رئيس التحرير
عصام كامل

الثورة تسير وأبوتريكة....!!


منذ انتشرت حدوتة إهانة لاعب الكرة محمد أبو تريكة لجيش مصر فى مقابلة أحد ضباطه بالمطار قبل أيام، رغم الجدل الدائر حول صحتها وضعف نفى صحفيين لها بالوكالة عنه، إلا أن أسئلة هامة تطرحها وقائع إقحام نجوم الكرة والفن أنفسهم فى السياسة، ربما أولها هل يملكون قدراً من الثقافة التى تمكنهم من الحديث فى شأن ليس ببعيد عما يعيشون فيه؟ أم أنهم يمثلون أكبر "اشتغالة" للشعب متى طُلِبَ منهم ذلك؟


حينما مارست عملاً طلابياً داخل جامعتى، دعوت السيناريست الكبير بشير الديك والناقد الرقيق الراحل رفيق الصبان لمناقشة العلاقة بين السينما والمجتمع، فوافقا على الحضور فوراً ودون تحفظ، بينما ممثل شاب بادرنى بالرد على الهاتف "ممكن أحضر بس جمهور الجامعة يبقى لى وحدى..لأنى لا أضمن أن من يحضر إلى جوارى على المنصة يستطيع الحديث فى فن السينما مثلى"، وكان ردى العملى عليه أن أغلقت الهاتف بوجهه فوراً قبل أن أخطره بوجهة نظرى: "خليك فى بيتكم..الجامعة مش مستواك".

تعال إلى مواقف مشابهة مع لاعب الكرة وليس وحده المتهم بإهانة الجيش، فجماعة السمع والطاعة لا تسطر بأقلام مناصريها ولا تتلو على مسامع مريديها ومحبيها وأربابها وعابرى الطريق وركاب المترو ورواد دور العبادة إلا "سيسى خائن وكافر وعسكر انقلابيون"، فاللاعب انقلبت عليه جماهير الكرة حينما علق فى العام 2009 على جمهور الإسماعيلى متجاهلاً نجوميته بعبارة "دع القافلة تسير و...."، ثم سمح لنفسه، ليس وحده، بأن يمنح نجوميته لجماعة حتى بعد أن قرر الشعب خلعها، فوضعت صوره على لافتات تأييد مرسى ضد منافسيه، ولا عجب فموقفه من ثورة يناير كان مطابقاً لها ولم ينزل ميدان التحرير إلا بتحريض صحفيين مقربين له وناديه.

ولأن تريكة يباشر عن غير وعى كأغلب أو كل أعضاء الجماعة نوعاً من الخلط بين العام والخاص، لم يفهم أن نجوميته ملكاً لجماهير لعبته التى منحته الملايين من الجنيهات ليصبح ثرياً فى زمن أزمات جيله، بينما جماعته استحوذت على  "الدين الإسلامى" واحتكرته لنفسها، فصار منافسوها كفاراً ومعارضوها فى النار وضحايا رصاصها قتلى وموتاها شهداء، رغم أن الإسلام نزل للناس كافة وبُعِثَ به سيدنا محمد "ص" فى العالمين، يؤمن به من يشاء ويخرج منه أو يدخله من يريد.

هنا لا عجب أن يكون تريكة أو حملة أفكار الجماعة والمتعاطفون معها فى قارب واحد مع من يهين الجيش ويقتل جنوده ويخترق حدوده ويريد تفتيت الدولة واستعداء الخارج عليها، عن قصد أو جهل، ولا يليق بنا أن نمنح الأمر كثيراً من الاهتمام، فتلك مصيبتنا، أن تحصل راقصة على تصفيقنا ثم تسبنا متى طلبنا العيش، ويحصل مطرب على نقوطنا ويستكثر علينا الحرية، ويحصد لاعب الملايين من هتافاتنا ويعيب علينا البحث عن العدالة والكرامة لشعبنا ووطننا.

تريكة لم يختلف كثيراً عن الإخوان، عاش فى نعيم مبارك راعى الرياضة والرياضيين والفن والفنانين والرقص والراقصين والطرب والمطربين وراعى الجماعة فى مواجهة الأحزاب السياسية والعمل المدنى والمتقبل غناء هارب من التجنيد فى أعياد أكتوبر، ثم ارتدى عباءة الثورة وسار وراء إخوانه كما يفعل المطيعون مع رئيس شعبتهم داخل التنظيم، وذاب ما هو عام فى شخصيته ومكانته مع ما هو خاص من ميله ومنفعته، وتلك أزمة كثيرين ممن حظوا بـ"دلع" غير محدود من الغاوين.

عاملوا تريكة كضحية مجتمع انهارت ثقافته بترجيح قيم مادية وتغييب إعمال العقل، كونوا أرحم من الإخوان به وعليه ولا تستغلوا ضعفاً أو جهلاً فى شخصية مصرى عزيز بينكم، ولو كان مجرد لاعب كرة.. فربما يعقلها لوجه الوطن ويترك الثورة تسير إلى شعبها.
الجريدة الرسمية