حدث في 27 رمضان، رحيل الزعيم أحمد عرابي عن 70 عامًا بعد صراع مع المرض

في مثل هذا اليوم، 27 رمضان من عام 1329 هـ، رحل عن دنيانا، الزعيم أحمد عرابي، الذي قاد أول ثورة وطنية في تاريخ مصر الحديث، ووقف أمام الخديو توفيق قائلا في شموخ: "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا أو عقارا، فو الله الذي لا إله إلا هو لا نورث ولا نستعبد بعد اليوم"، ورفع شعار "مصر للمصريين".

في 31 مارس عام 1841، وُلد أحمد محمد عرابي محمد وافي محمد غنيم عبد الله الحسينى، بقرية "هرية رزنة" التابعة لمركز الزقازيق بالشرقية، من أسرة ينتهي أصلها إلى الإمام الحسين، رضي الله عنه، وكان والده عمدة القرية.

بعد أن حفظ عرابي في كُتاب قريته بعض سور القرآن، عهد به والده إلى ميخائيل غطاس، صراف القرية، ليعلمه القراءة والكتاب ومبادئ الحساب لمدة 5 سنوات.

توفي والده قبل أن يكمل عرابي السابعة من عمره، بوباء الكوليرا.

التحق عرابي بالأزهر عام 1849 لأربع سنوات، أتم خلالها حفظ القرآن الكريم، وتعلم بعضا من علوم التفسير والفقه واللغة.

عرابي قائمقام

في ذلك الوقت، أصدر الخديو سعيد أمرًا بتجنيد أبناء المشايخ والأعيان بالجيش ضمن جهوده للمساواة بين الشركس والمصريين، فالتحق عرابى بالخدمة العسكرية برتبة "شاويش"، وترقى حتى وصل إلى رتبة "قائمقام" "عقيد" عام 1861م، وهي رتبة لم يصل أي مصري من قبل.

مع تولى الخديو إسماعيل الحكم، تدهور وضع الضباط المصريين بالجيش، حيث ميّز الشراكسة والترك عليهم، ورقاهم دون التفات لمعيار الكفاءة، فضيق خسرو باشا الخناق على عرابي حتى فُصِلَ من الجندية، وظل بعيدًا عنها ثلاث سنوات.

عفا الخديو عن عرابي، وعاد في وظائف إدارية بالجيش، وعمل في وظيفة ملاحظة بناء القناطر وحماية الجسور، ثم أُحيل إلى التقاعد دون معاش حتى الحاجة إليه، ثم استُدعى أثناء حرب الحبشة في 1875م كمأمور مهمات، وزاد غضبه على الشركس؛ لأنهم عرَّضوا الجيش المصري لخسائر فادحة هناك بسبب قلة كفاءتهم، وتم اتهامه بعد عودته بالاشتراك في التخطيط لمظاهرات الضباط في فبراير 1878م، ونُقل إلى الإسكندرية.

رتبة "أميرالاي"

بعد عزل إسماعيل وتولي توفيق الحكم، عادت مكانة عرابي إلى ما كانت عليه، فمنحه توفيق رتبة أميرالاي "عميد" عام 1879م، وأعاده إلى العباسية بالقاهرة، إلا أن عرابي لم يتجاهل تسلط مسئولي الجيش على الضباط المصريين.

اجتمع عدد من الضباط المصريين بمنزل عرابي، منهم: عبد العال حلمى، وعلى فهمى وألفي يوسف، وأحمد عبد الغفار فى 15 يناير عام 1881م، واتفقوا أن يتحدث عرابي باسمهم، وكتبوا "عريضة" طالبوا فيها بعزل وزير الحربية عثمان رفقي، وتشكيل مجلس نواب، وزيادة عدد الجيش إلى 18 ألف جندي وتعديل بعض قوانين العسكرية، وإلغاء السخرة، ووقعوا عليها وقُدمت إلى رياض باشا رئيس النظار "الوزراء".

غضب الخديو وقرر إيقاف الضباط الثلاث ومحاكمتهم، فانتفض الجيش واقتحم الجنود المعتقل، وأطلقوا سراح الضباط الثلاثة.

وتحركت القوات، على رأسها عرابي، إلى قصر عابدين، وطالبوا بعزل وزير الحربية، فوافق الخديو مضطرا، وعين محمود سامي البارودي بدلًا منه في فبراير 1881م.

إلى قصر عابدين

حشد عرابي قوات الجيش المصري وتوجه به إلى قصر عابدين يوم 9 سبتمبر 1881م، (والذي أصبح عيدا للفلاحين فيما بعد ثورة 23 يوليو)، لعرض مطالب الشعب على الخديو، ومنها: إسقاط وزارة رياض باشا، وتشكيل مجلس نيابى، وزيادة عدد أفراد الجيش. 

رغم اعتراض الخديو وغضبه العارم، إلا أن المطالب أُجيبت وسقطت الوزارة، وافتتح المجلس النيابي في 26 ديسمبر 1881م.

بعدها حصل عرابي على رتبة اللواء في 1882م، وصدر أمر بتعيينه وكيلًا لوزارة الحربية في 4 يناير 1882م، ثم وزيرًا للحربية في وزارة البارودي في فبراير من نفس العام.

تدخل الإنجليز والفرنسيون لتحجيم نفوذ الجيش المصري الذي يقوده عرابي والبارودي، بعد أن صارت له الكلمة العليا، ويستطيع أن يجبر القصر على تغيير سياسته، فتقدمت إنجلترا وفرنسا بإنذار لوزارة البارودي، وتسلم الخديو نسخة منه تطالب فيها باستقالة الوزارة، وخروج عرابي من مصر، وتحديد إقامة عبد العال حلمي وعلي فهمي. 

وافق الخديو على الإنذار فيما رفضه الوزراء، وتقدموا باستقالتهم اعتراضًا عليه فقبلها الخديو، وتمسك الضباط بعرابي وزيرًا لهم، وعمت البلاد الاضطرابات.

ضرب الأسكندرية

أقدم الأسطول الإنجليزي على مهاجمة الإسكندرية في 11 يوليو 1882م، وتوالت المعارك في عدة أماكن واستمرت محاولات الخديو والإنجليز كسر شوكة عرابي وجنوده، فأصدر السلطان العثماني عبد الحميد منشورًا بـ"عصيان عرابي"، ثم انهزم فى موقعة التل الكبير  12 سبتمبر 1882م، فعاد لحماية القاهرة إلا أن الأنجليز اقتحموها في نفس يوم وصوله 15 سبتمبر ليبدأ الاحتلال البريطانى لمصر.

حوكم عرابي ورفاقه وحُكم عليه بالنفي، وغادر على متن سفينة من ميناء السويس فى 28 ديسمبر 1882م، متجهة إلى جزيرة سيلان، ورافقه في المنفى محمود سامى البارودي.

تشويه صورة الزعيم

بعد 19 عاما فى المنفى عاد إلى السويس، وسط حملة إعلامية مضادة، لتحميله مسئولية احتلال الإنجليز لمصر، وعصيانه للخديو، والسلطان العثماني؛ لدرجة أنه لم يكن يستطيع أداء الصلاة في المسجد، بسبب سخط الناس عليه.

وهاجمه المؤرخ مصطفى صادق الرافعي، وهجاه أمير الشعراء أحمد شوقي، بقصيدة، جاء فيها: "صغارٌ في الذهاب وفي الإيابِ.. أهذا كلُّ شأنك يا عرابي"؟!

سكن مع أبنائه في شارع الملك الناصر، وعاش أصعب أيامه، وكتب مذكراته بعنوان: "كشف الستار عن سر الأسرار" وذكر فيها أنه لم يجد ما يقرب من الحقيقة عما حدث في النهضة المصرية، فكتبها تصحيحا للتاريخ وخدمة للإنسانية، أوصى أولاده أن ينشروها مهما قابلهم من عقبات، وقد ترك 4 أبناء في مصر قبل نفيه وتزوج في منفاه وأنجب 4 أبناء عادوا معه إلى مصر، أما البنات فبقين هناك.

رحيل صامت

أُصيب عرابي بالسرطان، وفي 20 سبتمبر سنة 1911 اشتدت وطأة المرض على الزعيم الشيخ، وكان قد انتقل إلى منزل في المنيرة، وغاب عن وعيه 36 ساعة لم يتكلم فيها أو يفتح عينيه أو يدري شيئًا مما حوله، ثم وافاه الأجل المحتوم في 22 سبتمبر سنة 1911 م، الموافق 27 رمضان سنة 1329 هـ، عن عمر 70 عامًا ودُفن بقرافة الإمام الشافعي.

ذكرى نفي أحمد عرابي، الفلاح الذي تحدى بريطانيا وكتب درسا في النضال

فى ذكرى نفيه.. 9 معلومات عن أحمد عرابي (إنفوجراف)

لقد ظلموه حيًّا، بالتخلي عنه في الحرب ضد الإنجليز، وأثناء محاكمته، حيث أرغموه على كتابة التماس إلى الخديو يطلب العفو، بذريعة إلغاء حكم الإعدام على زملائه في الثورة، وظلموه ميِّتا، فلم يمش في جنازيته سوى نفر قليل جدا، حتى أنه يكاد يكون قد دُفِن سرًّا!!
لم يسترد عرابي بعضا مما يستحقه إلا بعد قيام ثورة يوليو، فأقيم له متحفٌ، وأصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر على أن تكون صورة عرابي حاضرة أثناء مفاوضات الجلاء مع الإنجليز عام 1954م؛ تكريما لدوره وإخلاصه للوطن.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.