رئيس التحرير
عصام كامل

الاتصال الفعّال


خلق الله تعالى الدنيا لنتعارف أن أكرم الناس عند الله أتقاهم، وهو الذى يراعى حدود الله تعالى وأولها حدود الذات وحدود العلاقات وحدود الحقوق والحياه، وهى أساس العيش بسلام وسط المجتمعات وأساس كل الحريات حيث يراعى الإنسان الآخرين ويراعى أن يعيش وسط البيئة التى تجمعهم بما يتواءم معها و يتواءم مع قيم الناس وأخلاقياتهم.

لكى يكون ذلك حقيقة واقعة لابد من أن نقوم بالاتصال بالآخرين بالطريقة التى تقوم بتوصيل الأفكار والمشاعر وبالطريقة التى تضمن وصول هذه المعلومات والبيانات والأفكار والمشاعر كما نشعر بها وكما نريدها إلى الآخرين وهذا ما يسمى بالاتصال الفعال حين نقوم بنقل رسالة إلى الآخرين سواء إن كان فردًا أو جماعة بالطريقة التى يتفهمها الآخر لتصل الرسالة سليمة دون تشويه أو تشويش يمنع وصولها أو يقوم بتوصيلها بصورة منقوصة ثم استقبال التغذية العكسية التى تضمن تقهم الآخر للرسالة بنفس المراد من إرسالها.

يخضع الاتصال إلى الإدراك تجاه مرسل الرسالة وما هو الماضى وما هى السمعة التى يشتهر بها ولذلك يقرر الإنسان قناعات دائمًا فى توقعاته فى مستقبل الرسالة وتسيطر دائمًا مشاعر القبول أو الرفض على مرسل الرسالة تجاه الآخرين وهو ما يشعرون به فى التوتر الناتج عن الاتصال الذى يثبت أن هناك مثيرًا للفرد جعله غير مستقر و أن الابتسامة قد تكون زائفة أو غير حقيقية، فالراحة النفسية بين الطرفين لا توجد دائمًا إلا عند وجود تشابه أنماط الشخصيات لتشابه مقوماتها.

عند الاتصال لابد من مراعاة أن مرسل الرسالة عليه من الواجبات التى تجعله يقوم نمط تفكيره وأسلوبه فى التعاملات لكى يتواءم مع المستقبل وينتقل من مكان وجوده إلى مكان وجود الآخر ليس بالانتقال الحقيقى وإنما بالانتقال النفسى الشعورى؛ لكى يصل إلى الآخر ويقف فى مكانه و يشعر شعوره ثم يقوم بتفهمه وتفهم موقفه ونشأته وقناعاته وعليه يتم بناء الرسالة بدقة تناسب قناعاته وتكون النتيجة أولًا عدم فهم الرسالة بطريقة خطأ، وثانيًا عدم وصول الرسالة من الأساس وهنا يتطور الأمر إلى ارتفاع الصوت، وهو المؤشر الذى يبين أن مرسل الرسالة يضيق ضجرًا من عدم تفهم المستقبل له وعدم تلبية متطلباته التى يعتبرها فى ظل النظام أنها مشروعة ولكنه افترض منه العداء والوقوف فى طريق آماله وإشباع حاجاته.

ارتفاع الصوت المؤشر الذى لابد أن يراعى لمعرفه متى تم قطع الاتصال أو ارتفاع درجة حرارته ومن مصلحة مرسل الرسالة أن يعيد إرسالها بعد سؤال مستقبلها ما تم الوقوف عليه من الحديث السابق، ثم إعادة الحديث من بدايات جديدة دون خلط الكلمات بالمشاعر إنما الرسالة تكون واضحة ومحدده تبين الموقف الحالى وما هو المطلوب من الرسالة من الأساس وإلا تركنا الصمت ليأخذ مجراه مؤقتًا إلى أن يعاد صياغة الرسالة مرة أخرى وقد يتم الاستعانة بوسيط إذا تم إسدال الستار المانع بين الطرفين وهو ما يفيد دخول طرف ثالث يقوم بفتح مجالات الحوار بقوة العلاقات المتبادلة والسيطرة النفسية.

إن الصمت هو اللغة العظيمة التى تتكلم كل اللغات وفيها كل المشاعر التى تصل إلى الطرف الآخر دون تشويش؛ لأنها مغلفة بالتعبير الجسدى وهو ما يتعدى النظر للحركات والنظرات ولغة الجسم التى نعرفها جميعًا إلى لغة الشعور الذى ينتقل بين الإنسان والآخر وهو ما تم إدراكه بين من يفقدون حاسة النظر وهو الإدراك الشعورى الذى يصدق دائمًا؛ لأنه مشاعر إنسانية صافية غير معبأة فى كلمات أو تعتريها الوجوه المركبة من أجل إنهاء المصالح.

علينا أن نصل إلى الآخرين بالطريقة التى يفهمونها والسر فى الاتصال الذى لا يعرفه الكثيرون أننا لابد أن نتصل مع الجزء (التقى) الذى يسكن الآخر ولا نتصل مع الجزء (السيئ) الذى يسكنه.

يقول الله تعالى - ألهمها فجورها وتقواها - علينا أن نخاطب الإنسان التقى فى كل الأحوال الذى يسكن الغير ولا نطرق باب الإنسان السيئ؛ لأن كل الأبواب تفتح عند الطرق عليها، ونحن من نحدد الباب المطلوب.

الجريدة الرسمية