العلاقات المصرية ــ الإيرانية من عبد الناصر إلى پزشكيان، قراءة في كتاب الاتحادية والپاستور

قدمت د.أسماء أمين حسن فرحات، أستاذ اللغة الفارسية وآدابها، فى جامعة لأزهر بالقاهرة، عرضا تفصيليا لكتاب " الاتحادية والپاستور، العلاقات المصرية الإيرانية من عبد الناصر إلي پزشکیان" 1952 ــ 2025م، للدكتور محمد محسن أبو النور، الباحث والخبير في تحليل السياسات الدولية والمتخصص في الشؤون الإيرانية.
توثيق لتاريخ العلاقات المصرية الإيرانية
وقالت د.أسماء أمين، فى مستهل عرضها للكتاب الذي يعد توثيق لتاريخ العلاقات المصرية الإيرانية، لقد قُدّر لمصر وإيران أن تشكلا معا أجنحة الاتزان والقوة في منطقة الشرق الأوسط، على امتداد هذا التاريخ؛ ولهذا كان مهما للغاية دراسة العلاقات المصرية - الإيرانية بشكل أكثر تفصيلا، وإلقاء الضوء على فترة مهمة في تاريخ هذه العلاقات، أدت تفاعلاتها إلى نتائج كان من شأنها تغيير شكل المعادلة السياسية برمتها في واحدة من أكثر مناطق العالم صراعًا وامتلاء بالأحداث.
وتابعت، هذه الدراسة تتناول موضوع العلاقات المصرية - الإيرانية من ثورة الضباط الأحرار في مصر عام ١٩٥٢ إلى بداية عام ۲۰۲٥ م وما اكتنفها من أحداث جسام أدت إلى تغيير ليس العلاقات الإيرانية - المصرية فحسب، بل العلاقات الإيرانية - العربية بوجه عام، وتلك الفترة لها أهمية قصوى على ساحة العلاقات الدولية، وعلى صعيد العلاقات الثنائية بين البلدين، حيث إن تداعياتها أثرت على حسابات العلاقات الدولية كافة، وخاصة تلك التي تتعلق بصراع القوى العظمى، ثم امتد أثرها ليشمل الشرق الأوسط والذي انتهى بأحداث جسام منها عملية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر ۲۰۲۳،وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا يوم ٨ ديسمبر ٢٠٢٤.
كما كان من شأن التفاعل المصري - الإيراني بدءا من علاقة الرئيس محمد أنور السادات والشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، أن يغير من السياسات الخارجية لكل دول الإقليم، تبعا لطبيعة المعادلة الجديدة التي أحدثها تحول العلاقات المصرية -الإيرانية من النفور في عهد الرئيس جمال عبد الناصر (١٩٥٤ - ١٩٧٠م) إلى الوئام في عهد خلفه الرئيس السادات (۱۹۷۰-۱۹۸۱م) ثم الاستقرار والتقارب في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي (٢٠١٤ - حتى الآن) ولذلك يعد هذا الكتاب أنموذجا، وافيا للعلاقات بين البلدين وهو مثابة دليل للباحثين والمهتمين بدراسة تاريخ كل من البلدين.
يوحي العنوان إيحاءً قريبًا بالعلاقات الثنائية بين البلدين، مصر وإيران، وإيحاءً بعيدًا إلى تداعيات هذه العلاقات وتأثيرها على حسابات العلاقات الدولية كافة، والشرق الأوسط.
ملخص كتاب الاتحادية والپاستور، العلاقات المصرية الإيرانية من عبد الناصر إلي پزشکیان
قسَّم الباحث كتابه إلى بابين كل باب يحتوي على خمسة فصول، سنعرض أهمَّ مضامينها بإيجازٍ لِيُكَوِّن المهتمُّ فِكرةً كافيةً عمَّا حوته تلك الفصول.
الباب الأول: العلاقات المصرية –الإيرانية، على عهد الشاه محمد رضا بهلوى
الفصل الأول: العلاقات المصرية – الإيرانية إبان ثورة 23 يوليو 1952م (ص 64-33)
بدأ الكتاب بدايةً منهجيَّةً ناجحةً، فمَهَّدَ بتعريفٍ كافٍ للأحداث والتغيرات السياسية في كل من مصر وإيران، وعرفَ بالعصر والمرحلةً الزمنيَّةً، ثمَّ مهَّد لمواضيع الفصل بمقدِّماتٍ عامَّةٍ، موردا شواهدَ كافيةً عن كلّ عنوانٍ من العناوين المذكورة بالفصل، وبدأ بذكر زواج ولي العهد محمد رضا بهلوي، بالأميرة فوزية ابنة الملك فؤاد، حيث كانت إيران أولى الدول التي اعترفت بمصر رسميا بعد استقلالها عن بريطانيا، وألقى الكتاب الضوء على موقف مصر والأزهر من الاعتراف الإيراني بإسرائيل، وتداعيات قرار تغيير اسم الخليج من "الفارسي" إلى "العربي".
الفصل الثاني: العلاقات المصرية – الإيرانية في ضوء صراع القوى الكبرى (ص 67-127)
عالج هذا الفصل تفاعلات العلاقات المصرية -الإيرانية، ومحاولات القوى العظمى آنذاك مد نفوذها إلى الشرق الأوسط، ولمحة تاريخية عن الدعم الإيراني لمصر على الصعيد الاقتصادي إبان اتفاقية كامب ديفيد، ثم الاحتلال الإيراني لثلاث جزر بدولة الإمارات، وما طوته وثيقة قصر المرمر الأمريكية لتثبيت دعائم حكم الشاه، وختم الفصلَ بذكر وقوف إيران بشدة إلى جانب الحكومة اللبنانية، إزاء الضغط الذي مارسه الناصريون، في لبنان على النظام.
الفصل الثالث: العلاقة بين الرئيس السادات وشاه إيران وأثرها على علاقات الدولتين (ص 130- 165)
تحولت العلاقات بين البلدين إلى الوئام في عهد الرئيس محمد أنور السادات، نظرًا لما تمتع به كل من الرئيس المصري محمد أنور السادات والشاه الإيراني محمد رضا شاه، من خلفية حضارية وثقافة شبه متطابقة، وتفهمهما للطبيعة الشعبية والبنية الحضارية لمصر وإيران وهو ما عمق العلاقات الثنائية، إلى جانب الزيارات المتبادلة بين زعيمي البلدين في القاهرة وطهران، ثم وساطة الشاه في التمهيد لعملية السلام بين مصر وإسرائيل.
الفصل الرابع: الموقف الإيراني من القضية الفلسطينية وأثره على العلاقات بين البلدين (ص 169-201)
استطرد الكتاب بانسيابية وتناغم يشوق القارئ لمعرفة الأحداث، ويصور تلك الحقبة ويشعر القارئ وكأنه يراها رأي العين، فيذكر موقف إيران من حرب أكتوبر 1973م وحقيقة الدعم الإيراني لمصر، ودور الشاه في مفاوضات فك الاشتباك الأول والثاني بين مصر وإسرائيل، وهذه الأحداث بتحليلها وذكرها الشيق، يفتح الآفاق أمام اتِّجاهات تفكيرٍ وأبحاثٍ جديدةٍ للدارسين.
الفصل الخامس: العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعيةبين البلدين(ص 204-241)
تنوعت العلاقات المصرية –الإيرانية في الفترة من 1970-1980م في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية،وقد زادت من متانة العلاقات بين البلدين، وارتفع مستوى الزيارات والتمثيل الرسمي بين البلدين، ونتاجًا لذلك تم العديد من المصاهرات بين مواطني البلدين،وتبادلت الوفود الفنية بين مصر وإيران.
