"الديكتاتور" جمال عبد الناصر!
الذين انتخبوا الإخوان هم أنفسهم من أسقطوهم بعد عام واحد فقط..!! ماذا يعني ذلك؟ الإجابة: يعني أن قطاعا كبيرا منهم انتخبهم وهو لا يعرفهم.. وآخرون انتخبوهم ليجربوهم.. والنتيجة في الأخير واحدة.. هؤلاء وأولئك لم يعرفوا الإخوان قط..!
والذين لم ينتخبوا الإخوان يشتكون ليل نهار من تأثير الزيت والسكر وما تقدمه الجماعة من رشاوى لناخبيهم ليحصلوا علي أصواتهم.. إنها الشكوى الدائمة من تأثير الاحتياج علي الممارسة الديمقراطية !!
في اللقطة الأولي يعاني قطاع من المصريين من الجهل..وفي اللقطة الثانية يعاني قطاع منهم من الفقر.. جمال عبد الناصر الذي تسلم مصر ومشروعها القومي هو "محاربة الحفاء" كان يري أن تعليم الناس وتثقيفهم ورفع وعيهم والنهوض بهم اجتماعيا يجب أن يسبق الممارسة الديمقراطية..وقال إن حرية رغيف الخبز يجب أن تسبق حرية تذكرة الانتخاب.. وكان يعني أن يتحرر الإنسان المصري أولا من كل قلق أو خوف يهدد أمنه ومستقبل أبنائه.. ولذلك كان العلاج المجاني والتعليم المجاني والبعثات التعليمية للخارج لأبناء الفقراء ليعودوا حاملين الدكتوراة وغيرها ليتولوا بأنفسهم قيادة النهضة في بلادنا.. ولذلك أيضا كانت مظلة التأمين الصحي والتأمينات الاجتماعية وتكافؤ الفرص طريقا في الصعود الاجتماعي سواء للحصول علي وظيفة أو للالتحاق بكلية، وفي الوقت نفسه تعود أموال المصريين إليهم في أروع تطبيقات العدل الاجتماعي من خلال مسرح للمواطن البسيط بتذكرة رخيصة وسينما محترمة تنتجها مؤسسة السينما وكتاب بقروش قليلة في سلاسل الألف كتاب وإصدارات الهيئة العامة للكتاب.. وكلها إجراءات في سبيل النهوض بوعي المصري بل وبذوقه وإحساسه العام..والهدف : مواطن قادر علي الممارسة الديمقراطية لا يضحك عليه حزب ولا يهدده أحد ولا تستغله جماعة..!
والنتيجة: لم يكن عبد الناصر ديكتاتورا علي الإطلاق بل علي العكس تماما.. إنما كان الرجل يري أن إجراءات التحول الاجتماعي تستلزم الحسم وإجراءات التنمية البشرية تحتاج خطوات عديدة وأن الديمقراطية وسيله للمجتمع الذي نحلم به ونريده وليس غاية في ذاتها...ولذلك: من يقول إن عبد الناصر كان ديكتاتورا لم يفهم شيئا مما جري وقتها وإنما يتجني في ابتذال علي زعيم كبير حاربته جماعة ملعونة وحاولت تشويهه.. ولكن يرد الله كيد الكائدين!!!