رئيس التحرير
عصام كامل

ذكرى انتصار مصر في موقعة قونية، هكذا أعاد محمد علي رسم خريطة الشرق الأوسط

معركة قونية، فيتو
معركة قونية، فيتو

في مثل هذا اليوم من عام 1832، وقعت معركة قونية التي كانت نقطة تحول مهمة في تاريخ العالم العربي والإسلامي، بين جيش الدولة العثمانية، والجيش المصري بقيادة محمد علي باشا والي مصر، وهذه المعركة كانت جزءًا من الصراع الكبير بين محمد علي والسلطان العثماني، الذي حاول الحفاظ على سلطته في منطقة الشرق الأوسط، بينما كان محمد علي يطمح لتوسيع نفوذه ليشمل مصر والشام.

ورغم أنها لم تُدرج ضمن سلسلة الصراعات الكبيرة التي غيّرت موازين القوى العالمية، فإن نتائجها كان لها تأثير عميق على تاريخ المنطقة وحكامها.

أحداث قادت إلى معركة قونية

وقعت معركة قونية في 21 ديسمبر 1832م، بالقرب من مدينة قونية في الأناضول، وهي إحدى مدن السلطنة العثمانية، وشارك فيها الجيش العثماني بقيادة السلطان محمود الثاني، وجيش مصر بقيادة محمد علي باشا، والي مصر في ذلك الوقت، وكانت الموقعة جزءًا من الصراع الطويل بين الدولة العثمانية ومحمد علي باشا الذي كان يسعى إلى توسيع سلطته، ليس فقط في مصر، ولكن في الشرق الأوسط.

قبل هذا الصراع، كانت مدن اليونان اشتعلت بالثورة ضد الحكم العثماني  عام 1820م،  ووجد السلطان محمود الثاني نفسه أمام تحدٍ كبير بعد فشل حملة خورشيد باشا في قمع التمرد.

لجأ السلطان إلى محمد علي باشا، والي مصر الذي أثبت كفاءة جيشه في الميدان، ولم يتردد في الاستجابة، فجهز حملة عسكرية عام 1823م بقيادة ابنه إبراهيم باشا، الذي نجح في إخماد ثورة جزيرة كريت، وفي العام التالي، قاد الأسطول المصري من الإسكندرية إلى المورة، مرورًا بجزيرة رودس، حيث قضى على الثوار اليونانيين وأخضع مدنهم، وصولًا إلى أثينا في 1827م.

لكن التدخل الأوروبي كان حاسمًا، حيث اصطدمت أساطيل بريطانيا وفرنسا وروسيا بالأسطول المصري في معركة نافارين في 19 أكتوبر 1827م، مما أدى إلى تدميره بالكامل، وتلك الخسارة الفادحة دفعت محمد علي إلى طلب الشام من السلطان لتعويض خسائره، لكن الأخير رفض، وهذا الرفض أشعل طموح محمد علي لفتح الشام بقوة السلاح.

في 31 أكتوبر 1831م، تحرك جيش مكون من 30 ألف جندي بقيادة إبراهيم باشا، مزودًا بمدافع ومؤن، نحو فلسطين، واستولت القوات المصرية على غزة ويافا في نوفمبر، ثم حيفا، حيث قدم زعماء القبائل العربية فروض الطاعة.

واصل إبراهيم باشا زحفه إلى عكا وحاصرها حتى سقطت في أواخر العام نفسه، وتبعتها دمشق، ثم حمص، حيث انتصر في معركة حاسمة في 8 يوليو 1832م، ومنها إلى حلب التي أسر حاميتها. 

بعد ذلك، عبر الجيش المصري جبال بيلان وانتصر في معركتها في 30 يوليو، مفتتحًا الطريق إلى الأناضول، واستمر التقدم ليشمل مدنًا رئيسية كأضنة، طرسوس، أورفه، وعنتاب، مما عزز سيطرة مصر على الشام، وفتح صفحة جديدة في الصراع العثماني المصري.

مع هذا التمرد ضد السلطة العثمانية بدأت المواجهات بين جيش محمد علي والجيش العثماني في العديد من المعارك، وأبرزها معركة جلاب في 1831، التي انتهت بانتصار جيش محمد علي.

كان محمد علي باشا قد عزز قوته في مصر، وطور جيشًا قويًا،  وكانت موقعة قونية بمثابة الفصل الأخير في سلسلة المعارك بين الجيش العثماني وجيش محمد علي في إطار محاولات الأخير السيطرة على سوريا والشام.

أحداث معركة قونية

في المعركة استخدم الجيش المصري تكتيكات متطورة، واستفاد من أساليب عسكرية حديثة تم تدريبه عليها، وهو ما منح الجيش المصري ميزة كبيرة، أما الجيش العثماني، فقد عانى من ضعف في القيادة والتنظيم، وافتقر إلى الانضباط الكافي لمواجهة الجيش المصري.

وانتصر جيش محمد علي بشكل حاسم، ما أضعف بشكل كبير موقف السلطنة العثمانية في مواجهة توسعات محمد علي. 

آثار موقعة قونية

كان للمعركة آثار كبيرة على عدة مستويات، على رأسها تقوية مكانة محمد علي، فانتصاره في قونية عزز من مكانته كأحد أقوى القادة في العالم الإسلامي وأدى إلى تحصيله لامتيازات كبيرة من السلطان العثماني. 

وفي أعقاب المعركة، فرض محمد علي باشا شروطًا جديدة على السلطان محمود الثاني، ومنها اعتراف السلطان باستقلال مصر شبه التام عن السلطنة العثمانية.

من ناحية آخرى، كانت موقعة قونية واحدة من المحطات التي شهدت تدهورًا ملحوظًا في هيبة الدولة العثمانية، حيث أظهرت ضعفًا في قدرتها على السيطرة على المناطق البعيدة، وقد استمرت هذه الأزمة في التأثير على الدولة العثمانية لعقود من الزمن، وبدأت مصر تحت حكم محمد علي في التحول إلى قوة إقليمية منافسة.

وبعد الهزيمة في قونية، اضطرت الدولة العثمانية إلى التفاوض مع محمد علي، وأسفرت هذه المفاوضات عن اتفاقية كوتاهيا في 1833، التي منحته بموجبها الحكم الذاتي لمصر مع اعترافه بقيادة الدولة العثمانية في بعض القضايا العسكرية والدينية، كما تم منح محمد علي حكم سوريا ولبنان وبعض المناطق الأخرى.

وكانت المعركة ونتائجها بداية لتحول مصر إلى دولة ذات نفوذ كبير في منطقة الشرق الأوسط، وأدى ذلك إلى انفتاح علاقات مصر على القوى الأوروبية، التي كانت تراقب عن كثب هذا الصراع بين العثمانيين ومحمد علي، لذا هي ليست مجرد معركة حربية، بل نقطة تحول في تاريخ الدولة العثمانية والعالم العربي، إذ على الرغم من أن الانتصار في هذه المعركة لم يمنح محمد علي باشا كافة طموحاته، لكنها كانت خطوة هامة نحو تحقيق أهدافه في أن يكون له دور محوري في سياسة المنطقة.

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا

تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجريدة الرسمية