رئيس التحرير
عصام كامل

فضائل الصحابة ومناقب آل البيت.. سلمان الفارسي صاحب الخندق

 سلمان الفارسي، فيتو
سلمان الفارسي، فيتو

قال الله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". [الفتح: 29].

وقال أيضا: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". [الحشر: 9].

وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". [التوبة: 100].

فأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أوَّل وأفضلُ مَن دَخَل فيه من هذه الأمة، ولهم منه أوفرُ حظٍّ، وأكملُ نصيب.

وقال الله سبحانه وتعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت".. وقال أبو بكر، رضي الله عنه: "ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته".

في هذه الحلقات نستعرض فضائل ومناقب الصحابة وآل البيت، رضي الله عنهم.


سلمان الفارسي.. صاحب الخندق

هو الصحابي الجليل سلمان الفارسي، وأصله من أصفهان وقيل من راهرمز، واسمه ونسبه في الفارسية: "مابه بن بوذخشان بن مورسلان بن بهبوزان بن فيروز بن سهرك" من ولد آب الملك.
وبعد أن أسلم أصبح اسمه سلمان الفارسي، وكنيته أبو عبد الله، وكان يُلقّب بسلمان الخير، وسلمان ابن الإسلام.

نشأته

نشأ سلمان الفارسي في "جي" إحدى نواحي مدينة أصبهان، وكان والده غنيًا ومالكًا لضيعة (مزرعة)، وكان محبًّا لابنه سلمان وحريصًا عليه؛ حيث كان يبقيه في البيت، وكان سلمان كبقية أهل فارس يعتنقون المجوسية، وهي عبادة النار، حتى أنّ سلمان كان سادن النار (خادمها)، حيث كان يعمل على إمدادها بالحطب لتبقى مشتعلةً، إلى أن ترك أهله باحثًا عن الدين الحق.

إسلامه

كان سلمان يعبد النار على الديانة المجوسية تبعًا لقومه من أهل فارس.
قام والده بإرساله مرةً للاعتناء بضيعته، فمرّ في طريقه بكنيسةٍ، وسمع صلوات نصارى كانوا فيها. أعجب سلمان بما سمع، وسألهم عن صلاتهم ودينهم؛ فرأى أنّها أفضل من دينه، وسألهم أين يصل إلى هذا الدين؛ فأخبروه: "في الشام". 
عاد سلمان إلى والده، وأخبره بما رأى وسمع، فقيّده والده وحبسه في البيت؛ خوفًا من أن يتبعهم. 

بعث النصارى يسألون عن سلمان؛ فطلب منهم أن يخبروه إذا قدم إليهم تجّارٌ من الشام، وأرادوا العودة إليها. 

وبعد أيام أُخبروه أنّ التجار سيغادرون إلى الشام؛ فتخلص من قيده، وارتحل معهم إليها. 

وصل سلمان إلى الشام، وسأل عن أفضل أهل الدين؛ فدلّوه على القساوسة، فصاحب أحدهم ليخدمه ويصلي معه، لكنّ هذا القس كان يجمع مال الصدقات؛ فيأخذها لنفسه، وتركه بعد وفاته ليلتحق بقسيس آخر. 

تنقّل طلبًا وبحثًا عن الدين الحق إلى البصرة، ثم عند رجل صالح بعمورية، ومكث عنده وتعلم منه، وعمل فاكتسب عددًا من الأبقار والأغنام.

ولما احتضر الرجل، طلب منه سلمان أن يدله على آخر من أهل الدين؛ فأخبره أنّ الله سيبعث نبيًا على دين إبراهيم في أرض العرب، في منطقة فيها نخيلٌ، وعلامة نبوته أنّه يأكل من الهدية، ولا يأكل من الصدقة. 
التقى سلمان بتجار من أرض العرب، فطلب منهم أن يأخذوه معهم مقابل أن يعطيهم غنمه وأبقاره، فغدروا به وباعوه عبدًا إلى رجل من اليهود.

لقاؤه بالرسول

عمل سلمان عند اليهودي، وقدم عليه ابن عم له من بني قريظة؛ فسمعه سلمان يتحدّث عن نبي قدم واجتمع مع أتباعه في مسجد قباء؛ فأراد سلمان أن يتثبّت من الأمر. 

أخذ سلمان مجموعةً من الرطب وذهب بها إلى سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، وأخبره أنّها صدقةٌ عنده؛ فلم يأكل النبي منها، ثم أتاه سلمان مرةً أخرى بتمر، وأخبره أنّها هديةٌ أهديت إليه؛ فأكل الرسول، صلى الله عليه وسلم، منها، ثم قدم مرةً أخرى ليرى خاتم النبوة؛ فكشف النبي عن ظهره، ورأى خاتم النبوة؛ فعرف سلمان أنّه النبي الذي أخبره عنه الرجل الصالح، فأسلم سلمان.

بقي سلمان عبدًا عند اليهودي يعمل عنده إلى أنّ طلب النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أن يُكاتب سيده اليهودي، فكاتبه على أن يُعتقه مقابل أن يزرع له نخيلًا ويؤدي له مالًا، ففعل سلمان ذلك بمساندة من النبي، صلى الله عليه وسلم، والصحابة.

وأُعتق سلمان بعدها ليلتحق بالنبي والمسلمين. 

شارك سلمان في الحروب مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان أولها وأهمها الخندق؛ حيث أشار على النبي، صلى الله عليه وسلم، بحفر الخندق حاميًا للمدينة من غزو الأحزاب، حين استشار النبي، صلى الله عليه وسلم، أصحابه في القتال؛ لكنّهم احتاروا في وسيلة الدفاع؛ فتقدم سلمان الفارسيّ، وعرض عليهم حفر الخندق في الأماكن المكشوفة من الجبال والصخور، وفعلًا تمت الموافقة على هذا الخطة العسكرية، وتعاون المسلمون على حفر الخندق، فكان سببًا من أسباب نصرهم على الأحزاب.

كما شارك سلمان الفارسي في بقية المعارك بعد الخندق، وفي فتوحات العراق، وعُيّن واليًا على المدائن.

علمه

كان سلمان الفارسي غزير العلم بشهادة الصحابة له، ومن ذلك ما رُوي عن علي بن أبي طالب أنّه قال فيه: "من لكم بمثل لقمان الحكيم؟".
وقال فيه أيضًا: "أدرك العلم الأول والعلم الآخر، بحر لا يدرك قعره، وهو منا أهل البيت"، وقد روى سلمان  عدة أحاديث عن الرسول، صلى الله عليه وسلم، منها: "لَا يَغْتَسِلُ رَجُلٌ يَومَ الجُمُعَةِ، ويَتَطَهَّرُ ما اسْتَطَاعَ مِن طُهْرٍ، ويَدَّهِنُ مِن دُهْنِهِ، أوْ يَمَسُّ مِن طِيبِ بَيْتِهِ، ثُمَّ يَخْرُجُ فلا يُفَرِّقُ بيْنَ اثْنَيْنِ، ثُمَّ يُصَلِّي ما كُتِبَ له، ثُمَّ يُنْصِتُ إذَا تَكَلَّمَ الإمَامُ، إلَّا غُفِرَ له ما بيْنَهُ وبيْنَ الجُمُعَةِ الأُخْرَى".

مناقبه

لسلمان مناقب وفضائل عديدة، ومنزلةٌ رفيعة، ذلك أنه أول من أسلم من الفرس، وأحبّه رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، وكان مولى له وقريبًا منه حتى قيل: "سَلْمانُ منَّا أهْلَ البَيتِ". 

وكان سلمان حكيمًا وفقيها، وشهد له الرسول، صلى الله عليه وسلم، بذلك حين آخى بينه وبين أبي الدرداء، كما جاء في الحديث: "آخَى النبيُّ، صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بيْنَ سَلْمانَ، وأَبِي الدَّرْداءِ، فَزارَ سَلْمانُ أبا الدَّرْداءِ، فَرَأَى أُمَّ الدَّرْداءِ مُتَبَذِّلَةً، فقالَ لَها: ما شَأْنُكِ؟ قالَتْ: أخُوكَ أبُو الدَّرْداءِ ليسَ له حاجَةٌ في الدُّنْيا، فَجاءَ أبُو الدَّرْداءِ، فَصَنَعَ له طَعامًا، فقالَ: كُلْ فإنِّي صائِمٌ، قالَ: ما أنا بآكِلٍ حتَّى تَأْكُلَ، فأكَلَ، فَلَمَّا كانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أبُو الدَّرْداءِ يَقُومُ، فقالَ: نَمْ، فَنامَ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فقالَ: نَمْ، فَلَمَّا كانَ آخِرُ اللَّيْلِ، قالَ سَلْمانُ: قُمِ الآنَ، قالَ: فَصَلَّيا، فقالَ له سَلْمانُ: إنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، ولِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فأعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فأتَى النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَذَكَرَ ذلكَ له، فقالَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صَدَقَ سَلْمانُ".
كما عُرف سلمان بالزهد والتواضع.

وفاته

توفي سلمان الفارسي في خلافة عثمان، ودُفن في مدينة المدائن بالعراق، ويُرجح أنّ وفاته كانت سنة 32 هـ وقيل 33 هـ.


وأوصى قبل موته بوعاء فيه ماء؛ فوضع فيه المسك، ثم أمر صاحبة منزله أن ترشَّه حوله؛ لأنّه كان يرى خلقًا من خلق الله يشمّون الريح الطيب، ولا يأكلون الطعام، وكان يقصد بذلك الملائكة، ثم أمرّها أن تنزل من عنده؛ فلمّا غابت عنه مدةً يسيرةً صعدت إليه؛ فوجدته قد مات، رضي الله عنه.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية