بعد إسقاط نظام بشار الأسد.. سيناريوهات اليوم التالى فى سوريا.. ترتيبات صفقة إنهاء حكم «آل الأسد» تحدد مسارات المستقبل.. خبراء: الثورات تبدأ بآمال كبيرة وتنتهى وتصطدم بواقع مرير
سقط نظام بشار الأسد فى سوريا، عمت الاحتفالات الميادين والشوارع وكشفت اللقطات المصورة ما يشيب له الولدان حول قمع النظام لمعارضيه والمواطنين، فتح أبواب السجون كان أشبه ببوابات جحيم خارج من تحت الأرض، إضافة إلى قصور فاخرة وسيارات فارهة تعكس حالة ثراء فاحش لآل الأسد، بعدما حكموا الدولة لعقود طويلة وتحولت لملكية خاصة.
تناسى آل الأسد، أنهم يحملون أمانة حضارة عريقة فى أعناقهم، فحافظ الجد أسس لإمبراطورية فساد واستبداد رسخ فيها الطائفية لفرض قبضته على البلاد والعباد، وبشار الابن طبيب العيون الذى ورث الحكم صدفة وتحول من فتى رومانسى حالم بالحياة فى بلاد الفرنجة -بريطانيا- إلى وريث حكم بالقوة الجبرية، بعد وفاة شقيقه باسل الذى كان سر أبيه والمؤهل لقيادة الدولة، وساهمت عصبية وتهور شقيقه ماهر فى اختياره للمهمة الشاقة.
الفارق بين الأب والابن، الأول -حافظ- كان ماكرا سياسيا ونجح فى الحفاظ على أركان حكمه، لكنه شرع فى خلق تحالفات خارجية -إيران وروسيا- عول عليها لترسيخ أركان حكمه، الثانى -بشار- حمل التركة كما هى ورغم تعليمه الغربى لم يتكيف مع المتغيرات الثقافية وأصر على عدم الخروج من عباءة أبيه.
أخطاء حكم بالجملة ساهمت فى سقوط الأسد، بعدما تحول إلى ديكتاتور صنعته الصدفة والتقاليد العائلية، ممارساته هو ودائرته المقربة وميليشياته ضد الشعب السورى الذى خرج قبل عقد ونيف يطالب بحقوقه متسلحا بالسلمية، جعلته فريسة سهلة أمام طوفان مسلح أجبره على الفرار، واستقبل الشعب المسلحين بالورد، فنار أبو محمد الجولانى القادم من عالم الإرهاب كانت أهون على أنفسهم من طبيب العيون الذى تحول إلى جزار.
من حق الشعب السورى أن يفرح بعد رحيل كابوس عائلة الأسد الممتد منذ عقود، لكن علمنا التاريخ أخذ العبر من التجارب السابقة فنشوة رحيل بشار ربما تكون مؤقتة أمام سيناريوهات صعبة لليوم التالى فى حكم دولة تفكك جيشها ويتنافس على اقتضام أراضيها أصحاب مشاريع خارجية وهذا هو الجانب المظلم فى رواية الأمل والحلم بالغد الأفضل.
لغة البيانات الصادرة حتى الآن تبث الأمل فى النفوس، فجميعها مهرت بشعار «سوريا للجميع» لكن هل الشعارات التى ترددت فى ساحة الأمويين قابلة للتطبيق مع خليط جماعات مسلحة يثار حولها الشكوك، هذه الجماعات رغم الحرب الدائرة بينها منذ سنوات، إلا أنها توحدت خلال ما أطلقت عليه عملية «رد العدوان» للتخلص من حكم الأسد، تحت اسم جديد هو «إدارة العمليات العسكرية» والذى ينقسم إلى قسمين. القسم الأول، أطلق على نفسه اسم «غرفة عمليات الفتح المبين» والذى يضم هيئة تحرير الشام «جبهة النصرة سابقا»، فيلق الشام، جيش الأحرار، حركة أحرار الشام وجيش العزة، يتحالف مع الفصائل المذكورة مجموعات أخرى منها الجيش الوطنى والجبهة الشامية وحركة نور الدين الزنكى وفصائل الجبهة الوطنية للتحرير.
أما القسم الثاني، أطلق على نفسه اسم «غرفة عمليات فجر الحرية» ويضم ما يسمى الجيش الوطنى السوري، وهو مدعوم بشكل مباشر ومعلن من تركيا، بالإضافة إلى فرقة السلطان مراد، وفرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزة، وجيش الإسلام، وفصيل الجبهة الشامية.. وهذه التشكيلات تعمل بغطاء تركى وشاركت فى عمليات درع الفرات التى كانت تقودها تركيا فى 2017.
يضاف لهم «قسد» الذراع العسكرية للأكراد والذى تدعمهم أمريكا وإسرائيل بشكل معلن، ويطوقهم جميعا مجموعة من القواعد العسكرية الأمريكية والروسية وبات من غير المستبعد أن تقدم أنقرة على بناء قاعدة لها هناك لتزاحم بها فى معركة النفوذ الدولى الذى غاب عنه العرب، بهدف نيل حصتها من كعكة سوريا الجديدة. المشهد برمته فى سوريا معقد ومتشابك ويبعث على القلق، فالتفاهم بين الأضداد هناك يمكن وصفه بشبه المستحيل، فهل هناك فرصة متوفرة لبناء دولة بدون الأسد منضبطة السلوك داخليا وخارجيا وقادرة على حماية أراضيها دون تفتيت ودخول متاهة الحروب الأهلية على غرار ما يحدث بدول جوار دخلت التجربة المريرة ولم تخرج منها حتى حينه.. أسئلة صعبة تحتاج لتفكير طويل وحاولت «فيتو»الإجابة عنها فى هذه الصفحات المخصصة للحديث عن سوريا «المحتملة» على لسان خبراء فى جميع المجالات.
بعد نحو 14 عاما من انطلاق الثورة السورية، هرب الرئيس بشار الأسد وترك بلاده بعدما كبدتها الحرب والانقسام خسائر لا يحمد عقباها، فى سيناريو لم يكن يتوقعه أحد أو تظهر له أى علامات مسبقة فى الأفق.
عملية “ردع العدوان”، التى أطلقتها الفصائل السورية المسلحة فى 27 نوفمبر 2024، أطاحت بالرئيس الذى صمد لنحو 14 عاما داخل سوريا، فى أقل من 12 يوما، لتثار العديد من التكهنات حول الترتيبات المسبقة لهذه العملية والجهات التى تقف خلفها والسيناريوهات التى ستقبل عليها سوريا خلال الفترة المقبلة.
أطراف رئيسية
السفير رخا حسن مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن السيناريوهات المقبلة فى سوريا ستكون مبنية على السيناريو الذى تم من خلاله إسقاط نظام بشار الأسد، وهو وجود توافق سواء كان مباشرا أو غير مباشر بين الأطراف الرئيسية التى تتواجد على الأراضى السورية.
وأوضح رخا حسن أن هناك عاملين رئيسيين فى سقوط بشار الأسد، الأول: “روسيا استاءت من عناد بشار الأسد ورفعت يدها عنه، تركيا غضبت من رفض الأسد عقد اجتماع مع أردوغان.. الولايات المتحدة أعطت الضوء الأخضر.. إيران مشغولة بتداعيات الأحداث وتطورات الأوضاع بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى.. ومن هنا كان هناك التوافق”.
وأكمل مساعد وزير الخارجية الأسبق: العامل الثانى هو أنه من ناحية أخرى فإن الشعب السورى عاش 14 سنة من المعاناة.. كما أن الجيش السورى أيضا قرر التخلى عن بشار الأسد”.
وأستطرد: “الخطة التى كانت متبعة لإسقاط نظام بشار الأسد هى عدم اللجوء للعنف والتعاون من كل الهيئات والجهات القائمة، وهذا دليل كبير على وجود توافق عام على نهاية حقبة بشار، ولكن الوصول لمرحلة اقتسام السلطة فى سوريا هى الأصعب والأخطر وستكون هناك مفاوضات مكثفة من أجلها، كما أن كل طرف سيبحث حينها عن استمرار مصالحه”.
“الوجود الإيرانى فى سوريا قوى سواء عسكريا أو اقتصاديا.. كذلك روسيا وقواعدها العسكرية المتواجدة.. فماذا سيحدث.. أعتقد أن هذا سيكون مسار تفاوض وفى الغالب سيتم اللجوء للقرار 2254 الصادر من مجلس الأمن الدولى فى الجزء الخاص بالترتيبات”.
وأضاف رخا: “سيتحول الصراع فى سوريا من عسكرى لصراع سياسي.. كل طرف سيحاول فرض الجهة التى تتولاه وتمثله.. ومن المرجح أن يتم تشكيل حكومة مؤقتة تشمل بعض العناصر فى الحكومة الحالية لتسيير الأمور نظرا إلى أن العناصر الجديدة والمعارضة السورية والفصائل المسلحة ليس لديها خبرات أو كوادر ثم سيتم تعديل الدستور وإجراء انتخابات فى البلاد.. وإذا وصلنا لهذه المرحلة فلن تكون هناك أزمة فى سوريا.. ولكن الصعوبة والمخاوف ستكون بشأن التوافق على المرحلة الانتقالية”.
