رئيس التحرير
عصام كامل

تاريخ "الإخوان" مع قضاء مجلس الدولة.. الجماعة بدأت بالمحظورة وانتهت بتقنين وضعها ثم دعاوى حلها.. "التلمساني" تقدم بدعاوى ضد "السادات".. ومحامو الإخوان: حادث المنشية كان مدبرا للإطاحة بنا

 محمد حسن البنا،
محمد حسن البنا، مؤسس الجماعة

بدأت أحداث جماعة الإخوان المسلمين مع قضاة مجلس الدولة منذ بداية إنشاء المجلس، وخاصة محكمة القضاء الإداري التي أنشأت في عام 1946، حيث جاءت القرارات الصادرة من مجلس قيادة الثورة ومجلس وزرائه في يناير وديسمبر 1954 بحل جماعة الإخوان بسبب المخاوف من محمد حسن البنا، مؤسس الجماعة.


وقدم دكتور عمر التلمسانى، المرشد الأسبق للجماعة عام 1977، دعوى حملت رقم 133 لسنة 32 ق.د، والتي طعن فيها على القرارين السابقين ضد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، باعتبار قرار حل جماعة الإخوان المسلمين الصادر في 1954 باطلا ولا أثر له وإعادة أموالها المصادرة منذ عام 1955، ولم تفصل المحكمة في دعوى التلمسانى إلا بعد وفاته بست سنوات.

واستكمل القضية بدلًا منه محمد حامد أبو النصر، مرشد الجماعة، ودكتور توفيق الشاوى، أحد قيادات جماعة الإخوان آنذاك باعتبار أن الجماعة ليست ممكنة من مباشرة نشاطها، وأصدرت الدائرة الثانية بالمحكمة حكمها في 6 فبراير 1992 بعدم قبول الدعوى بشقيها، وأكدت المحكمة أنها استندت إلى المادة 191 من دستور 1956 التي كان مفادها حسب حكم القضاء الإدارى، أنها أضفت حصانة دستورية على جميع قرارات مجلس قيادة الثورة منذ بدء الثورة وحتى تاريخ صدور دستور 1956 وهذه الحصانة التي أضافها الدستور جاءت من العموم والشمول، بحيث تحول دون المساس أو التعرض لتلك القرارات، سواء أكان بالطعن القضائى أو التظلم أو غير ذلك من صور المساس بهذه القرارات.

وتأخرت محكمة القضاء الإدارى في إصدار الحكم في دعوى حل الإخوان لمدة 15 عاما، بسبب الجماعة ومحاميها أنفسهم، فحسب حكم القضاء الإدارى طالب محامو الجماعة بتعديل طلباتهم أكثر من 6 مرات، فقدم المرشد عمر التلمسانى دعواه في 27 أكتوبر1977 وطالب فيها باعتبار قرار حل الجماعة الصادر من مجلس قيادة الثورة 1954 كأن لم يكن، ثم تقدم محامى التلمسانى بطلب إلى المحكمة لتعديل الطلبات إلى الحكم باسترداد الأملاك والأموال وتمكين الإخوان من مباشرة نشاطهم، الذي توقف عنوة دون سبب من القانون، وبعدها أحالت المحكمة الدعوى إلى هيئة مفوضى الدولة التي أعدت تقريرا، وأرسلت الدعوى مجددا للمحكمة ليتقدم محامى الجماعة من جديد إلى المحكمة بطلب لتعديل طلباته إلى إلغاء قرار حل الجماعة وإلغاء قرار مصادرة أموالها وتعويض الجماعة عينا ونقدا عن مصادرة أموالها فقررت المحكمة إحالة الدعوى من جديد إلى هيئة المفوضين لإعداد تقرير بالرأى القانونى في الطلبات المعدلة، وبعد إعداد التقرير الثانى تقدم المرشد محمد حامد أبو النصر بطلب إلى المحكمة ليتدخل في الدعوى ويحل محل التلمسانى الذي توفى في 5 مايو 1986، وبعد فصل المحكمة في طلب المرشد الجديد تقدم محامى الجماعة بطلب جديد لتعديل طلبات الجماعة للمرة الخامسة إلى وقف تنفيذ القرار السلبى الخاص بمنع جماعة الإخوان من نشاطها الرسمى والسماح لها بمزاولة نشاطها، وفى جلسة 28 نوفمبر 1991 قررت المحكمة حجز دعوى الإخوان للحكم فيها في جلسة 6 فبراير 1992.

وتقدمت الجماعة إلى المحكمة بتاريخ 22 ديسمبر1991 بطلب تعديل طلباتها إلى إلغاء القرار السلبى الخاص بالحيلولة دون مباشرة «الإخوان المسلمين» نشاطها بصفة رسمية والسماح لها بمباشرة هذا النشاط واحتياطيا بإلغاء قرار مجلس قيادة الثورة، ورغم كثرة تعديل الجماعة لطلباتها في الدعوى فإن هيئة المفوضين لم تغير موقفها رغم تغير الطلبات وانتهت في تقريرها عن الدعوى إلى عدم جواز سماع الدعوى لكونها تتعلق بقرار مجلس قيادة الثورة وهو قرار سيادى لا يخضع لرقابة القضاء.

واللافت أيضا أن دعوى الإخوان المسلمين دافعت عن قرار شفهى لمجلس قيادة الثورة بعدم حل الجماعة بناء على القانون رقم 37 لسنة 1953 بحل الأحزاب السياسية، حيث ذكر دفاع الإخوان أن قادة الانقلاب العسكري «ثورة 23 يوليو 1952» صرحوا على لسان أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة بأن جماعة الإخوان المسلمين لا تعتبر حزبا سياسيا، إضافة إلى أن هذا التصريح له قوته القانونية لصدوره من مجلس قيادة الثورة التي نقلت إليه سلطة التشريع كاملة.

وعدل دفاع الإخوان عن موقفهم من مجلس قيادة الثورة وقالوا إنه «لم يكن له أي سلطان للتشريع وإن أي قرار أصدره في غيبة الدستور والمجلس النيابى هو قرار باطل، لا يصححه طولُ الزمن»، معتبرين أن قرار مجلس قيادة الثورة بحل الجماعة مخالف للقانون لأربعة أسباب تتمثل في أنه صدر في غيبة الدستور والمجلس النيابى، وكل قرار يصدر من حاكم دكتاتور يكون باطلا ولا أثر له، والسبب الثانى هو أن نقل سلطات الدستور إلى مجلس قيادة الثورة هو نقل سلطانى وقع بقوة الجيش وليس بقوة القانون أو الدستور، وعليه فإن كل قرار يصدره يكون باطلا إضافة إلى أن مجلس قيادة الثورة، أصدر قرارا بأن جماعة الإخوان المسلمين ليست حزبا وبذلك اُسْتُثنيت الجماعة من تطبيق القانون رقم 37 لسنة 1953 الذي قضى بحل الأحزاب، وهذا التصرف تبطله الشريعة الإسلامية حسب الإخوان المسلمين وتقضى فيه المحاكم الشرعية بالبطلان على أساس القاعدة الأصولية للإثبات والإقرار.

أما السبب الرابع لمخالفة قرار حل الجماعة للقانون حسب محامى الجماعة، هو أن حادثة المنشية هي مجرد جناية شروع في قتل كان مدبرا للإطاحة بالإخوان المسلمين، وثبت انقطاع صلته بهذه الجماعة، ولم يحدث في أي دولة دستورية النظام أن وقوع جريمة من فرد تدين جماعة بأكملها، كان أفرادها يُحصَوْن بالملايين حتى ولو صح فرضا أن المتهم كان عضوا بالجماعة فلا تزر وازرة وزر أخرى.

وعقب صدور الحكم من محكمة القضاء الإداري طعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، والذي قرر فيها رئيس الدائرة الثانية بإحالته إلى هيئة المفوضين في عام 1992 وظل متداولا في المفوضين حتى أودعه المستشار أحمد محمد المهدى في 20 مارس الماضى وأحيل إلى المحكمة الإدارية العليا.

وتضمن التقرير 3 توصيات، الأولى بانقطاع سير الخصومة بسبب وفاة مقيمى الطعن الأصلى أما التوصية الثانية فجاءت بتأييد حكم أول درجة بعدم قبول الدعوى لانتفاء الصفة، باعتبار أن مقيمى الدعوى ليسا ممثلين قانونيين لكيان قانونى قائم، فالإخوان المسلمون ليسوا كيانًا قانونيا، بكل المسميات التي أطلقت عليهم خلال نظر الدعوى مثل الجماعة والجمعية والهيئة، لأنهم لم يقننوا أوضاعهم، وأن أنواع الأشخاص المعنوية مثل الجمعيات والهيئات محددة على سبيل الحصر في القانون المدنى، وأن كيان الإخوان لا يندرج تحت أي منها.

وجاءت التوصية الأخيرة بعدم جواز نظر الطعن على سند من أن دستور 1956، نص على تحصين قرارات مجلس قيادة الثورة، ولا يجوز الطعن على أي من قراراته أمام القضاء.

وأكد مصدر قضائى أن المستشار غبريـال عبد الملاك، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أجل تحديد موعد لنظر الطعن وذلك لاستشعاره الحرج ومن المقرر أن يحدد المستشار فريد نزية تناغو، رئيس مجلس الدولة ورئيس محاكم الإدارية العليا جلسة لنظر الطعن.

