بعد إسقاط نظام بشار الأسد.. دمشق ساحة حرب بين القوى الإقليمية والدولية المتنافسة.. خبير استراتيجى: الصراع فى سوريا جزء من الحرب بين الناتو وروسيا
بعد إسقاط النظام السورى والمطالبات بالتوافق الداخلي، تقف سوريا أمام معضلة تنافس المشاريع الكبرى فوق أراضيها التى تخطت المنطقة وربما باتت جسدا مطروحا على طاولة التشريح الدولي، والمتغير الجديد يطرح العديد من علامات الاستفهام حول ممثل الدولة مع الخارج وكيفية الهروب من فرض قرارات خارجية تستهدف سيادتها، والمطلوب من العرب تدارك أخطاء الماضى بعدما تركوها رهينة لإيران، خاصة أن المتغيرات الجارية أظهرت غياب الدور العربى عن الأزمة.
وهنا يقول الباحث فى الشأن الإيرانى والسورى أسامة الهتيمي، إن كافة المعطيات الخاصة بتطورات الوضع فى سوريا، تشير إلى أن كل القوى الإقليمية والدولية لم تكن تتوقع على الإطلاق تسارع وتيرة الأحداث على هذا النحو الذى سقط معه نظام الرئيس السورى بشار الأسد دون مواجهة حقيقية.
غاية ما كان يتوقعه البعض فى حال استغلت المعارضة السورية المسلحة الوضع السيئ الذى تعيشه إيران بعد هزيمة حزب الله اللبنانى وانشغال روسيا بجبهة الحرب مع أوكرانيا، هو اندلاع اشتباكات بين الطرفين تستمر لوقت طويل كما كان عليه الوضع بعد عسكرة الثورة السورية فى العام 2012.
كما أضاف الهتيمى لـ “فيتو”، إنه يمكن وصف الوضع الحالى بأنه مرحلة الصدمة، التى لم تستوعب فيها القوى الدولية وخاصة الغربية طبيعة ما جرى بالضبط، إذ يطرح الواقع العديد من علامات الاستفهام التى يصعب الإجابة عليها فى الوقت الحالى غير أن هذه المرحلة ربما لن تأخذ وقتا طويلا.
ومع اليوم الأول لوصول المعارضة المسلحة إلى قلب دمشق، بدأت تحدث تطورات لم تكن فى الحسبان ومنها احتلال الجيش الإسرائيلى لجبل الشيخ، فضلا عن شنه لعدة هجمات على مبانٍ ومنشآت أمنية وجمركية، الأمر الذى يعنى أن المسألة لن تمر مرور الكرام وفق الآمال، وثمة تحديات خطيرة يمكن أن تشكل ملامح المشهد السورى فى الأيام المقبلة وتؤثر بشكل كبير على مجريات الأمور.
هذه الصدمة لم تمنع من أن تتراوح ردود الفعل الغربية لإسقاط بشار الأسد، ما بين الحذر والترحيب فعلى الرغم من أن العديد من الدول الأوروبية كفرنسا وألمانيا وبريطانيا باركت ما جرى، إلا أنهم فى الوقت ذاته حذروا من وصول المتشددين إلى حكم البلاد وطالبوا بضرورة توفير الحماية الكاملة للأقليات (الأكراد والعلويين والمسيحيين) والسير فى اتجاه عملية سياسية شاملة تنشئ توازنا بين المجموعات.
بريطانيا كانت الأبرز فى الإعراب عن هذا التخوف، وأكدت على لسان نائبة رئيس الوزراء البريطاني، أنجيلا راينر، أن الدكتاتورية والإرهاب يخلقان مشاكل للشعب السورى الذى عانى الكثير بالفعل كما أنهما يزعزعان استقرار المنطقة فى إشارة إلى أن المقصود بالديكتاتورية بشار الأسد والإرهاب بعض العناصر المحسوبة على تنظيم القاعدة.
مكاسب تركيا
وبالنسبة لتركيا، فهى المستفيد الأكبر من الأحداث، لأسباب عديدة، أولها: أنها على علاقة قوية بقادة المعارضة السورية فهى أهم الداعمين لهم، كما أن انهيار النظام السورى يعنى فتح الباب أمام عودة اللاجئين السوريين من تركيا والذين يبلغ عددهم نحو ثلاثة ملايين للعودة مجددا إلى بلادهم وهو ما يخفف من وطأة الأوضاع الاقتصادية فى تركيا.
فضلا عن تفادى الكثير من المشكلات الأمنية والاجتماعية، التى تعانيها تركيا وتسبب بها وجود كل هذا العدد من اللاجئين السوريين على أراضيها، بالإضافة إلى أن ذلك يعنى تعاطيًا جديدًا مع ملف الأكراد بالداخل السوري، الذين تمكنوا من تحقيق حكم ذاتى طيلة السنوات الماضية، وهو المهدد الأساسى للأمن القومى التركي، إذ تخشى أنقرة من التواصل والتنسيق بين الأكراد السوريين والأتراك، واقتطاع جزء من أراضيها لإقامة دولتهم.
ولعل هذا الموقف هو ما منح تركيا رؤية واضحة وجلية بشأن ما يمكن أن يتم خلال المرحلة المقبلة فى سوريا، وحث وزير خارجيتها، هاكان فيدان، الأطراف الإقليمية والدولية على ضمان انتقال سلس للسلطة بسوريا، وأن تعمل أنقرة وبقية الأطراف الإقليمية والدولية لضمان وجود فترة انتقالية جيدة وسلسة وعدم إلحاق المزيد من الأذى بالمدنيين.
اختبار المعارضة
وعلى صعيد إسرائيل، بشكل عملى سارع الاحتلال الإسرائيلى ودون انتظار إلى أن يختبر نوايا المعارضة السورية المسلحة وحقيقة موقفها منه ومن احتلال هضبة الجولان فأعلن رئيس وزراء الاحتلال انهيار فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الذى يعود لعام 1974 فضلا عن احتلال جبل الشيخ الذى لا يبعد بمسافة تقل عن عشرين كيلو مترا عن العاصمة السورية.
وبهذه الطريقة يضع المعارضة المسلحة أمام خيارين، فإما أن تسارع المعارضة للإعلان عن رغبتها فى إعادة الالتزام بالاتفاق وتسعى لتوسيط أطراف أخرى كالطرف التركي، الذى سيضطر وقتها إلى تقديم ضمانات بألا تثير الدولة السورية الجديدة توترا بشأن هضبة الجولان، وإما دخول المعارضة فى مسار آخر بالتصعيد مع الاحتلال وهو ما سيضعف الدولة الجديدة بكل تأكيد إذ أنها ما زالت فى حالة من الفوضى والارتباك.
الدور العربى
أما على المستوى العربي، فليس خافيا على أحد أن التعاطى مع الملف السورى من قبل القوى العربية البارزة كان باهتا إلى درجة كبيرة ولم يكن بدرجة الحضور التى تسمح لأى من هذه القوى، لتصبح لاعبا فاعلا يمكن أن يوجه مسار الأحداث، هو ما تأكد بوضوح فى الأيام الأخيرة من عمر النظام السوري، إذ تركزت أغلب البيانات الصادرة عن هذه القوى العربية عن دعم كامل للنظام السورى انطلاقا من الثوابت العربية القومية المتعلقة بسيادة سوريا ووحدة أراضيها.
وتابع: هو نفس المنهج الذى اتخذته الدول العربية بعد انهيار النظام السوري، والتطورات الدراماتيكية التى ربما لم تكن لتحدث بهذه الوتيرة المتسارعة فى حال لو كان لبعض القوى العربية تواصل جاد ومخلص مع الأطراف السورية المعارضة، أو على أقل تقدير قيامها بحث بشار الأسد على استغلال مرحلة التهدئة التى عاشتها البلاد للدخول فى حوار مع أطراف المعارضة والتوصل إلى صيغة يتم بموجبها طرح حلول لمعضلات الأزمة السورية بما فيها إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين إلى ديارهم.
أما المعارضة السورية المسلحة، فحتى اللحظة يمكن أن نقول إنها أبدت وعيا بطبيعة المتغيرات الإقليمية والدولية وكيفية التعامل مع الملفات العسكرية والأمنية والاجتماعية والحقوقية فى الداخل السورى وهو الأمر الذى فتح أبواب الكثير من المدن والمحافظات أمامها دون أية إشكاليات.
لكن فى المقابل، ليس من المستبعد على الإطلاق، أن تكون ثمة تحديات ستواجهها هذه المجموعات فى المرحلة المقبلة يكون الغرب طرفا فيها منها أولا، التحدى الذى صنعه الاحتلال الصهيوني، حيث سيراقب الغرب كيفية تعاطى حكام سوريا الجدد معهم، وثانيا مشكلة الأكراد وقوات سوريا الديمقراطية الذين يقيمون حكما ذاتيا، ويمثلون تحديا أمنيا لتركيا وفق تصورها فالغرب سيراقب أيضا عن كثب سلوكهم مع الأكراد.
والخلاصة، وفق الباحث فى الشأن الإيرانى والعربي، أسامة الهتيمى أن سهولة البداية لا تعنى على الإطلاق أن الطريق كله معبد فبعضه ليس وعرا فحسب بل ومليئا بالمتفجرات.
مصالح الغرب
وبدوره قال اللواء محمد عبد الواحد، الخبير الأمنى والاستراتيجي، أن للغرب مصالح عديدة، فالصراع فى سوريا جزء من استراتيجية الصراع الجيوسياسى ما بين الغرب المتمثل فى الولايات المتحدة الأمريكية والناتو بالإضافة إلى إسرائيل ضد الصين وروسيا، والدول الأخرى التابعة لهذا المحور.
وأشار إلى أن روسيا خلال العام 2015 تمكنت من ملء الفراغ الذى تركته الولايات المتحدة، بعد انسحابها من المنطقة واستطاعت أن تتواجد فى سوريا وتثبت نفسها على أنها لاعب أساسى فى المنطقة وتستطيع تغيير المعادلات، لذلك سيحرص الغربيون على إبعاد روسيا عن المشهد الإقليمي، وإضعاف النفوذ الإيرانى وفرملة التمدد الصينى الاقتصادي، كما أنه أيضا سيتم العمل على إعادة التموضع إقليميا من بوابة سوريا.
الطموح العربي
وبشأن التواجد العربى أو الدور العربي، فهو غير موجود بالمرة على هذه الأجندة، نظرًا لأن العرب منذ اليوم الأول ليس لديهم أى طموح فى المنطقة أو أغراض منها وبالتالى ليس لهم أى دور.
أما عن الدول الإقليمية مثل: تركيا وإيران فهى دول إقليمية تلعب مع الناتو، وبالتالى ترغب فى تحقيق مصالحها الخاصة، فتركيا على سبيل المثال مصالحها الخاصة تتعلق فى إنشاء منطقة عازلة على حدودها، كما أنها تعمل على منع إقامة دولة الأكراد من خلال إقامة منطقة عازلة بعمق من 30 لـ 40 كيلو بطول الحدود كلها، وأيضا لتتمكن من طرد التواجد الكردى من المنطقة من خلال الاقتطاع من الأراضى السورية رغبة فى تنفيذ أجندتها.
وحول اللاجئين السوريين المقيمين فى تركيا، فهى مطمعها الأساسى فى حلب، وستعمل على إنشاء الشريط الحدودى والقول بأن هذه منطقة عازلة لمنع وجود دولة كردية، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة تدعم الأكراد وذراعها العسكرى المعروف بـ«قسد»، لكن التخلى عنهم حال وجود صفقة تحقق لها نتائج أفضل أمر وارد.
الخبير الأمنى، لم يستبعد فى رؤيته حول مشهد المستقبل فى سوريا، اندلاع نزاعات مسلحة بين الفصائل المسلحة فى ظل حجم التنافس الهائل والتناقضات الحادثة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا