رئيس التحرير
عصام كامل

عثمانية أردوغان ومماليك الجماعة


"رجب"، هو أسعد البشر بما يجرى لقيادات تنظيم الإخوان فى مصر، ولن يكون يومه "طيباً" إلا بعد أن يشهد محاكمات رادعة لهم على جرائمهم بحق المصريين، ليصور نفسه ملكاً داعياً للديمقراطية أمام أتباع الجماعة التى تنكر جهله وتخفى ثقافته الانقلابية الرافضة لمفهوم الثورة الشعبية، إلا أنه سيظل مجرد "أردوغان" عند أسياده الأوربيين المتواطئين على حقوق الأرمن والأكراد ضحايا بلاده على مر التاريخ.


وروح الجهالة الناطقة فى ملامح هذا الأردوغان تسربت إلى حكمه مع تشربه ونظامه ثقافة الاستئساد على الضحايا التى ميزت أداء أجداده العثمانيين منذ حضورهم إلى المنطقة، راجع كيف تعاملوا مع قنصوه الغورى عقب هزيمته فى مرج دابق 1516 ثم طومان باى الذى لحق به بعده بعام واحد لتخلص لهم مصر، ثم كيف أداروها بمنطق التعامل مع البقرة الحلوب قبل أن تتراجع سهامهم إلى جرابها أمام الحملة الفرنسية 1798، ليواجهها المصريون وأزهرهم الشريف ويجبرون قادتها على التقهقر خلال 3 سنوات هرب خلالها نابليون إلى بلاده وقُتِلَ كليبر بيد الحلبى بينما أشهر "مينو" إسلامه فى القاهرة واختار زوجته من بين نسائها.

وغابت فرنسا ليعود سناكيح العثمانيين إلى مصر برفقة فلول المماليك، وحضرت حكومات الجباية والقمع معهم حتى عودة الأزهر ليحمل الراية مجدداً ويهدى الحكم إلى محمد على الذى تجاوز أزمة حملة فريزر بعد أقل من عامين فى الحكم وسط تواطؤ عثمانى – إنجليزى على مصير مصر، حتى إذا ما غابت سيرة المماليك عن الدنيا فى 1911 وقُطِعَت أصابع السلطنة بمواراة تاريخهم التراب، انطلق أجداد أردوغان خلف وساوس الغرب الأوربى بين استغلال لمصر الناهضة فى خدمة طموح الباب العالى، وتقليص قدراتها فى المواجهة على الأرض مع كل المشروعات التى تحجم من ريادتها إقليمياً، حتى كان مؤتمر لندن وما انتهت إليه معاهدة 1841 وشروطها الأشبه بالمسامير الحادة فى نعش الدولة المصرية ومشروعها النهضوى الحقيقى.

وتبدو بكائية الأردوغان وسط أهله وعشيرته الخائبة والتى زعم خلالها وقوع مذابح بحق مماليكه الجدد فى رابعة والنهضة، أشبه بالفاتحة التى قرأها جده على فرسان القلعة الذين قفزوا بخيولهم من فوق أسوارها بعد عشاء والى مصر، فصداقة الحكام الأتراك لا تقترب من غير مصالحهم ولا تحتضن سوى مناطق صناعة النفوذ الجديد لهم، حتى فى معاملاتهم مع العقيدة ومؤسسات الدعوة، وهو ما يفسر مواقف "سى رجب" من الأزهر وشيخه والتى تتطابق تماماً مع مواقف أجداده من الشيخ عمر مكرم ورفاقه حينما أجبروا الباب العالى على القبول بحاكم يختاره المصريون بأنفسهم لأنفسهم.

لقد كانت حركة ضباط مصر فى 1952 أكثر الأحداث شؤماً على دولة حفيد العثمانيين من إعلان بريطانيا اختطافها من أحضان السلطان بفرض حمايتها عليها 1914، ومجدداً يعود الجيش المصرى كابوساً على اسطنبول مدينة المآذن وتراخيص البغاء، حينما ينتصر لإرادة عربية- مصرية فى مواجهة سياسات الأحلاف التى أرجأت يوليو جنى ثمارها 60 عاماً يجددها السيسى ورجاله الآن، ويهدمون معها حلم حفيد السلاطين الطفيليين الذين عاشوا قروناً على سلب ونهب ثرواتنا، فى التحول من ناضورجى للص الأمريكى إلى شيخ خفر لدى عمداء الاتحاد الأوربى.

لا أرى ضرورة للتطاول على الأردوغان أو السخرية منه بمقارنة بين "طيب مصر" شيخ أزهرها و"طيب اسطنبول" الذى أنجب أغبى وأحمق حكامها، ولا أتصور أن الكذاب التركى الرائد فى شيطنة مماليك تنظيمه فى مصر، أقل فهماً لطبيعة دوره ودولته الأشبه بطريق زراعى يخلو على أمثاله مع "جماعة" دون حاجتها إلى رخصة بغاء سياسى تستحقها بجدارة قبل أن يجمعهما فراش واحد للحرام.
الجريدة الرسمية