الباب الثاني: العلاقات المصرية – الإيرانية على عهد الجمهورية الإسلامية
الفصل السادس: الموقف المصري من ثورة يناير الإيرانية لعام 1979م (ص 246-303)
تجمعت الأسباب لنهاية تلك الحقبة، وتعددت الإرهاصات التي أدت إلى سقوط الشاه محمد رضا بهلوي ومعه انطوت صفحة الأسرة البهلوية، ثم قامت الثورة الإسلامية عام 1979م، وكان لمصر موقف خاص من الثورة الإيرانية، واستقبلت مصر شاه إيران في أسوان ومن ثم تدهورت العلاقات بين البلدين.
الفصل السابع: العلاقات الإيرانية – المصرية في ضوء معاهدة السلام والحرب العراقية (ص 307-329)
أطل الباحث إطلالة وافية على العلاقات المصرية ــ الإيرانية بعهد الشاه، ثم يذكر الكتاب إيواء مصر لشاه إيران، وتوالي أحداث رهائن السفارة، وقيام الحرب العراقية ــ الإيرانية، وموقف مصر من تلك الحرب، ما دعى إيران إلى مبدأ القصاص تجاه مصر، وصارت الحكومة المذهبية في إيران النموذج الملهم للجماعات الإسلامية.
الفصل الثامن: العلاقات الإيرانية –المصرية على عهد الرئيس مبارك 1981-2011 (ص 333-374)
يمكن تقسيم العلاقات المصرية - الإيرانية على عهد الرئيس المصري محمد حسني مبارك إلى ٤ مراحل يمثل كل مرحلة منها رئيس تولى مقاليد الحكم في إيران وهم: الرئيس علي خامنئي الذي حكم من ۱۹۸۱ حتى العام ۱۹۸۹م، وهاشمي رفسنجاني الذي حكم من ۱۹۸۹ حتى العام ۱۹۹۷ وخلفه الرئيس محمد خاتمي الذي حكم دورتين رئاسيتين من ۱۹۹۷ حتى ٢٠٠٥ وأخيرا محمود أحمدي نجاد الذي تقلد السلطة لدورتين رئاسيتين أيضًا في الفترة من ٢٠٠٥ وحتى ٢٠١٣ وبالتالي انقسم عهد نجاد بين مبارك والمجلس العسكري الحاكم في مصر بعد نشوب ثورة الخامس والعشرين من يناير وإدارة المشير محمد حسين طنطاوي تلك الفترة الانتقالية في البلاد إلى جانب تلك الفترة التي تسلمت فيها جماعة الإخوان المسلمين الحكم في عهد الرئيس محمد مرسي ثم نحو شهرين من العام الذي أصبح فيه المستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا في مصر رئيسا للبلاد في أعقاب إعلان الثالث من يوليو لعام ٢٠١٣م.

وهنا، يلاحظ أن مبارك حكم في فترة (۱۹۸۱- ۲۰۱۱) تلك التي تناوب فيها على مبنى الپاستور في طهران أربعة رؤساء هم خامنئي ورفسنجاني وخاتمي ونجاد، بينما حكم نجاد في فترة تناوب فيها على قصر الاتحادية أربع حكام هم حسني مبارك ومحمد حسين طنطاوي، ومحمد مرسي، وعدلي منصور، مع استثناء أن المشير طنطاوي رفض أن يصبح رئيسًا كما أنه أدار البلاد من مقر مكتبه في وزارة الدفاع وليس من قصر الاتحادية، ومع ذلك يبقى قصر الاتحادية كيانا لا يمكن تجاهل رمزيته الكبرى بالنسبة لكل من تقلد السلطة في القاهرة تماما كما أنه لا يمكن تجاهل رمزية القصور الملكية والرئاسية في طهران بدءا من قصر نياوران ومرورًا بقصر سعد آباد وانتهاء بقصر الپاستور في الشارع الذي حمل الاسم نفسه إلى أن تم تغييره إلى شارع الشهيد رئيسي، في أعقاب وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي الذي قضى نحبه في حادثة تحطم طائرته الرئاسية يوم ١٩ مايو ٢٠٢٤.
