حدث في 29 رمضان سنة 256 هـ، وفاة الإمام البخاري صاحب كتاب الجامع الصحيح

فى مثل هذا اليوم، 29 من شهر رمضان لعام 256هـ، 1 سبتمبر من عام 869 م، رحل أشهر علماء الحديث، الإمام العلاّمة البخاري، فى مدينة بخارى بأوزبكستان، ودفن فى سمرقند.
هو "أبو عبد الله" محمد بن إٍسماعيل البخاري.
وُلد محمد بن إسماعيل البخاري، فى مدينة بخارى بعد صلاة الجمعة فى 13 من شوال 194هـ، الموافق 4 من أغسطس 810م.
وكانت بخارى آنذاك مركزًا من مراكز العلم تمتلئ بحلقات المحدِّثين والفقهاء، ونشأ وسط أسرة كريمة ذات دين ومال؛ فكان أبوه عالمًا محدِّثًا، عُرِف بين الناس بحسن الخلق وسعة العلم، وكانت أمه امرأة صالحة، لا تقل ورعًا وصلاحًا عن أبيه.
وفاة الأب
توفي أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر أمه، فألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب، وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشرة سنة، حتى قيل إنه كان يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردًا.
ابتلاه الله عز وجل في صباه بفقدان بصره، ولكنَّ أمه الصالحة لم تنقطع صلتُها بربها، وكانت تتودد إليه ليل نهار، وهي تدعوه سبحانه راجية أن يرد على صبيها بصره، ويشاء الله أن يسمع دعاءها، فيأتيها إبراهيم عليه السلام يبشرها في المنام قائلا: "يا هذه، قد ردَّ الله على ابنك بصره لكثرة دعائك".

وما كاد البخاري يبلغ السادسة عشرة من عمره حتى حفظ كتب ابن المبارك ووكيع، وغيرها من كتب الأئمة المحدثين، حتى بلغ محفوظه آلاف الأحاديث وهو لايزال غلامًا.
في الحرمين الشريفين
في الحرمين الشريفين، كانت بداية رحلة البخاري في طلب العلم، وقد ظل بهما ستة أعوام، ينهل من الشيوخ والعلماء، انطلق بعدها متنقلًا بين حواضر العالم الإسلامي، يجالس العلماء ويحاور المحدِّثين، ويجمع الحديث، ويعقد مجالس للتحديث، ويتكبد مشاق السفر والانتقال، لم يترك حاضرة من حواضر العلم إلا نزل بها وروى عن شيوخها، وربما حلَّ بالبلد الواحد مرات عديدة، يغادره ثم يعود إليه مرة أخرى، وكان من الحواضر الإسلامية التي نهل منها وأخذ من شيوخها غير مكة والمدينة، بغداد وواسط، والبصرة، والكوفة، ودمشق، وقيسارية، وعسقلان، وخراسان، وبلخ، ونيسابور، ومرو، وهراة، ومصر، وغيرها.
يقول البخاري عن رحلاته في طلب العلم: "دخلتُ إلى الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلى البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إلى الكوفة وبغداد".
شيوخه
وكان من شيوخ الإمام البخاري المعروفين والذين روى عنهم: أحمد بن حنبل.
وكان من شيوخه أيضًا يحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، وقتيبة بن سعيد، وأبوبكر بن أبي شيبة، وأبوحاتم الرازي، وغيرهم.
استمر ستة عشرة عامًا يجمع الأحاديث الصحاح في دقة متناهية، وعمل دؤوب، وصبر على البحث، وتحرٍ للصواب، قلما توافر لباحث قبله أو بعده، وكان بعد كل هذا لا يدون الحديث إلا بعد أن يغتسل ويصلي ركعتين.
وقال عنه محمد بن أبي حاتم الوراق: كان أبوعبدالله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانًا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمسة عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري (يشعل) نارًا ويسرج، ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها.

وقال البخاري: "ما جلستُ للحديث حتى عرفتُ الصحيح من السقيم، وحتى نظرتُ في عامة كتب الرأي، وحتى دخلتُ البصرة خمس مرات أو نحوها، فما تركتُ بها حديثًا صحيحًا إلا كتبته، إلا ما لم يظهر لي".
وامتاز بقوة الحفظ، وذكروا أنه كان ينظر في الكتاب مرة واحدة، فيحفظه من نظرة واحدة.
صحيح البخاري
ويعد "الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وسننه وأيامه"، أشهر كتب البخاري، وهو المعروف بـ"الجامع الصحيح" أو "صحيح البخاري"، ويُعد أول كتاب صُنف في الحديث الصحيح المجرد، وقد قال فيه الإمام البخاري: "وما أدخلت فيه حديثًا إلا بعدما استخرت الله تعالى، وصليت ركعتين، وتيقنت صحته".
وأوضح البخاري، وفقًا لما نقله الإمام السيوطي، في كتابه "تدريب الراوي": "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنني واقف بين يديه وبيدي مروحة أذب عنه، فسألت بعض المعبرين، فقال لي: أنت تذبّ عنه الكذب، فهو الذي حملني على إخراج الجامع الصحيح".
وأخذ في تأليف الكتاب بالمسجد الحرام والمسجد النبوي، ولم يتعجل إخراجه للناس بعد أن فرغ منه، ولكن عاود النظر فيه مرة بعد أخرى، وتعهده بالمراجعة والتنقيح، ولذلك صنفه ثلاث مرات حتى خرج على صورته النهائية.
ويضم الكتاب 7275 حديثًا، اختارها البخاري من بين ستمائة ألف حديث كانت تحت يديه؛ لأنه كان مدقِّقًا في قبول الرواية، وكان قد وضع شروطًا خاصة في قبول رواية راوي الحديث، وهي أن يكون معاصرًا لمن يروي عنه، وأن يكون قد سمع الحديث منه، إلى جانب: الثقة، والعدالة، والضبط، والإتقان، والعلم، والورع.
محنته
في نهاية رحلته الطويلة الشاقة، والتي لقي فيها الشيوخ ووضع مؤلفاته العظيمة، وذيوع صيته بين الناس، رجع البخاري إلى نيسابور للإقامة بها، إلا أن بعض العلماء غيرة وحسدًا سعوا به إلى والي المدينة، وألصقوا به تهمًا مختلقة، مما اضطره إلى أن يغادر نيسابور إلى مسقط رأسه بخارى، وهناك استقبله أهلها استقبال الفاتحين، فنُصبت له القباب على مشارف المدينة، ونُثرت عليه الدراهم والدنانير.
ولكن لم يكد يستقر البخاري في موطنه الأصلي حتى طلب منه أميرها خالد بن أحمد الدهلي أن يأتي إليه ليُسمعه الحديث؛ فقال البخاري لرسول الأمير بعزة العالِم: "قل له إنني لا أذِلُّ العلم، ولا أحمله إلى أبواب السلاطين، فإن كانت له حاجة إلى شيء فليحضرني في مسجدي أو في داري، فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطان، فامنعني من المجلس ليكون لي عذر عند الله يوم القيامة أني لا أكتم العلم"، فما كان من الحاكم إلا أن أخذ يحرض عليه ويسيء إليه، وقد أغرى به بعض السفهاء ليتكلموا في حقه، ويثيروا عليه الناس، وفي نهاية الأمر قام بنفيه من المدينة (بخارى) إلى خرتنك.
وفاته
بعد المحنة التى وقعت للإمام مع أمير بخارى توجّه بعدها إلى خرتنك، وهى قرية من قرى سمرقند، وكان له بها أقرباء فنزل عندهم، فأقام مدة من الزمن فمرض واشتد مرضه، وقد سُمع ليلةً من الليالى وقد فرغ من صلاة الليل يدعو ويقول فى دعائه: "اللهم إنه قد ضاقت على الأرض بما رحبت، فاقبضنى إليك".
أقام أبو عبد الله عند شخص يدعى غالب بن جبريل، أيامًا فمرض واشتد به المرض، حتى جاء رسول إلى سمرقند يأمر بإخراجه (طرده)، فلما وافى تهيأ للركوب، فلبس خفيه وتعمم، فلما مشى قدر عشرين خطوة أو نحوها، وأنا آخذ بعضده، ورجل آخر معى يقود الدابة ليركبها، فقال البخاري: أرسلونى فقد ضعفت، فدعا بدعوات، ثم اضطجع، فقضى (توفي).
فسال منه من العرق شيء لا يوصف. فما سكن منه العرق إلى أن أدرجناه فى ثيابه (كفنه).
وكانت وصيته: كفنونى فى ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، ففعلوا ذلك.
وكانت وفاته ليلة عيد الفطر 1 شوال 256هـ، عند صلاة العشاء، وصُلِّى عليه يوم العيد بعد الظهر، وكان عمره آنذاك اثنين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما.
ويقع ضريح محمد بن إسماعيل فى بخارى قرب مدينة سمرقند فى دولة أوزبكستان.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا