تفريغ فلسطين بين الصهيونية المسيحية والسياسات الأمريكية.. ترامب يقود العالم إلى ملحمة هرمجدون

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "تفريغ فلسطين" باعتبارها "أرضًا خربة"، الكثير من الجدل والاهتمام في الأوساط السياسية والدينية على حد سواء، هذه التصريحات لم تأتِ من فراغ؛ بل تعكس جذورا عقائدية عميقة تتصل بحركات الصهيونية المسيحية، التي تؤمن بأن فلسطين هي المسرح المقدس لإعادة بناء الهيكل المزعوم وتهيئة الأرض لمعركة "هرمجدون" النهائية.
هذه العقيدة ليست مجرد تفسير ديني، بل حركة سياسية قوية شكلت السياسات الغربية، وخاصة الأمريكية، تجاه الشرق الأوسط لعقود. فالصهيونية المسيحية، التي نشأت في الأوساط البروتستانتية المتشددة، ترى أن تحقيق نبوءات العهد القديم يستوجب دعم اليهود للعودة إلى فلسطين وإقامة دولتهم لإفساح الطريق أمام عودة المسيح.
ترامب وتجسيد العقيدة الصهيونية المسيحية
منذ بداية فترة رئاسته، ارتبط ترامب ارتباطًا وثيقًا بالحركات المسيحية اليمينية المتطرفة، التي شكلت قاعدة دعم رئيسية له، وقد انعكس هذا الدعم في سلسلة من القرارات السياسية التي كانت تبدو أشبه بتنفيذ خطة لاهوتية؛ من الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، إلى دعم المستوطنات الإسرائيلية، وقطع المساعدات عن الفلسطينيين، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقيات التي كانت تحاول إيجاد حل عادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
لكن تصريحات ترامب الأخيرة حول فلسطين باعتبارها "أرضًا خربة" جاءت لتؤكد هذه الأجندة. فقد عبر بوضوح عن رغبة في تدمير الهوية الفلسطينية، ليس فقط من الناحية السياسية بل حتى الثقافية والتاريخية، هذه النظرة تُعيد إلى الأذهان فكرة التهيئة لمعركة هرمجدون، التي يُنظر إليها في العقيدة المسيحية الصهيونية كمعركة فاصلة بين الخير والشر، يتبعها حكم المسيح للعالم.
جذور الصهيونية المسيحية: من الإصلاح الديني إلى بناء الهيكل المزعوم
لم يكن دعم المسيحيين لليهود فكرة وليدة القرن العشرين؛ بل تعود جذورها إلى حركة الإصلاح الديني في أوروبا خلال القرن السادس عشر. عندما كتب الراهب الألماني "مارتن لوثر" كتابه الشهير "المسيح وُلِد يهوديًا"، ساهم في نشر الفكرة القائلة إن عودة اليهود إلى أرض فلسطين شرط لعودة المسيح. رغم تحوّل لوثر لاحقًا إلى معاداة اليهود، إلا أن دعوته تركت أثرًا عميقًا في التيارات البروتستانتية.
مع تطور الحركات البروتستانتية المتشددة، مثل "البيوريتان"، ازداد الاهتمام بالعهد القديم باعتباره النص المقدس الذي يربط بين اليهود والمسيحيين. وبدأت فكرة "شعب الله المختار" تُروج بقوة، حيث اعتُبرت عودة اليهود إلى فلسطين بداية النهاية للعالم القديم وبداية حكم المسيح الألفي.
الهيكل المزعوم ومعركة هرمجدون
في العقيدة المسيحية الصهيونية، يُعتبر بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى شرطًا جوهريًا لتحقيق النبوءات. وقد شجّعت هذه الفكرة ملايين المسيحيين الإنجيليين في الولايات المتحدة وأوروبا على دعم إسرائيل سياسيًا وماديًا. تُشير تقارير عديدة إلى جمع تبرعات ضخمة لتمويل مشروعات تهدف إلى إزالة المعالم الإسلامية في القدس واستبدالها بالهيكل المزعوم.
أما معركة هرمجدون، التي يُعتقد أنها ستحدث في سهل "مجدو" بفلسطين، فهي تمثل ذروة الصراع بين قوى الخير والشر. يؤمن المسيحيون الصهاينة أن المسيح سيقود جيش الخير وينتصر على أعدائه، مما يتيح له أن يحكم العالم ألف عام من السلام. هذه الأفكار، رغم طابعها اللاهوتي، تشكّل أساسًا لتوجهات سياسية وعسكرية فعلية، وتؤثر بعمق على قرارات قادة مثل ترامب.
الصهيونية المسيحية والسياسة الأمريكية
السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط ليست فقط تعبيرًا عن مصالح استراتيجية أو اقتصادية؛ بل هي انعكاس للعقيدة الدينية التي يتبناها عدد كبير من الساسة الأمريكيين. منذ بدايات الاستيطان الأوروبي في أمريكا، شبّه المستوطنون البروتستانت أنفسهم ببني إسرائيل، واعتبروا أمريكا أرض الميعاد الجديدة. هذه الرؤية جعلت من فلسطين "أرض الوعد"، ليس فقط لليهود بل للمسيحيين الذين ينتظرون عودة المسيح.
الرؤساء الأمريكيون عبر التاريخ، من "وودرو ويلسون" إلى "هاري ترومان" وحتى "جورج بوش الابن"، أظهروا تعاطفًا كبيرًا مع الصهيونية، مستندين إلى نبوءات توراتية. وفي حالة ترامب، يبدو هذا التعاطف قد بلغ ذروته بتحويل النبوءات إلى قرارات سياسية مباشرة.
فلسطين بين العقيدة والسياسة
تصريحات ترامب ومواقفه تجاه فلسطين ليست مجرد أفعال فردية، بل هي جزء من منظومة عقائدية وسياسية تدعمها مؤسسات دينية وسياسية قوية في الولايات المتحدة. هذه المواقف تشكّل تحديًا كبيرًا للشعب الفلسطيني، الذي لا يواجه فقط الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضًا دعمًا عالميًا مستندًا إلى عقائد دينية تعتبر وجوده عقبة أمام تحقيق "نبوءات مقدسة".
في خضم هذه التحديات، تبقى فلسطين رمزا للصمود، ومعركة الدفاع عنها ليست مجرد معركة سياسية بل قضية إنسانية وأخلاقية تحتاج إلى تضامن عالمي لمواجهة عقيدة تسعى لتدمير تاريخها وثقافتها وهويتها.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا