الصين تعرض إسهاماتها الاقتصادية خلال قمة العشرين.. بكين تأمل بتعزيز تعاونها الدولى وترسيخ مبادئ جديدة للإصلاح الاقتصادى..الرئيس الصينى يدعو لتعزيز حصص صندوق النقد الدولى وتعديل سلة العملات
يرى محللون ومراقبون صينيون، أن اجتماع قادة اقتصادات مجموعة العشرين في مدينة سان بطرسبرج شمال غربي روسيا لبحث الوضع الاقتصادي والمالي الحالي في العالم، يأتي ضرورة ووسيلة لمواجهة تباطؤ الانتعاش في الدول المتقدمة وحدوث تقلبات في الاقتصادات الصاعدة، إضافة لتعزيز التعاون على الصعيد الاقتصادي.
وفى تقرير نشر بالصحف الصينية الصادرة اليوم الجمعة، فقد أدت الخلافات بين الأعضاء حول القضايا السياسية والأمنية إلى تدهور روح التعاون قبل القمة، بيد أن العالم مازال بحاجة إلى التلاحم في القمة التي من المتوقع أن تركز على المصلحة المشتركة من وراء ضمان انتعاش مطرد للاقتصاد العالمي وليس على الخلافات السياسية، حيث تأمل الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم في أن تدفع القمة التعاون والانفتاح والإصلاح والتنمية قدما.
ويوضح التقرير الصيني أنه منذ انعقاد القمة الأولي لمجموعة العشرين عام 2009، أبدى قادة الاقتصادات الكبرى بالعالم شجاعة ورؤية لم يسبق لهما مثيل في تعزيز التنمية، ما جعل القمة تدريجيا أعلى المنتديات لبحث التعاون الاقتصادي العالمي، وقبيل القمة، وصف الرئيس الصيني شي جين بينغ مجموعة العشرين بأنها "منتدى رئيسي للتعاون الاقتصادي العالمي" سيدفع المجتمع الدولي إلى تدعيم التعاون بشأن سياسات الاقتصاد الكلي.
أضاف أنه مع ذلك، تحول تركيز القمة بسبب عدد من العوامل السياسية، أهمها برنامج "بريزم" الأمريكي للتجسس والأزمة السورية، وبالرغم من أن أعضاء مجموعة العشرين يمثلون نحو 90 في المائة من الاقتصاد العالمي، إلا أن المجموعة لا ينبغي أن تتصرف كأمم متحدة وتتورط في نزاعات سياسية وأمنية بل ينبغي عليها التعاون من أجل "تحقيق النمو وخلق فرص العمل" لعلاج الاقتصاد العالمي العليل.
من جانبهم، أوضح قادة الصين أن أفضل إسهام من جانب الصين في الاقتصاد العالمي هو ضمان تنميتها الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية من خلال الإصلاح الهيكلي، وأنه بفضل فوائد الإصلاح ستغدو التنمية الاقتصادية للصين أكثر ثباتا في المستقبل.
وفي ظل عالم أكثر تشابكا من ذي قبل، فإنه من الضرورة بمكان أن تنسق الدول سياساتها الاقتصادية، وهو الهدف الرئيسي لمجموعة العشرين، حيث نتجت الاضطرابات المالية الأخيرة في الأسواق الصاعدة بشكل جزئي عن تحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) لإلغاء سياسة التيسير الكمي تدريجيا، ولأن تغيير هذا النوع من السياسات سيكون له آثار واضحة، فينبغي على أعضاء مجموعة العشرين التواصل مع بعضهم البعض بفعالية لتوجيه السوق.
وأشار المحللون الصينيون إلى أنه خلال العام الماضي، تأثرت الصين على نحو متكرر من إجراءات الحمائية في مجالات مثل الحديد والصلب، والمنتجات الكهروضوئية، والاتصالات فمازالت بعض الدول متمسكة بعقلية الحمائية وفرض الحواجز التجارية، مستشهدين بتقرير صدر في وقت سابق من الأسبوع الجاري عن المفوضية الأوربية أن نحو 150 من القيود التجارية الجديدة قد فرضت من قبل دول الاتحاد الأوربي في العام الماضي.
وأضاف التقرير أن ثمة حاجة إلى تدعيم الجهود العالمية لمكافحة الحمائية التجارية للمساعدة في حماية الانتعاش الاقتصاد الهش، وعليه فمن أجل حماية نظام تجاري متعدد الأطراف يتسم بكونه حرا ومفتوحا وغير تمييزي وتحقيق تنمية متبادلة المنفعة، حث قادة الصين جميع الدول على معارضة الحمائية، في وقت لا تمثل دعوة الصين استجابة لمخاوفها فحسب، وإنما تعد أيضا التزاما بالتنافس والتعاون العالميين.
وأشار التقرير إلى رأي مماثل للمفوض التجاري للاتحاد الأوربي كارل دي جوكت حول الحمائية التجارية، وهى نقطة هامة في أجندة مجموعة العشرين، وأن "مجموعة العشرين اتفقت منذ فترة طويلة على تفادي الميل للحمائية لأننا جميعا نعلم أنها لن تؤدى سوى إلى الإضرار بالانتعاش العالمي على المدى الطويل".
من ناحيتها، تعتبر الصين تشجيع ودفع إصلاح حصص صندوق النقد الدولي إنجازا مهما لقمة مجموعة العشرين، حيث أشار الرئيس الصيني مؤخرا إلى أنه يجب أن نستمر في تعزيز تمثيل صوت الأسواق الناشئة والدول النامية"، وأنه على وجه الخصوص، ينبغي أن ننفذ بسرعة خطط إصلاح الحصص والإدارة لصندوق النقد الدولي، ونكمل في الوقت المناسب تعديل صيغة حصص صندوق النقد الدولي والجولة التالية لتعديل الحصص العامة بحلول يناير 2014، وتعديل سلة العملات لحقوق السحب الخاصة كما هو مقرر 2015".
وأشار التقرير الصيني إلى أن النتائج الأولية للإصلاحات لم تجلب فكرا جديدا حول التنمية فحسب، وإنما تعطي أيضا الدول النامية صوتا داخل الصندوق، موضحا أنه في بحث أعد خصيصا للقمة، أشار إلى أن الأسواق الناشئة يجب أن تتقدم بتدابير تدخل عندما تتعرض السوق لتقلبات غير منضبطة، وأنه إلى جانب إصلاح الإدارة، كانت الإصلاحات الهيكلية الداخلية للدول على أجندة أعمال قمة مجموعة العشرين لسنوات.
وقد اندلعت هذه الجولة من الاضطرابات في الأسواق الناشئة بسبب تقليص سياسة التيسير الكمي لبنك الاحتياطي الفيدرالي، بيد أن المشاكل الهيكلية العميقة في الأسواق الناشئة كانت السبب الرئيسي ولذلك، فإن الإصلاح هو الشىء الوحيد الذي يمكن أن يقوي ويعزز نمو هذه الاقتصادات على نحو مستدام في نهاية المطاف، وأنه من بين الدول الناشئة، تقوم الصين بلا شك بدور رائد في الإصلاحات الهيكلية.
وأشار المحللون الصينون إلى أنه بالإضافة إلى حاجة الأسواق الناشئة إلى دفع الإصلاحات بقوة، تعتبر الديون السيادية والاستدامة المالية في الدول المتقدمة أيضا بمثابة مخاطر اقتصادية عالمية رئيسية، ويجب أن يحتل ذلك أيضا أولوية حاسمة للإصلاح لمجموعة العشرين، كما تحتاج آلية التشغيل لمجموعة العشرين إلى إصلاح، خاصة أن الصين تعتبر مجموعة العشرين في مرحلة انتقالية من آلية لإدارة الأزمات إلى آلية تهدف إلى الإدارة الاقتصادية على المدى الطويل".
وأوضح المحللون، في التقرير المنشور بالصحف الصينية حول قمة العشرين، أن التنمية هي أولوية على قمم مجموعة العشرين، وقبل قمة سانت بطرسبرغ، دعت روسيا إلى إجراء مناقشات حول قضايا مثل البنية التحتية والاستثمار على المدى الطويل والتمويل وتنمية الموارد البشرية.
وترى الصين أنه يجب أن تسعى مجموعة العشرين لتصبح شريك تنمية للدول النامية، وينبغي أن تسخر تماما ميزاتها وتبدي التزاما سياسيا أكبر للدفع من أجل إيجاد حلول لقضايا التنمية العالمية. كما ينبغي أن تصيغ شراكات عالمية أكثر فعالية حول التنمية، وتقوم بتعبئة المزيد من الموارد الاقتصادية لمعالجة العدد المتزايد من التحديات التي تواجه التنمية".
وتشير الصين في العديد من المناسبات إلى أنها قدمت إسهامات بما تصفه "قلبها" و"قدرتها"، حيث بحلول نهاية العام الماضي، تجاوز عدد مشروعات المساعدة الصينية في البنية التحتية بالدول النامية 110 مشاريع، فيما تهدف معظم المساعدات التي تقدمها الصين إلى تعزيز الإنتاجية على المدى الطويل، وهي شىء مهم جدا لخفض الفقر وتعزيز التنمية في هذه الدول.
وتعتقد الصين كما جاء في تقرير وسائل الإعلام الصينية، أن المشكلة العميقة للاقتصاد العالمي تكمن في الخلل في التنمية، والعلاج الأساسي للاقتصاد العالمي يتمثل في تضييق الفجوة التنموية بين الجنوب والشمال لتحقيق تنمية متوازنة.