رئيس التحرير
عصام كامل

مصر تبحث عن بطل


هذه ليست الحقيقة، فمصر لم تبحث يوما عن بطل، لأنه عند اللحظات الحرجة والفاصلة في تاريخها دائماً ما يكون هناك ذلك البطل الحقيقي المغوار الشجاع الذي لا يهاب الموت ولا يخشي القدر، يعرف المعني الحقيقي لعظمة وكرامة مصر، ودائما ما يكون قادرا أن يقدم حياته ودماءه قربانا رخيصا تحت أقدام أم الدنيا، فحاضر الأيام يخبرنا بأن مصر اليوم تعيش صراعا طاحنا من أجل إعادة صياغة مكانتها الحضارية التي انتهكت من قبل رعاع العالم البربري الذي يدعي المتحضر !!


فمنذ أن بعثت مصر إلي الوجود وهناك دائماً هذا البطل الذي له مكان مقدس ثابت في قلب ووجدان أمتنا العظيمة، هكذا كان الحال منذ أقدم العصور وحتي اليوم، الملك "مينا" هو الذي وحد مصر في اللحظة الفاصلة منقذا إياها من جحيم الانفصال والحروب الأهلية وكان ظهوره علي مسرح الأحداث غامضا مجهولا ولكن ذكراه تعيش فينا إلي اليوم وستبقي حتي انقضاء الدهر.

وكذلك هو الحال مع صاحب قلب الأسد الحالم بالمجد أحمس الأول، طارد الهكسوس ومنقذ مصر من يد الطغيان والضياع، هو اليوم حي في داخلنا نعرفه جميعا ونهمس إليه كثيرا، أين أنت أيها المنقذ أيها المغوار المقدام "قطز" قاهر المغول هذا الذي لم يكن مصريا بالمولد ولكنه صار مصريا عظيما حينما قدم حياته قربانا داميا تحت أقدام عاطرة الذكر فتوج بطلا خالدا لأنه تنازل عن أطماع أبناء جنسه واختار بدلا منهم مصر ليموت من أجلها فقتل علي يد أتباعه ليحيا إلي الأبد في وجدان مصر.

وحينما وقعت مصر فريسة بين أنياب الضباع التركية، في منتصف القرن الحادي عشر وتحديدا في أثناء الشدة العظمي كان هناك علي الشاطئ الآخر للمتوسط رجل يعرف معني الشرف ويعشق اسم مصر رغم أنه أرميني الجنس إلا أنه فعل ما لم يفعله أي فارس في ذلك الزمان، فقد أتي إلي مصر وبصحبته ٦٠٠ فارس فقط فبذل كل الدم والعرق كي ينقذ مصر من جحيم الأتراك وطغيان السودانيين وأعاد الأمن والأمان لأرض الكنانة فدخل التاريخ من أوسع أبوابه وحكم مصر حكم الملوك وبقت بعده مصر عشرون عاما لم يسمع عنها شيئا في التاريخ إنه "بدر الجمالي".

أما اليوم، فمصر نراها تتصفح تاريخها باحثة عن صلاح الدين الأيوبي، هذا الذي كان جنديا يدافع عن ترابها ضد الصليبيين ثم شاء القدر أن ينطلق منها ليحرر العالم العربي أجمع ويعيد المسلوب من الأرض ومن العِرض ويحقن الدماء وقد وشاءت الأقدار ألا يعود إلي تراب مصر مرة أخري ولم يدفن بها ولكن هيبته المعنوية لا تزال راسخة في أعماقنا، وقد حاول جمال عبد الناصر أن يتجسدها ولكنه لم يصل إلي أعماقها الحقيقية، فبقت كامنة في الظلام في انتظار من يستحق أن يتجسدها حتي جاءت اللحظة التاريخية الفريدة وظهر ذلك الشخص الفريد الذي استحق أن يتوج بطلا خاشعا في شرف أمام أقدام أم الدنيا..

إنه "الشعب المصري" الذي انتفض بقوة كالبركان محققا إنجازا بشريا ليس له مثيل في كل التاريخ وأعاد لمصر قلبها المسلوب، وكما اتخذ قطز قرارا فاصلا أنقذ به مصر من الهلاك، حينما بادر بالهجوم علي المغول أولا كذلك كان هو الحال مع شعب مصر الذي فعلها مع الإخوان فوضعت له مصر قائدا حكيما وبطلا مقداما ليسير الكل خلفه وليحمل هو لواء المسئولية أمام مصر وأمام التاريخ إنه المصري البسيط "عبد الفتاح السيسي" وستبقي مصر دائماً تتصفح تاريخها وتفرز أبطالها.
الجريدة الرسمية