غلق المقرات
وفى يونيو 2012 وتحديدا بعد فوز الرئيس المعزول محمد مرسي بمنصب رئيس الجمهورية، أقام العديد من المحامين أكثر من6 دعاوى أمام محكمة القضاء الإداري طالبوا فيها بحل جماعة الإخوان المسلمين وغلق مقارها على مستوى الجمهورية في حين أن شحاتة محمد شحاتة، رئيس مركز النزاهة والشفافية، ووائل حمدى السعيد، محامى المهندس حمدى الفخرانى، عضو مجلس الشعب المنحل وأحد مقيمي الدعاوى، طالبوا فقد بغلق المقار وذلك استنادا إلى أن الجماعة ليس لها كيان قانونى.

وأضافوا أن الجماعة تمارس العمل الاجتماعى والسياسي منذ الثلاثينات، على الرغم من أنها كانت محظورة قانونًا طيلة أكثر من 60 عامًا لكون النظام الفاسد لم يسمح لها بالوجود القانونى بشكل رسمى، وفى الخامس من يوليو 2002 صدر القانون المنظم للجمعيات الأهلية، والذي أوجب على جميع الجمعيات، ومنها جماعة الإخوان المسلمين، أن تعدل أوضاعها وفقًا لأحكامه، كما ألزم كل جماعة تقوم بأى نشاط من أنشطة الجمعيات أن تتخذ شكل جمعية أو مؤسسة أهلية، وفى حال عدم الالتزام تحل الجمعية.

وبدأت المحكمة في نظر الدعوات بجلسة الأول من سبتمبر 2012 برئاسة المستشار عبد السلام النجار، رئيس الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري وظلت الدعاوى متداولة إلى أن حجزها المستشار فريد تناغو، رئيس مجلس الدولة الحالى للحكم بجلسة 25 مارس الماضى وقبل النطق بالحكم بيومين فقط تقدم محامو الإخوان وعلى رأسهم عبد المنعم عبد المقصود بطلب إلى هيئة المحكمة لإعادة المرافعة وذلك بعد إعلان الجماعة تقنين أوضاعها، وحصولها على رقم إشهار 644 لسنة 2013.

وقبلت المحكمة الطلب المقدم من محامى الجماعة وقررت إعادة المرافعة من جديد في جلسة 22 أبريل وقررت المحكمة برئاسة المستشار عبد المجيد المقنن، عضو اليمين للدائرة التأجيل لجلسة الأول من سبتمبر لتصبح متداولة أمام المستشار محمد قشطة، رئيس محاكم القضاء الإداري الحالى، لتصبح بذلك الدعاوى متداولة في المحكمة لمدة سنة كاملة وما زالت قيد النظر.

الحرية والعدالة
وعن الدعاوى الخاصة بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين والذي تم إنشاؤه بعد نجاح ثورة 25 يناير والتي أطاحت بالرئيس الأسبق مبارك، تقدم المحامى أحمد عتريس بصفته وكيلا عن جمال صلاح، موظف بوزارة الخارجية بأول طعن أمام دائرة الأحزاب بالمحكمة الإدارية وحمل رقم 32784 لسنة 58 ف.ع، طالب فيه بحل حزبى الحرية والعدالة والنور السلفى وجميع الأحزاب ذات المرجعيات الدينية والمؤسسة على فكر دينى بالمخالفة لقانون إنشاء الأحزاب السياسية.

وقرر المستشار غبريـال عبد الملاك، رئيس المحكمة الإدارية العليا، تحديد أول جلسة لنظر الطعن في 11 يناير 2013 وتداول الطعن في النظر أمام هيئة المحكمة وتم حجزها للحكم أكثر من مرة تعاد بعدها للمرافعة من جديد ومن المقرر أن يتم استكمال نظر الطعن في الأول من أغسطس الحالى.

وأكد مصدر قضائى أن مقيم الدعوى تقدم ببعض المستندات الجديدة بعد عزل الرئيس محمد مرسي، أكد فيها أن الحزبين أفسدا الحياة السياسية، وأخيرا تقدم المستشار أحمد الفضالى، منسق عام تيار الاستقلال بطعن آخر يطالب بحل حزب الحرية والعدالة لإفساده الحياة السياسية ومن المنتظر أن يقوم المستشار فريد تناغو، رئيس المحكمة بتحديد جلسة لنظر الطعن والذي أكد مصدر قضائى أن المحكمة ستحدد جلسة الأول من أغسطس لنظر الطعن لينضم إلى الطعون الأخرى.


الجريدة الرسمية
عاجل