رئيس التحرير
عصام كامل

عار عليك!


حينما عاد البرادعى إلى مصر، بعد انتهاء ولايته في الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفعمًا بأشواق التغيير أيام نظام مبارك، تفاءلت به لأقصى درجة وازداد إعجابى حين طالب بخروج المليونيات إلى الشوارع لإسقاط النظام وقت قوته قبيل انفجار ثورة يناير.. كان الرجل مؤثرًا في تفجير الأحداث لكنه.. وهذا سبب حيرتى.. في ذلك الوقت كثير السفر للخارج في أوقات الشدة واليسر، ولا ندرى سببا معتبرًا لذلك.. فرجل في حجم البرادعى يجب أن يظل وسط الجماهير أو على الأقل طليعة أعوانه وداعميه الذين أنشأوا له صفحة «حملة دعم البرادعى في الفضاء الإلكتروني.. وهو ما جعل حضوره في ذلك الفضاء حتى استقالته ربما أقوى من حضوره في الشارع وبين بسطاء الناس..!!


إذا كان ثمة انحراف عن مسار الثورة - كما علل الرجل أسباب انسحابه من معركة انتخابات الرئاسة - فهل يكفى هذا الانسحاب لكى يصلح هذا الإعوجاج - وهل آية المناضل أن يترك سيفه ورمحه قبل أن تبدأ المعركة..؟! أم أن الرجل تأكد من انسحاب الدعم الشعبى عنه وعدم وجود توافق سياسي حوله فآثر الانسحاب حتى لا يجنى ثمار ذلك فريدًا من التراجع الشعبى.. وهل ظن البرادعى أن إعلان انسحابه سيحشد الناس حوله مطالبين بعودته كما حدث مع عبدالناصر - مثلًا - عقب النكسة، حتى ينافس من جديد في السباق الرئاسي..

كان ينبغى للمناضل أن يواصل نضاله، فالمعركة لم تحسم والشارع لم يقل كلمته بعد.. وليس معنى حصول التيار الدينى على أغلبية برلمانية في ذلك الوقت مؤشرا نهائيا للسير بانتخابات الرئاسة.. وهو ما يجعل توقيت الانسحاب مثيرًا - للريبة - أكثر مما يبعث برسائل الرفض للأوضاع في ذلك الوقت.

كنا نرجو أن يبقى البرادعى وسط أنصاره.. فمن يدرى.. لعله يكسب المنافسة أو يخرج منها بشرف المحاولة بدلًا من أن يخون ثقة مرشحيه وينسحب دون أن يستطلع رأيهم في ذلك.

لكن يبدو أن البرادعى كان يعلم برغبة أمريكا أو قل مؤامراتها بأن يحكم الإخوان مصر وهذا ما حدث بالفعل..
بعد أن فاز مرسي.. عاد البرادعى ليعارض حكمه وتصدر المشهد كرئيس لحزب الدستور ومنسق عام لجبهة الإنقاذ وطالب بضرورة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة ووقع على استمارة تمرد.. وعندما قامت ثورة.......... واختير نائبًا لرئيس الجمهورية المؤقت..

وبدأ يغازل الإخوان من جديد واستدعى وسطاء أجانب للمشاركة في حل أزمة فض اعتصامى رابعة والنهضة وسمح - للأسف - في سابقة هي الأولى من نوعها في زيارة وفد الوسطاء الأجانب بزيارة مرسي المحبوس احتياطيًا وكذلك خيرت الشاطر في سجن طرة.. وبدأ يتحدث في الصحافة الأجنبية عن صفقات يتم بمقتضاها الإفراج عن مرسي وقيادات الإخوان وتأمين خروجهم مقابل فض الاعتصامين والسماح لجماعة الإخوان بالمشاركة في العملية السياسية.

فجأة وبعد فض الاعتصامين المسلحين بعد صبر طويل، استقال البرادعى وانسحب كعادته من المعركة وفى وقت لا يجوز أن ينسحب فيه الجندى من الحياة.. فقد طعن هذا الرجل - غير الوطنى - بلده في ظهرها في وقت عصيب ولا يمكن عدم الفصل بين استقالة البرادعى والإشارة الخضراء لأمريكا والغرب للتحرك ضد مصر.
الجريدة الرسمية