وقد خضعت مرحلة الرئيس مبارك (۱۹۸۱ - ۲۰۱۱) لثلاثة مناخات في العلاقة مع إيران يمكن اختصارها على الوجه التالي:
۱ - مرحلة القطيعة مع إيران، وهي الممتدة بين الأعوام ۱۹۸۰ - ۱۹۸۸، حيث دخلت الحرب العراقية - الإيرانية في ذروتها، وبصرف النظر عن خطاب كل طرف في هذه المرحلة، فإن قناعة إيران ومصر، بأن كل واحدة منها تستهدف الأخرى وأمعنت هذه القناعة في إنتاج قيمة مضافة سلبية على سيرورة العلاقات الثنائية.
٢ - مرحلة فتح قنوات الاتصال، وهي الواقعة بين أعوام ۱۹۹۰ و ۲۰۰5 أي في عهدي الرئيسين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي، وفي هذه المرحلة يمكن ملاحظة اندفاعة إيرانية نحو مصر وتؤدة مصرية نحو إيران.
3- مرحلة الاندفاع الإيراني نحو مصر، وهي المرحلة الثالثة وتسجل بدايتها العام ٢٠٠٥، وفيها كانت إيران حريصة كل الحرص على إعادة العلاقات مع مصر، وفيها بدت الاندفاعة الإيرانية ماثلة في تصريح للرئيس محمود أحمدي نجاد في ديسمبر ۲۰۰۷ حين أعلن استعداده لإقامة علاقات دبلوماسية مع مصر في الدقيقة التي انطلق منها تصريحه.
الفصل التاسع: العلاقات المصرية –الإيرانية بين ثورتي 25 يناير 2011- 30 يونيو 2013م (ص377-415)
قسم المؤلف هذا الفصل إلى عدة مباحث اتكأت عليها في تحليل العلاقات المصرية - الإيرانية في الفترة الواقعة بين عامي ۲۰۱۱ - ٢٠١٣ أهمها إلقاء الضوء على تاريخية العلاقات بين الإخوان والخمينيين والتي توجت بصعودهما إلى الحكم ثم تناول بالبحث والشرح والتحليل قراءة في العقلية الإستراتيجية لكل طرف وإدراكه للطرف الآخر فضلا عن الحديث عن العوامل الثلاثة المؤثرة في سير العلاقات في تلك الفترة وهي مسألة أمن الخليج والثورة السورية والعامل الإسرائيلي في وجود حماس كرافد من روافد التنظيم الدولي للإخوان والمدعوم في الوقت نفسه من طهران.
ولقد توافرت في العلاقات المصرية - الإيرانية إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير ٢٠١١م، بوجه عام والعلاقات بين النظام الحاكم في طهران وجماعة الإخوان المسلمين كل عوامل التشويق والإثارة من جانبها السياسي والشعبوي؛ إذ لم يمر شهر واحد دون تغيير معادلة العلاقات، بين إقبال ومراوغة بدءا من إزاحة الرئيس مبارك من السلطة بالفعل الثوري الحاشد، ثم صعود الإخوان ورئاستهم للبرلمان ثم حله ثم انتخاب غرفة ثانية للبرلمان (مجلس الشورى) وترأس واحد من الإخوان له ثم انتخاب رئيس منهم للبلاد ثم عزله ما وفر لتلك الحالة الخاصة بعدا خاصا أعطى لتلك المرحلة التاريخية المهمة زخما فوق الزخم الذي اعتادت العلوم السياسية والتاريخ أن يتوقفا عنده في العلاقات المصرية - الإيرانية.
عند الحديث عن العلاقات بين جماعة الإخوان المسلمين ومركزها ومكان نشأتها (مصر) ونظام ولي الفقيه في إيران باعتباره نظاما شيعيا خالصا يجب الأخذ في الاعتبار عدة عوامل رئيسة يمكن من خلالها فك ألغاز وحل معضلات العلاقات الثنائية:
أولا: يجب التعامل مع النظام الإيراني الحالي على أنه (حركة) خمينية تولت زمام السلطة في طهران بعد الثورة التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي عام ١٩٧٩م، وبالتالي فإن العلاقات بين الإخوان كحركة وصلت إلى السلطة في مصر، والخمينية كحركة وصلت هي الأخرى إلى السلطة يغلب عليها طابع التكافؤ والندية والتوازن في المقادير.
ثانيا: العلاقات الإخوانية - الإيرانية ليست علاقات ثنائية بحتة كما هو الحال في معظم نماذج العلاقات الدولية بين المؤسسات أو الأنظمة أو حتى الجماعات الأخرى ذلك أن حركتا الخميني والإخوان مرتبطتان في الأساس بعدة عوامل حاكمة في سير علاقاتهما الثنائية وداخلة في صلب تكوين وجهتي نظرهما حيال المسائل الملحة والمحددة للإستراتيجيات
العامة لدى كل منهما وأبرز تلك العوامل ما يتعلق بحركة حماس ودعم إيران لها بالإضافة إلى الثورة السورية وما سببته من مشاكل دولية وإقليمية لا حصر لها فضلا عن الصراع العربي - الإسرائيلي وتداخل أمن الخليج في توجهاتهما وتعاطي كل منهما مع الأوضاع الداخلية لدى الآخر.
ثالثا: إن المتتبع لسير العلاقات المصرية - الإيرانية إجمالا يوقن أن العامل الإسرائيلي هو المحدد الحاكم والمسيطر على سير العلاقات الثنائية بينهما على مر عقود التاريخ المعاصر؛ ذلك أن الحكومة المصرية في عهد الرئيس جمال عبد الناصر قطعت علاقاتها مع الشاه عام ١٩٦٠م، إثر اعتراف بلاده بإسرائيل وفي المقابل بادرت الحكومة الخمينية الجديدة في إيران بعد نجاح الثورة عام ۱۹۷۹م، إلى قطع العلاقات مع مصر بعد أن وقع الرئيس المصري محمد أنور السادات معاهدة السلام في كامب ديفيد مع إسرائيل.
وعلى هذا المنوال تداخلت أطراف عدة في سير العلاقات المصرية - الإيرانية من منظورها الأوسع امتدادًا إلى العلاقات بين جماعتي الإخوان كحركة مصرية إسلامية تولت زمام السلطة في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير ۲۰۱۱م، وحركة الإمام الخميني كحركة ثورية اتخذت من نظرية ولي الفقيه نظاما لها.
الفصل العاشر: العلاقات المصرية –الإيرانية على عهد الرئيس السيسي 2014- 2015م (ص 478-417)
مرت العلاقات المصرية - الإيرانية على عهد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي تقلد الحكم في القاهرة في منتصف عام ٢٠٢٤ بحالة سكون لم تشهد فيها العلاقات بين البلدين توترًا، بل ظلت العلاقات في حالة ترقب دائم من جانب الطرفين خاصة إيران التي غيرت نهجها سريعًا من ثورة الثلاثين من يونيو لعام ٢٠١٣ على عكس المواقف التركية التي لم تتغير من تلك الثورة إلا بعد مضي سنوات طوال.

وفي عهد السيسي اتسمت العلاقات المصرية - الإيرانية بتلاقي وجهات النظر في كثير من الملفات منها على سبيل المثال الرغبة المصرية والإيرانية المشتركة في الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وفي تلك الأزمة السورية على سبيل التحديد كانت مصر هي الوسيط النزيه لدى أطراف الصراع فيما يتعلق بالهدنة.
ففي الثامن من يوليو لعام ۲۰۱٤ أدى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليمين الدستورية رئيسا لمصر لفترة رئاسية تمتد لأربع سنوات، أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا، وعقب أداء اليمين الدستورية، توجه إلى قصر الاتحادية، ثم استقبل ملوك ورؤساء الدول والحكومات والبرلمانات، ورؤساء الوفود المشاركين في مراسم تسليم السلطة.
ولقد كانت تلك اللحظة فارقة بحق في مسار العلاقات المصرية - الإيرانية لأنها سيترتب عليها العديد من اللقاءات والفاعليات والقمم المتبادلة بين البلدين على مستوى الخبراء والوزراء وانتهاء باللقاءات الثنائية على مستوى رؤساء الجمهورية في ظل ما عرف فى سنوات حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بالموازنة في علاقات مصر الخارجية بين القوى الإقليمية والقوى العالمية شرقا وغربا.
ومن ثم ذكر الكتاب العلاقات بين البلدين على عهد الرئيس حسن روحاني، وموقف مصر من توقيع الاتفاق النووي الإيراني لعام ٢٠١٥م، ومن ثم موقف مصر من الإستراتيجية الأمريكية العقابية ضد إيران، ثم العلاقات بين البلدين، وبداية التقارب المصري – الإيراني على عهد الرئيس إبراهيم رئيسي، وموقف مصر وإيران إزاء عملية طوفان الأقصى ۷أکتوبر ۲۰۲۳م،ثم وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، وانتخاب الرئيس مسعود بزشكيان، ويستطرد المؤلف ذاكرًا العلاقات إبان تنصيب الرئيس بزشكيان رئيسا لإيران وزيارة وزير الخارجية الإيراني (عراقجي) لمصر، ثم القمة التاريخية بين السيسي وبزشكيان على هامش البريكس، وحضور الرئيس الإيراني بزشكيان إلى مصر وبذلك يعد أول رئيس إيراني يعقد قمة في العاصمة الإدارية الجديدة، وتعد الزيارة الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2013.
خاتمة البحث: (ص 479-485)
وبعد هذه الرحلة الشيقة التي قطعناها مع هذا الكتاب الشيق نعرض ما توصل إليه المؤلف من نتائج:
يتضح أن العلاقات المصرية - الإيرانية في الفترة من ١٩٥٢ - ٢٠٢٥م، شهدت صعودا وهبوطا ثم صعودا وهبوطا مرة أخرى وصعودًا في الأشهر الأخيرة من تلك الفترة التي تشهد زخمًا على مستوى السياسات الدولية والإقليمية فرضت على أولئك الذين يجلسون في الاتحادية والباستور» ضرورة التقارب والتفاهم والتعاون المشترك في مجالات تبدأ من الأمن والسياسة ولا تنتهي عند الاقتصاد والاجتماع.
ويمكن استخلاص ما توصل إليه البحث من نتائج على النحو التالي:
-برز الخلاف المصري - الإيراني على عهد الرئيس جمال عبد الناصر نظرا التعارض المشروعين السياسيين لدى القاهرة وطهران حيال أغلب الملفات الإقليمية وعلى رأسها الصراع مع إسرائيل فضلا عن موقف الشاه من التدخل المصري في اليمن والحرب المباشرة بين البلدين في هذا البلد.
-لعب العامل الإسرائيلي أكبر الأثر في التأسيس للخلاف المصري - الإيراني والذي ستمتد آثاره إلى فترات أبعد في تاريخ العلاقات بين البلدين في الحديث والمعاصر خاصة بعد تغير حكم الشاه وسقوط نظامه أمام قوى الثورة الإسلامية. أدى صراع القوى الكبرى في منطقة الشرق الأوسط إلى تقارب مصري -ايراني بحكم التقاء وجهات النظر بين السادات والشاه حول المواقف الأمريكية والسوفيتية من قضايا الشرق الأوسط.
-اعتمد السادات في سياساته الخارجية على إستراتيجية الحوار عن قرب خاصة بعد أن كانت العلاقات المصرية - الدولية شبه مقطوعة أغلب دول المنطقة والعالم ولذلك عمل السادات على تحسين علاقاته بالدول التي كانت بينها وبين مصر علاقات متوترة وعلى رأسها إيران.
-عمل شاه إيران محمد رضا بهلوي على تشجيع السياسات العربية عموما، والمصرية خصوصا والتي تقضي بتبني سياسات معتدلة تجاه تسوية الصراع العربي - الإسرائيلي، اعتقادا منه بأن هذا هو أحد العوامل المهمة لتحقيق أهداف إيران في خلق بيئة إقليمية مناسبة، لمنع، وانتشار النفوذ الشيوعي في المنطقة، ومن ثم نشأت علاقة من نوع ما بين هذه السياسات الإيرانية والسياسية المصرية التي ارتأها الشاه معتدلة، وبالتالي صب في النهاية في خانة تحسين العلاقات المصرية الإيرانية.
-استهدف التقارب المصري - الإيراني إضعاف النفوذ السوفيتي في المنطقة خاصة بعد أن أثبتت التجارب أن الاتحاد السوفيتي لا يملك كثيرا من أوراق اللعبة وأنه يبخل على حلفائه بالمال والسلاح، وأن موسكو تستغل علاقاتها مع القاهرة بهدف الضغط على واشنطن للحصول على تسويات مختلفة في عدد من الملفات منها النفوذ الروسي في الشرق الأوروبي على سبيل المثال.
-مثلت البيئة الخارجية للسياسات المصرية والإيرانية على حد سواء، بما فيها طبيعة العلاقات المصرية - الإيرانية، وطبيعة علاقات الدولتين بالقوتين العظميين عاملا مهما من عوامل التقارب بين القاهرة وطهران، وبالتالي فإن العلاقة بينهما شهدت تطورا ملحوظا انعكس بدوره على الاتجاهات العامة في الشرق الأوسط، بدءا من إحلال النفوذ الأمريكي محل النفوذ السوفيتي، وصولا إلى اعتماد صيغة السلام بدلا من الحرب، في معادلة الصراع العربي - الإسرائيلي، ومرورًا بأوجه التعاون السياسي والاقتصادي، والثقافي، والأمني بين البلدين.
-اتسمت العلاقات الإيرانية والمصرية بإسرائيل بأهمية كبرى في مسيرة العلاقات بين البلدين ونجح الرئيس السادات من خلال علاقاته الوطيدة بالشاه الإيراني إلى تغيير الموقف الإيراني الداعم تماما لإسرائيل إلى موقف محايد في بعض الأوقات ومناصر بالكلية للحق المصري في استعادة الأرض المحتلة في معظم الأوقات ما يؤكد أن تحسن العلاقات المصرية - الإيرانية صب في النهاية في خانة الدعم الإيراني لمصر في قضاياها المشروعة المتعلقة بالحرب والسلام مع إسرائيل.
-اتسمت العلاقات المصرية - الإيرانية على عهد السيسي بتلاقي وجهات النظر في كثير من الملفات منها على سبيل المثال الرغبة المصرية والإيرانية المشتركة في الحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وفي تلك الأزمة السورية على سبيل التحديد كانت مصر هي الوسيط النزيه لدى أطراف الصراع فيما يتعلق بالهدنة.
فرضت السيولة الإقليمية في الشرق الأوسط في مرحلة ما بعد عملية طوفان الأقصى على مصر وإيران ضرورة التقارب والتنسيق الأمني والسياسي والدبلوماسي وتكلل ذلك في لقاءات قمة جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيريه الإيرانيين إبراهيم رئيسي ثم مسعود بزشكيان وهو ما تجسد في قمة القاهرة بين السيسي وبزشكيان على هامش قمة الدول الثماني الإسلامية النامية دي - ۸) والتي عقدت في القاهرة يوم الخميس ۱۹ ديسمبر من العام ٢٠٢٤م.
ميزات وأسلوب المؤلف في كتابه، أنه بات يقرأ ويبحث ويفند ويتحرى الدقة، كي يقدم هذه الموسوعة العلمية، فالكتاب متعدد الجوانب، يذكر المعلومات ويتتبعها ويحللها ويهمس للقارئ في أذنيه بمعلومات ومسائل عضال ولكن بأسلوب رشيق وسهل، ويتَبَدَّى أسلوبُ المؤلِّف في هذا الكتاب متميِّزًا بخصائصَ واضحةٍ ومثمرةٍ بالنِّسبة إلى القراء والمطلعين الجددٍ، الذين لم يخوضوا غمار الأبحاث والمقارنات.
أهم معالم أسلوب الكتاب:
منهج وقواعد:
تبنَّى المؤلِّف منهجًا واضحًا وسليمًا من خلال تحليل ووصف الأحداث وتسلسلها وذكرها كاملة بلا إسهاب ملل ولا اختصار مخل.
التَّوثيق [ذكر مصادر ومراجع كافية] والأمانة العلمية:
وَثَّقَ المؤلف توثيقًا كافيًا مانحًا كتابه درجةَ وثاقةٍ أعلى، بدأ من الصَّفحات الأولى، فأحال كل ما كتبه إلى مراجعه أو مصادرٍه، وذكر جميع حواشي وهوامش وتعريفات الكتاب في موضعها في نهاية الكتاب، مثل أمواج بحر تتدفق لتقدم للقارئ وللعلم ذاته مادة علمية محكمة، وقد ذكر كل واردة في كتابه وعرفها، وهذا أسلوبٌ يثير في نفوس الباحثين فضول البحثِ والاستزادة؛ فضلًا عن الأمانة العلمية، فالمؤلف باحث مُنْصِفَ لا يبخس العلماء أشياءهم، بل يقتبس منهم، ويشير إلى ذلك.
التعريف بالمصطلحات المستخدمة:
وهو شرطٌ منهجيٌّ لازمٌ واجب الاستخدام، لكنَّ كثيرًا من الباحثين يتركون بعض مصطلحاتهم من دون تعريف، ولكن الباحث عرف بالكثير من المصطلحات والأشخاص والمدن والأعلام والتواريخ التي تخفى على القارئ.
الإسهابُ غير المقل وغير الممِل:
وهو أسلوبٌ رشيق يفتقده العديد من الكتاب وهو يوفِّر وقت وجهد القارئ، امتاز به المؤلف في كتابه عندما تَوَسَّعَ بَعْضَ الشَّيءِ في المواضيع فائقة الأهمِّيَّةِ عندَ الحاجة، من دون إطناب، غير مكتفي بعنوانٍ عامٍّ واحدٍ، بل كان يضع العناوين والإشارات المهمَّة، بأسلوبٍ سهلٍ مقنعٍ.
وختمت، ما أعلاه عرض لكتاب (الاتحادية والپاستور) أسلوبًا ومضمونًا، وربطنا بينه وبين مؤلفه، وهو باحث ذو أسلوبٍ رشيق ممنهج قائمٍ على الدقة، ودعمِ بالأدلَّة والشّواهد الكافية، التي عرفت القارئ بإحدى الدول المهمة وعلاقاتها بمصر على مر التاريخ المعاصر فالكتاب سفر موسوعي، وزاد المعرفة إيران تلك الدولة ذات الثقل الجغرافي والسياسي في الشرق الأوسط، ويمكن القول إن هذا الكتاب بحق جدير بالقراءة والتحقيق.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا