رئيس التحرير
عصام كامل

الجزيرة الغارقة


هل تريد العيش بسلام؟ هل ترغب أن تعشقَ بأمان؟ عليك بالكذب في هذا الزمان ! فالصدق هو الزور وقلة الأمان، والكذب هو السرور والرغد والأمان فما هو الصدق في زمنٍ كثر فيه النفاق ؟ وما هو الكذب في زمنٍ قل فيه الرفاق ؟ كلمات ألهم بها الأديب أديب بازهير.


تعبر عن حال قناة الجزيرة، القناة العربية التي أثارت في النفوس البهجة والسعادة عقب تقدمها يوما بعد يوم، لتصبح في مصاف القوات الفضائية العالمية، التي تعبر عن حالة الأمة العربية وتماسكها، وظن الكثير من جمهور القناة، الساذج مثلي بالطبع أن الجزيرة ستكون سببا في وحدة الشعوب العربية التي تتلهف إلى مجرد سماع كلمة "عروبة"، في ظل ما يتعرض له أشقاؤنا الفلسطينيون من اعتداءات صارخة وانتهاكات لبيوت الله ومقداستنا.

ولأنني ساذج، وأبي أخفق في أن يعملني قيم المكر والخداع "الصحيحة"، صدقت القناة ورسالتها، وصفت لها حين اشتبك مذيعها جمال ريان مع مردخاي كيدار الخبير العسكري الإسرائيلي حين قال للمذيع "إن القدس مدينة إسرائلية ولم تذكر في القرآن"، حينها أوجز المذيع رده بقول الله تعالي "سبحان الذي أسري بعبده"، ولم يكمل مطالبا إياه بالابتعاد عن التعبيرات التي قد تسيء للعرب والمسلمين.

ولا يمكن أن ننسي حين بكي عدد لا بأس به من مذيعي القناة حينما كانوا يشاهدون صور القتل والدماء، كالمذيعتين الجميلتين إيمان عياد، وخديجة بن قنة.

وفي مشهد دراماتيكي، صارت القناة هي من تحرض على القتل والفوضي والعنف، فأنفقت على الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ملايين الدولارات وأسكنته في قصر مشيد على أحدث الطرز المعمارية الحديثة، وجعلت من أزلام قياداتها الاستخباراتية يأتوا له بفتيات في عمر الزهور ليتزوجوا الثمانيني التي يصدر الفتاوي التي تسببت في إثارة الفتنة في البلاد، حتي إنه أجاز تدخل قوات الناتو في سوريا الشقيقة الجبهة الشرقية لبلادي على مر التاريخ.

وأذاعت الجزيرة الغارقة خطابات المتطرف حسن نصر الله، الذي يدعو فيها المصريين إلى الخروج على الفوضي ومقاتلة رجال الشرطة لما أطلق حرية "التحرر"، وأي تحرر يا نصر الله، أفأنت تتحدث عن التحرر والحرية!!!

تركت القلم وتناولت فنجان القهوة التي تصنعها لي والدتي الحبيبة، وبدر في ذهني سؤال لماذا يتقاطع طرح الجزيرة مع الطرح الإسرائيلي دائما؟

الجريدة الرسمية