فضائل الصحابة ومناقب آل البيت.. أم المؤمنين زينب زوجها الله من فوق سبع سماوات

قال الله تعالى: "مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا". [الفتح: 29].
وقال أيضا: "وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ". [الحشر: 9].
وقال: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ". [التوبة: 100].
فأصحاب الرسول، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم، أوَّل وأفضلُ مَن دَخَل فيه من هذه الأمة، ولهم منه أوفرُ حظٍّ، وأكملُ نصيب.
وقال الله سبحانه وتعالى: "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت".. وقال أبو بكر، رضي الله عنه: "ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته".
في هذه الحلقات نستعرض فضائل ومناقب الصحابة وآل البيت، رضي الله عنهم.
أم المؤمنين زينب.. زوجها الله من فوق سبع سماوات
كانت أم المؤمنين السيدة زينب بنت جحش بن رئاب المخزومية، زينة فتيات مكة، تتباهي بأصالة نسبها وطيب عنصرها، فقد حازت المجد كاملا.. كما كانت، رضي الله عنها، قمة في فصاحة اللسان، وذروة في الفضائل والأخلاق.
هي أم المؤمنين زينب بنت جحش المخزومية الأسدية، وأُمُّها هي أميمة بنت عبد المطلب، عمَّة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
وُلِدَتْ، رضي الله عنها، في السنة الثالثة والثلاثين قبل الهجرة، أخوها عبد الله بن جحش أحد السابقين في الإسلام، وقائد سريَّة نخلة، استشهد في يوم أُحُد، ودُفن هو وخاله حمزة بن عبد المطلب، عمُّ النبي، في قبر واحد، رضي الله عنهما.
زواجها من زيد بن حارثة
توجه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليخطب لزيد بن حارثة، فدخل على زينب بنت جحش، رضي الله عنها، فخطبها، فقالت: لستُ بناكحته.. (كانت رافضة له لأسباب منها أنه كان من العبيد قبل أن يعتقد النبي). فقال رسول الله: "بَلْ فَانْكِحِيهِ".
قالت: يا رسول الله، أؤمر في نفسي؟ فبينما هما يتحدَّثان، أنزل الله تعالى قوله على رسوله: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلًا مُبِينًا". (الأحزاب: 36)، فقالت رضي الله عنها: رضيتَه لي يا رسول الله منكحًا (زوجا)؟، قال رسول الله: نعم. قالت: إذن لا أعصي رسول الله، قد أنكحته نفسي.
زالكعروف أنه في ذلك الوقت، كان الرقيق المحرَّر، طبقة أدنى من طبقة السادة، ومن هؤلاء زيد بن حارثة، فأراد رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، أن يُحقِّق المساواة الكاملة بتزويجه من شريفة من بني هاشم، قريبة الرسول زينب بنت جحش؛ ليُسقط تلك الفوارق بنفسه وفي عائلته، ولو لم يفعل ذلك رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم،لما تحطمت تلك القيود إلى الآن، ولاستمرت كعادات وتقاليد ولما تخلصت منه الجماعة المسلمة، على الإطلاق.
تحطيم فكرة التبني
على غير ما تشتهي السفن، لم تكن الحياة الزوجية على ما يرام بين زيد والسيدة زينب، فكشف زيد لرسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، عن رغبته في الانفصال عن زينب، لكن سيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، ردَّه، وقال له: "اتَّقِ اللهَ، وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ".
فأنزل الله تعالى قوله: "وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ". (الأحزاب: 37)، فالله تعالى أخبر نبيَّه أن زينب بنت جحش ستكون زوجةً من زوجاته.
هكذا أراد الله، وهكذا كانت مشيئته، سبحانه، وما كان لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا أن يستجيب وينفذ، رغم أكاذيب المنافقين ومزاعمهم؛ لأن زيدًا ابنٌ للرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، بالتبنِّي، لكن الله، تعالى، أخرج شاء لسيدنا محمد، صلى الله عليه وآله وسلم، أن يكون لاقترانه بالسيدة زينب بنت جحش حكمةٌ تشريعيةٌ مهمةٌ، وهي إلغاء فكرة التبني تماما، وأول من يُطبِّق هذه الحكمة هو الرسول، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ تبنَّاه؛ فقد كان اسم زيد منتسبًا باسم سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، فكان يُدعى: “زيد بن محمد”، وبعد هذا الأمر الإلهي، عاد لاسمه الحقيقي “زيد بن حارثة”.
زواجها من رسول الله
وبعد طلاق السيدة زينب من زيد بن حارثة، ثم انقضاء عِدَّتها، قال رسول الله لزيد بن حارثة: "اذْهَبْ وَاذْكُرْهَا عَلَيَّ"؛ (ما يؤكد أن زيد بن حارثة لم يكن في نفسه شيء، كما يزعم المنافقون).
يقول زيد: فلمَّا قال ذلك عظُمت (كبرت قيمتها) في نفسي، فذهبتُ إليها، وجعلتُ ظهري إلى الباب، فقلت: يا زينب أبشري، فإن رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، يخطبك، ففرحت بذلك، وقالت: "ما أنا بصانعة شيئا، أو ما كنت لأحدث شيئا، حتى أؤامر (أستخير) ربي عز وجل". فقامت إلى مسجد لها فصلت ركعتين، وناجت ربها، فقالت: اللهم إن رسولك يخطبني، فإن كنت أهلا له، فزوجني منه.
فأنزل الله قوله تعالى: "فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا". (الأحزاب: 37). فجاء رسول الله فدخل عليها بغير إذن.
ورُوِي: أنه لما دخل بها، قال لها: ما اسمك؟ قالت: بَرَّة. فسماها رسول الله زينب.
ورُوِي: أنه لما تزوَّجها رسول الله تكلَّم في ذلك المنافقون، فقالوا: حرَّم محمد نساء الولد، وقد تزوَّج امرأة ابنه. فأنزل الله تعالى: "مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا". (الأحزاب: 40).
وقال أيضًا: "ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا". (الأحزاب: 5).
فخرها على أمهات المؤمنين
ولمَّا نزل قوله تعالى: "فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا.…..". (الأحزاب: 37)، كانت زينب، رضي الله عنها، تفتخر على بقيَّة زوجات الرسول، صلى الله عليه وسلم، وتقول لهنَّ: زوجكنَّ آباؤكنَّ، وزوَّجني الله من فوق سبع سموات.
وما أَقام رسول الله وليمة بمناسبة زواجه بإحدى أمهات المؤمنين، أكثر وأفضل ممَّا أوْلم على زينب، وقد أطعم الحاضرين خبزًا ولحمًا حتى شبعوا وتركوه.
مكانتها وفضلها
كانت لها، رضي الله عنها، مكانة عالية عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فكانت عائشة تقول عنها: كانت زينب هي التي تساميني من أزواج النبي (تعادلني وتضاهيني في الحظوة والمنزلة الرفيعة)، ولم أرَ امرأة قطُّ خيرًا في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثًا، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشدَّ ابتذالًا لنفسها في العمل الذي يُتصدَّق به، ويُتقرب به إلى الله، ما عدا سورة من حدَّة (سرعة الغضب)، كانت فيها، تُسرع منها الفيئة (تتراجع بسرعة).
ووصفها رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، بأنها أوَّاهة، فقال لعمر بن الخطاب: "إِنَّ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ أَوَّاهَةٌ". فقال رجل: يا رسول الله، ما الأوَّاه؟ قال: "الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ، "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ". (هود: 75)".
وتعد زينب بنت جحش من رواة الحديث النبوي.. وقد اشتركت، رضي الله عنها، مع الرسول، صلى الله عليه وسلم، في معركة الطائف بعد حنين، وخيبر، ثم حجة الوداع.
وبعد انتقال سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم، ظلَّت السيدة زينب بنت جحش محافِظةً على عهده، صلى الله عليه وآله وسلم، لازمة بيتها؛ ففي حجة الوداع قال رسول الله لزوجاته: "هَذِهِ ثُمَّ ظُهُورُ الحُصُرِ". (إشارة من النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أزواجه ينبغي ألا يحججن)، فكن كلهن يحججن إلاَّ زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة، وكانتا تقولان: والله لا تحرِّكنا دابَّة بعد أن سمعنا ذلك من النبي.
حياتها وزهدها بعد رسول الله
وطوال حياتها، ظلَّت، رضي الله عنها، جوَّادة كريمة بعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، متمسِّكة بالزهد، وعدم التعلُّق بالدنيا ومتاعها، فيُذْكَر أنه لمَّا جاء العطاءُ عمرَ من البلدان المفتوحة، بعث إلى أمِّ المؤمنين زينب بنت جحش بالذي لها، فلمَّا دخل عليها قالت: "غفر الله لعمر! لَغَيْرِي من أخواتي كان أقوى على قَسْم هذا منِّي". قالوا: هذا كله لكِ. قالت: "سبحان الله" واستترت دونه بثوب، وقالت: "صبُّوه واطرحوا عليه ثوبًا". فصبُّوه وطرحوا عليه ثوبًا، فقالت لبرزة بنت رافع: "أَدْخِلي يدكِ فاقبضي منه قبضة فاذهبي إلى آل فلان"، وآل فلان (من أيتامها وذوي رحمها)، فقسّمته حتى بقيت منه بقيَّة: فقالت لها برزة: غفر الله لكِ! والله لقد كان لنا في هذا حظٌّ. قالت: "فلكم ما تحت الثوب". قالت: فرفعنا الثوب فوجدنا خمسة وثمانين درهمًا، ثم رفعت يديها، فقالت: "اللهم لا يدركني عطاء لعمر بعد عامي هذا". قالت: فماتت رضي الله عنها.
ويروى أن عطاءها بلغ اثني عشر ألف درهم، لم تأخذ إلا في عامها هذا وفرقته على اليتامي والمساكين والمحتاجين.
وفاتها
تُوُفِّيَتْ أمُّ المؤمنين زينب بنت جحش، رضي الله عنها، في خلافة عمر بن الخطاب في عام عشرين من الهجرة، وكانت أولى زوجات الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، لحاقا به، وقيل: في عام واحد وعشرين من الهجرة، وهي ابنة ثلاث وخمسين سنة.
وصلى عليها عمر بن الخطاب، ودفنت بالبقيع.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا