رئيس التحرير
عصام كامل

هل يستطيع حزب الجبهة الوطنية الجديد تغيير قواعد اللعبة السياسية في مصر؟.. استقطاب النخب والكفاءات تجربة عالمية نجحت بألمانيا والهند.. وهذه أبرز التحديات المهددة لمسيرته

الهيئة التأسيسية
الهيئة التأسيسية لحزب الجبهة الوطنية، فيتو

تشهد الساحة السياسية المصرية إعادة تشكيل خريطة الأحزاب مع إعلان تأسيس حزب الجبهة الوطنية، الذي يسعى لأن يكون منصة سياسية جامعة تضم أطيافًا مختلفة دون التقيّد بمرجعية فكرية موحدة، وهذا النموذج رغم نجاحه في عدد من دول العالم المتقدم والنامي على حد سواء، لكنه يواجه أيضا تحديات ليست سهلة بالمرة، وهي التي ستحدد مستقبله ودوره في الحياة السياسية المصرية.

وترصد «فيتو» عددًا من النماذج التي نجحت في العالم المتقدم والنامي على حد سواء، وكذلك أسباب الإخفاق، للتعلم من التاريخ، والتجارب المشابهة 

ما هي أحزاب الكفاءات ؟ 

أحزاب الكفاءات هي أحزاب سياسية تستقطب أفرادًا ذوي خبرات مهنية وعلمية من مختلف القطاعات، مثل الاقتصاد، والتعليم، والصحة، والتكنولوجيا، بهدف تشكيل فريق عمل قادر على صياغة وتنفيذ سياسات فعّالة، وحسب تقرير للمعهد الديمقراطي الوطني للشؤون الدولية، تعتبر أحزاب الكفاءات مثالًا على كيفية دمج الخبرات المختلفة لمواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية في العصر الحديث. 

ولا تعتمد هذه الأحزاب على مرجعية فكرية أو أيديولوجية محددة، بل ترتكز على برامج توافقية تجمع بين توجهات متعددة، ونجح في هذا النموذج بشدة الهند من العالم النامي، وألمانيا من العالم المتقدم، وتحديدًا حزبي بهاراتيا جاناتا في الهند، والحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا، بينما فشلت نفس الأحزاب في إيطاليا وأمريكا اللاتينية وعدد آخرى من بلدان العالم، ويعني ذلك أنه كما هناك أسباب للنجاح، هناك أيضا ما يهدد التجربة وينتهي بها إلى الضياع. 

تجربة حزب بهاراتيا جاناتا في الهند

حزب بهاراتيا جاناتا، هو تجربة مميزة في المزج بين الهوية الثقافية والدينية الهندوسية والكفاءات الوطنية، وتعود جذوره إلى  عام 1951، وبعد فرض حالة الطوارئ عام 1977، اندمج مع عدة أحزاب أخرى، وتغير كليا منذ عام 2014 وأصبح الحزب الحاكم في الهند. 

ووفقًا لدراسة صادرة عن مركز الدراسات العربية الأوراسية، كان لهذا الحزب دور كبير في جذب الخبراء وحقق نتائج اقتصادية مميزة وغير مسبوقة، بفضل استقطاب الكفاءات من قطاعات التكنولوجيا، والاقتصاد، والتعليم، وساهمت هذه الكفاءات في صياغة سياسات وطنية شاملة، مثل مشروع الهند الرقمية، الذي عزز مكانة البلاد في الساحة العالمية.

ونجح الحزب في الدمج بين الهوية الهندوسية والتنمية، حيث اعتمد على الهوية كعامل رئيسي في توحيد للبلاد، ولم يغفل تطوير الاقتصاد والبنية التحتية، حيث ركز على تعزيز مكانة الهند عالميًا من خلال اتباع سياسات مثل تعزيز التصنيع المحلي ومبادرات الطاقة المتجددة.

وساهم  بهاراتيا وفقًا للدراسة في تعزيز القومية الهندية، ورسخ ثقافة الإصلاح الاقتصادي، مما ساعد في جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية القوية وتحقيق مكاسب كبيرة، مثل رفع معدلات النمو الاقتصادي، كما نجح في أكثر التحديات خطورة بمسيرة الأحزاب السياسية، وهي بناء قاعدة جماهيرية قوية من مختلف الطبقات بفضل سياساته التنموية.

الحزب الديمقراطي المسيحي في ألمانيا

الحزب الديمقراطي المسيحي يمثل أيضًا نموذجًا متميزًا للأحزاب التي تجمع بين مرجعيات فكرية متباينة، إذ يعتمد على المزج بين القيم المسيحية والحداثة السياسية، مما مكّنه من تحقيق نجاحات كبيرة في ألمانيا. 

وركز الحزب منذ نشأته عام 1933 على استقطاب شخصيات بارزة من مجالات الاقتصاد، التعليم، الصحة، والعمل الاجتماعي، مما ساعده في بناء سياسات عملية وشاملة، وكان له دور بارز في استقطاب أهم الخبراء الاقتصاديين خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لذا حصل على ثمانية مقاعد برلمانية عام 1945، في أول انتخابات بعد سقوط النازية. 

وفي فترة الستينيات والسبعينيات دخل الحزب في عدة تحالفات مع أحزاب الوسط والمحافظين والليبراليين وشكل من خلالهم حكومات ائتلافية مختلفة مما ساهم في تحقيق ما يعرف باسم «المعجزة الاقتصادية الألمانية»، فهذا النسيج المختلف داخل أروقة الحزب أنتج في النهاية توجهات تتمسك بالقيم المسيحية، مع سياسات اقتصادية ليبرالية اجتماعية لتلبية احتياجات العصر، وأدى هذا النهج إلى توحيد شرائح مختلفة من المجتمع، مثل الطبقة العاملة، والمثقفين، ورجال الدين.

وبفضل هذه السياسات ساهم الحزب الديمقراطي المسيحي في خلق استقرار سياسي كبير في ألمانيا، وأصبح القوة الرئيسية التي تدعم بقاء ديمقراطية عظيمة ومتفردة في العالم الغربي، بعد التجربة النازية الأليمة التي دمرت البلاد، فالجمع بين الأفكار المحافظة والانفتاح على الابتكار والتقدم المعمول به في أفضل دول العالم، يعتبر أهم ما يتعلمه العالم من هذه التجربة.  

ما الذي يقدمه حزب الكفاءات للدولة ؟ 

حزب الكفاءات يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي إذا ركز على التنمية الشاملة والمساواة وتجنب الاستقطاب المجتمعي، وحال ابتعاده عن الخطابات التي قد تؤدي إلى انقسامات داخلية، مع التركيز على التوافق الوطني.

كما يعد الاهتمام بقضايا التنمية مثل التعليم، الصحة، التكنولوجيا، والبنية التحتية، من أدوات تقوية الحزب وتعزيز مكانته شعبيًا، خاصة في المناطق الريفية والمهمشة، فكونه حزبًا جامعًا، يعني ذلك أنه يمثل شرائح أوسع من المجتمع، مما يعزز الثقة بين المواطن والدولة.

ويساهم الخبراء داخل الحزب في تعزيز الإصلاح الإداري من خلال مقترحاتهم لتحسين الكفاءة الحكومية ومكافحة البيروقراطية والفساد، كما يساعد الحزب بهذه البنية في توهج ما يعرف باسم الدبلوماسية الشعبية التي تدعم سياسات الدولة خارجيًا. 

مخاطر صعبة في طريقة أحزاب الكفاءات 

رغم المزايا الواضحة لاحزاب الكفاءات، لكن هناك أيضًا مخاطر مدمرة في الوقت نفسه قد تهدد مسيرتها، وحسب بحث نشرته مجلة السياسة العامة، تواجه هذه الأحزاب مشكلات بسبب تزايد الانقسامات الداخلية نتيجة غياب رؤية موحدة في المرجعية السياسية، وينعكس ذلك على ضعف كبير في الانضباط الحزبي كنتيجة لتضارب الأفكار والمصالح. 

تؤكد أيضًا دراسة صادرة عن معهد بحوث السياسة الأوروبية، أن أحزاب الكفاءات تواجه صعوبات في الوصول إلى فئات أوسع من المجتمع إذا اكتفت بضم النخب السياسية والاقتصادية، وتجاهلت بناء قاعدة جماهيرية واسعة، وقد تواجه هذه الأحزاب أيضا تحديات كبيرة تعيق مسيرتها، إذا قررت الاعتماد على الدولة فقط، دون الدخول في تنافس حقيقي مع الأحزاب الآخرى على الأهداف والطموحات، ما يفقدها البريق السياسي المطلوب لبناء قاعدة جماهيرية تعزز من بقاءها على الساحة. 

روشتة نجاح أحزاب الكفاءات 

وفق الدراسات السابق ذكرها، يمكن القول إن الروشتة السحرية لإنجاح هذه الأحزاب تكمن في إدارة التنوع الداخلي بجدارة، وتحويل اختلاف الآراء إلى قوة، ما يجعلها نموذجًا يحتذى به، بجانب التواصل الفعال مع المواطنين من خلال بناء خطاب سياسي قريب من احتياجات الناس اليومية، والتعاون مع الدولة بوعي عبر المساهمة في تنفيذ خطط الإصلاح الوطني دون التورط في دعم سياسات غير شعبية، والاستفادة من تجارب الآخرين، ودراسة نماذج الأحزاب التوافقية الناجحة لتجنب الأخطاء المتكررة.

من كل ما سبق، قد يصبح حزب الجبهة الوطنية تجربة فارقة في المشهد الحزبي المصري، إذا ما نجح في تخطي التحديات الحقيقية التي تتطلب استراتيجيات واعية، تحول الطموحات إلى واقع عملي، يساهم في دعم الدولة وتنمية المجتمع وتعزيز الحياة السياسية في مصر.  

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية