحائط المائل فى رحلات الكذب الإخوانى، كانت عملية تلويث سمعة المنافسين السياسيين والثوار سهلة التطبيق مع التبرؤ منها بنفس الطريقة، حتى إذا ما عادت على ألسنة نساء التنظيم عملية ترويج فتاوى تحريم شراء سيدات البيوت الجزر والخيار والباذنجان باعتبارها من المحظورات لإمكانية إساءة استخدامها فى أغراض الاستثارة الجنسية، كان التعقيب جاهزاً "والله السلفيين مش إحنا"، وصولاً إلى فتاوى تحريم التصويت لغير مرشح الجماعة فى انتخابات البرلمان والرئاسة السابقتين.

ورغم أن تاريخ العنف المسلح المستند إلى تأويل أو تفسير دينى زائف، لم ير النور فى تاريخنا المعاصر إلا بظهور الجماعة، إلا أن كل جرائم القتل والإرهاب التى شهدتها مصر خلال العقود الأربعة الماضية يحاول التنظيم إلصاقها بتيارات سلفية وجهادية أخرى وكأن الأخيرة لم تتشرب من أفكار البنا وقطب شيئاً، وكأن منصة رابعة ضمت هؤلاء وأولئك مصادفة، كما جمعتهم على قمع اليسار بتأييد ساداتى صدفة قبل الاتفاق على الخلاص من الرئيس المؤمن والمجيء بقتلته إلى المنصة فى أول احتفال بأعياد أكتوبر فى ظل حكم الرئيس المشئوم المطرود.

وقبل أن تكرر الجماعة عبارة "وحياة الأخوة مش إحنا"، التى رددتها فى وقائع تصفية الخازندار والنقراشى والسادات والمحجوب وكررتها فى محاولات التخلص من النحاس وعبد الناصر وعاطف صدقى ونجيب محفوظ وآخرين، كان إعلامها يردد أسطورة الاستغباء التى تتلاعب بقطاعات من الشعب تحيا بلا عقل جمعى، فيرددون "أمن الدولة نفذت العملية كى تختلق مبرراً لاعتقالنا"، وهى الأسطورة التى كررتها فى حوادث قتل جنود وضباط الجيش بسيناء مرات، وحرق أقسام الشرطة والكنائس والمتاحف فى أحداث يوليو الماضى، وروجت لها فى حادث استاد بورسعيد لتسبق حكم القضاء.

جماعة الكذب أصبحت تحترف اللصوصية التى لا مصالحة معها، تقتل القتيل وتسير فى جنازته أو تسرق جثته وتنسبه إليها وهو الإجراء الأسهل كما فعلت فى أحداث الاتحادية ورابعة، حين استخدمت نفس صور ضحايا رصاصها وتعذيبها فى الترويج لهولوكوست اتهمت الشرطة والجيش بارتكابها واستمالت الغرب به، ربما نجاة وزير الداخلية من الموت أنقذته من فبركة بطاقة عضوية له فى التنظيم، أو حرمته نيل شرف لقب "شقيق العريان فى الرضاعة".
الجريدة الرسمية