مع الزاهدين.. سفيان الثوري سيد العلماء

هو أبو عبد الله سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، أحد الأئمة الخمسة المجتهدين.
وُلِدَ الإمام سفيان الثوري في الكوفة سنة 97 هجرية، ومات سنة 161 هجرية.
نشأته
تُوفِّي أبوه وكان صغير السن، فنشأ يتيمًا لا أب له، قالت له أمه: أي بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي، فانطلقت الأم تغزل صوفها.
وقد كان لأمه أثرٌ كبيرٌ في تنشئته نشأةً صالحةً، وتربيته على حب طلب العلم، والاشتغال به، فعن وكيع قال: قالت أم سفيان لسفيان: "اذهبْ فاطلب العلم، حتى أعولك بمغزلي، فإذا كتبت عدة عشرة أحاديث فانظرْ هل تجد في نفسك زيادة، فاتبعه وإلا فلا تتعنَّ".
وكانت تدعمه بوصاياها وحكمتها، فقالت له يومًا: "يا بني إذا كتبت عشرة أحرفٍ فانظر هل ترى في نفسك زيادةً في خشيتك وحلمك ووقارك؟ فإن لم تر ذلك؛ فاعلم أنّها تضرك ولا تنفعك".
كان والده سعيد بن مسروق أبو سفيان من محدثي الكوفة الثقات.
تواضعه
كان التواضع من صفات الجليل المسلم سفيان الثوري، فالتواضع كما جاء في الأثر سرّ كل توفيق ورفعة، وهي صفة من صفات الله تعالى، وخلق من أخلاق أولياء الله.
ويعد سفيان الثوري من العلماء الذين دفعوا نظير الثبات على مبادئهم أثمانًا غالية، حيث اتسم بخصلة التواضع، مع معرفة الله وخشيته، والحرص على تجسيد روح الإسلام وإنفاذ شرعه، مارس في حياته ما خلد في مراتب الزهد والورع والأخلاق نهجًا حياتيًا، لا بالقول فقط، وإنما الفعل، والممارسة.
عاش سفيان الثوري، زمن الدولة العباسية، ويصنف هذا العالم الجليل، بأنه من تابعي التابعين.
"أمير المؤمنين في الحديث"
جمع سفيان الثوري الكثير من الخصال التي قلما توفرت في غيره، فهو أحد رواة الحديث، بل ويلقب بـ"أمير المؤمنين في الحديث".
ونقل عنه أنه قال: "ما رويت حديثًا عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلا وعملت به".
وكان يقول لأصحاب الحديث: "أدوا زكاة الحديث، قيل: وما زكاة الحديث؟ قال: أن تعملوا من كل مئتي حديث بخمسة أحاديث".
خشيته لله عز وجل
اقترن طلبه للعلم بخشية الله عز وجل، وهذا ما أهله، ليستثمر في علمه، وينشره بين الناس، وكان أحد الذين يحضون الشباب على المعرفة، ومن ذلك قوله: "يا معشر الشباب تعجلوا بركة هذا العلم، فإنكم لا تدرون لعلكم لا تبلغون ما تؤملون منه، ليفد بعضكم بعضًا".
وقال أيضا: "تعلموا العلم، فإذا علمتموه، فاكظموا عليه، ولا تخلطوه بضحك ولا لعب، فتمجه القلوب".
خشوعه وعبادته
أما الخشوع، والزهد، والتعبد، وما عرف به من حكمة، وتعقل، وروية، فلكل مقام مقال عنده، ففي الخشوع، على سبيل المثال، نجده ينشر كثيرًا من مواعظه بين الناس، فهو أحد الذين تلقوا العلم عن عدد كبير من الشيوخ والعلماء الأفاضل، الذين يقدر عددهم بنحو 600 عالم جليل.
قال في الخشوع: "من لم يكن خاشعًا في صلاته، فلا تكون الصلاة مقبولة صحيحة عند الله"، وفي باب الحكمة قال: الحكمة هي العلم المقارن، وهذا هو المراد بقوله تعالى "يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ".
وكان يقوم الليل حتى الصبح في أيام كثيرة، وكان يرفع رجليه على الجدار بعد قيام الليل حتى يعود الدم إلى رأسه.
وقال ابن وهب: "رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب سجد سجدة فلم يرفع رأسه حتى نودي للعشاء.
وعن ابن مهدي قال: "كنت لا أستطيع سماع قراءة سفيان من كثرة بكائه".
وقال قبيصة بن عقبة: "ما جلستُ مع سفيان مجلسًا إلا ذكرتُ الموت، وما رأيتُ أحدًا كان أكثر ذكرًا للموت منه".
ورد عنه في كتاب "تذكرة الأولياء": "قيل يا شيخ، كم تتوضأ وأنت ضعيف؟! قال: إذا دفنتموني أرجو منكم أن تضعوا خدي على التراب، لعل الله يرحم ذلي وفقري، ثم قال: الآن حطوا وجهي على التراب، فإن أجلي قريب".
حكمته
وصفه الإمام الذهبي، قائلا: "هو شيخ الإسلام، إمام الحفاظ، سيد العلماء العاملين في زمانه أبو عبد الله الثوري، الكوفي، المجتهد، مصنف كتاب "الجامع".
قيل عنه: "كان عالمًا بالقرآن وتفسيره، متقنًا لقراءته"، وقد رُوي عنه أنه قال: "سلوني عن المناسك والقرآن، فإني بهما عالم".
زهد الثوري
تبوأ في الزهد منزلة رفيعة قلما نجدها عند غيره ممن عاصروه من العلماء.
الزهد في مقام الثوري يجنب صاحبه الوقوع في الزلل، ويدفع إلى نوع من التبصر والتأمل العميق، هو بالتالي أقرب إلى المعرفة، ومن مارس الزهد، كما تعلمه سفيان الثوري وعلمه، فإن الله يبصره عورات الدنيا، ثم هو فاتحة وباب للورع، والعابد المسلم بمعايير أهل العلم، هو الذي إذا ازداد زهدًا ازداد ورعًا.
من مأثوراته
- "ليس الزهد بأكل الغليظ ولبس الخشن، ولكن قصر الأمل، وارتقاب الموت".
- "لا تبغض أحدًا ممن يطيع الله، وكن رحيمًا للعامة والخاصة، ولا تقطع رحمك وإن قطعك، وتجاوز عمن ظلمك تكن رفيق الأنبياء والشهداء".
- "عليك بقلة الأكل تملك سهر الليل، وعليك بالصوم فإنه يسد عليك باب الفجور، ويفتح عليك باب العبادة، وعليك بقلة الكلام يلين قلبك، وعليك بالصمت تملك الورع".
قال فيه سفيان بن عيينة: "جالست عبد الرحمن بن القاسم وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم، فما رأيت فيهم مثل سفيان".
وقال الأوزاعي: "لو قيل: اختر لهذه الأمة رجلًا يقوم فيها بكتاب الله وسنة نبيه، لاخترت لهم سفيان الثوري".
وفاته
مرض سفيان بالبطن، فتوضأ تلك الليلة ستين مرة، حتى إذا عاين الأمر نزل عن فراشه فوضع خده بالأرض، وقال: يا عبد الرحمن ما أشد الموت.
ولما مات غمضه، وجاء الناس في جوف الليل، وعلموا، وقال عبد الرحمن: "كان سفيان يتمنى الموت ليسلم من هؤلاء (يعني الأمراء) فلما مرض كرهه (كره الموت)"، وقال لي: اقرأ عليّ "يس" فإنه يقال: يخفف عن المريض، فقرأت فما فرغت حتى طفئ (أسلم الروح)".
وأخرج بجنازته على أهل البصرة بغتة فشهده الخلق، وصلى عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر الكوفي بوصية من سفيان لصلاحه، قال ابن المديني: أقام سفيان في اختفائه (عزلته) نحو سنة، وكان موته في شعبان سنة (161هـ).
قال سعيد: "رأيت سفيان في المنام يطير من نخلة إلى نخلة وهو يقول: الحمد لله الذي صدقنا وعده".
وقال إبراهيم بن أعين: "رأيت سفيان بن سعيد بعد موته في المنام، فقلت: ما صنعت؟ فقال: أنا مع السفرة الكرام البررة".
وقال أحمد بن حنبل: "قال لي ابن عيينة: لن ترى بعينك مثل سفيان الثوري حتى تموت".
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا