أنا والإخوان.. وهواك
هذه بداية حكايات عن علاقتي بالإخوان المسلمين، جماعة وأشخاصا، حكايات قد تكون ساخرة قليلا كما هو واضح من عنوان المقالة، ولكن تحمل في طياتها ـ كما حاولت أن أخفي ـ الكثير من الأسرار والإشارات، قد تكون مهمة للبعض، وأعتقد أن البعض قد مر بها في فترة من فترات حياته، ويبدو أن ـ فروة ـ الإخوان سوف تقطع ـ كما يقول المثل البلدي المصري ـ
في كتابات كثيرة قادمة سواء كتابات خاصة بي أو خاصة بعدد من الكتاب، عموما، الإخوان المسلمون بيئة خصبة تماما للكتابة والإبداع، ولأن ضيق المساحة الممنوحة لي تجعلني مضطرا أن أدخل فورا صلب الموضوع، بالرغم أن فكرة كتابة رواية أو مذكرات عن تجربتي وعلاقتي مع الإخوان قد بدأت تلح على، ولندخل فورا في الموضوع.
بدأت معرفتي بالإخوان المسلمين بشكل مبهم للغاية وخصوصا مع دراستي الإعدادية والتي حاولت فيها أن أستفيد من الكتب الموجودة في مكتبة مدرستي الإعدادية أو مكتبة والد أحد أصدقائي والذي تركها له أبوه فتركها لصديقي هذا ولي أنا أيضا، فقد كان هذا الرجل صديقا لوالدي ووالدي مدرس لصديقي هذا ونمت بيننا صداقة الكتاب، فكنا نتبادل في البداية روايات رجل المستحيل ثم مع النضج قليلا بدأنا نقرأ لكبار الروائيين وقبل نهاية المرحلة الإعدادية كنا قد أنهينا كل مؤلفات نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس ويوسف السباعي ويوسف إدريس وتوفيق الحكيم ومحمد حسين هيكل وغيرهم من الكتاب العظام حتي وقعت في أيدينا "مذكرات الدعوة والداعية" لحسن البنا والتي قرأتها أنا وصديقي وتناقشنا فيها من ناحية وجهة نظر البنا، وهنا كانت البداية الأولي لمعرفتنا بجماعة الإخوان، وتفتحت أمامنا الرؤية ـ
ولكن بشكل مغلوط ـ حيث أصبح كل من أطلق لحيته هو بالضرورة من الإخوان المسلمين، ولم نكن ندرك أن جماعة الإخوان هي مجرد جزء من عدد كبير من الجماعات الإسلامية، المتطرفة والمعتدلة، الدعوية والجهادية، ولكن في تلك السن الصغيرة لم ندرك إلا جماعة الإخوان المسلمين وفقط.
وبدأت التسعينيات ونشطت جماعة الإخوان ـ أو هكذا قيل ـ في الدعوة، وانخرط أحد أعضاء العائلة معهم ولكن ليس بشكل صريح، كل ما فعله أنه أطلق لحيته، فأصبح ينطبق عليه مفهومي القاصر أنه من الإخوان المسلمين، وفي فورة الشباب والرغبة في التجريب والمعرفة، كان لابد أن أعرف ماذا يحدث في تلك الأروقة المظلمة التي لم يتطرق إليها أحد من العائلة.
العائلة التي قضت كل حياتها في الاتحاد الاشتراكي ومنظمة الشباب، عرفت جمال عبد الناصر وأحبته، وصورة عبد الناصر في كل بين من بيوت العائلة، حتي بعد أن جاء السادات وانحسر دور العائلة بعد الاتحاد الاشتراكي إلى مجرد كسب قوت اليوم، فكان من الغريب على عائلة ناصرية يسارية أن ينضم أحد أفرادها إلى أي جماعة دينية.
وبدأت أتعرف من قريبي هذا على ماذا يفعلون، فأهداني مختصر فقه السيرة لسيد سابق والذي قرأته في أقل من ثلاثة أيام وأعدت قراءته أكثر من خمس مرات خلال شهر كامل، وهنا تحولت من شاب صغير عادي إلى شاب صغير متدين، بل متشدد، لأعيد قراءة مذكرات الدعوة والداعية.