السيناريوهات المقبلة
وأشار رخا حسن إلى أنه يميل للتفاؤل بشأن السيناريوهات المقبلة فى سوريا، نظرا إلى انشغال روسيا بأوكرانيا ووصول الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، أيضا إيران تريد الانفتاح فى الفترة المقبلة على الجميع وتحسين علاقتها بالغرب والولايات المتحدة، كذلك فإن تركيا تريد حل الأزمة فى سوريا دون تقسيم أراضيها لأنهم لا يريدون استقلالا أو حكما مستقلا للأكراد.. الأطراف المنخرطة فى سوريا جربت كل الوسائل وفشلت بالتالى الكل يبحث عن مخرج.
التدخلات الخارجية
بدوره، قال الدكتور معتز سلامة الخبير فى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المشهد القادم فى سوريا لن ينفصل عن الأوضاع الراهنة، مضيفا: “التدخلات الخارجية فى سوريا كبيرة جدا ويبدو أنها كانت مستعدة منذ فترة طويلة على السيناريو الحالي، ويبدو أيضا أن عناصر داخل النظام السورى وعددا من الدول كانت على علم بهذه الترتيبات منذ فترة”.
“أظن أن الوضع فى سوريا لن يختلف عن أوضاع البلاد العربية، التى شهدت نفس مسلسل التغيير ومرت بنفس الظروف.. فالثورات تأتى معها آمال كبيرة ولكن فى النهاية تنتهى الأمور بعدم وجود خبرات لإدارة الدولة ويتم الاصطدام بالواقع الاقتصادى والمجتمعى والتحديات الناتجة عن سياسات النظام السابق والتحديات المتعلقة أيضا بالانقسام الداخلى والتناحر الطائفى والمذهبي.. وأمام سوريا سيناريوهات تتفاوت وتتسع ما بين سيناريو كل من اليمن أو ليبيا أو العراق أو السودان”.
وأوضح: “فى البداية ستكون هناك أخلاقيات الثورة وشعور بالفرح لدى الأطراف المختلفة برحيل نظام بشار، ثم ستأتى فترة استرخاء قد تمتد من 3 أشهر لـ 6 أشهر.. ثم ستبدأ المشكلات الكبيرة فى الظهور وسيكون هناك تناحر من الأطراف الخارجية المختلفة على فرض نفوذها داخل دمشق”. مضيفًا: أن هناك نموذجين لتطور الأحداث فى سوريا أحدهما متفائل والآخر متشائم، وعن السيناريو المتفائل، أوضح سلامة أن الأطراف السورية تكون استفادت من خبرات الدول العربية التى شهدت نفس الأحداث ويتم تشكيل مجلس حكم وقيادة يشمل كل الطوائف وعناصر الدولة لفترة انتقالية يجرى خلالها وضع دستور جديد وقواعد للانتخابات مع الاحتفاظ بمؤسسات الدولة القائمة، مشددا على أن جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجى سيكون عليهم فى هذه المرحلة دور كبير فى مساعدة الدولة السورية الجديدة، إذ يبدو أن هناك توافقا بين الأطراف وأنهم لن يتدخلوا لصالح طرف دون الآخر، فالجيش والحكومة السورية سلمت بالتغيير ورحل الرئيس السورى بشار الأسد إلى الخارج.
الفترة الانتقالية
وعن السيناريو المتشائم، قال سلامة إنه سيحدث عندما تنتهى الفترة الانتقالية وتبدأ المشكلات والتحديات الأساسية فيما يتعلق بالاختلاف بين فصائل المعارضة والثوار، وأن يصعب عليهم الاتفاق على إدارة الدولة أو الاتفاق على الدستور أو الصراع على مراكز النفوذ وتقاسم السلطة، مشيرا إلى أن هناك أشياء كثيرة ستعترض طريقهم خاصة مع وجود النفوذ الخارجى الأجنبى داخل سوريا وأن بعض القوى قد تستغل هذه الظروف لتحقيق مزيد من التدخل فى سوريا، كما أن المجموعات المحلية قد تسعى لتعزيز قواها هى الأخرى.
“أقل السيناريوهات تشاؤمية ضررا هو تحول سوريا لاتجاه العراق مع الأخذ بالاعتبار أن موارد بغداد أعطتها مزيدا من الأريحية على عكس دمشق التى لا تمتلك الوقت للمرور بتجارب مختلفة.. أما أكثر السيناريوهات التشاؤمية ضررا فهو اتجاه سوريا لسيناريو السودان، ففى حالة الخرطوم هناك تناحر بين الجيش الوطنى وميليشيا الدعم السريع أما فى سوريا فستكون تناحرات وصراعات بين قوى متشرذمة ومتعددة”، مضيفا: أتمنى ألا نتجه إلى هذا المسار وألا يكون هذا السيناريو صحيحا ولكن على الأرجح قد تواجهه سوريا.
وتابع سلامة: “الوجود الشيعى والتنظيمات الشيعية العاملة داخل سوريا ربما ضبطت حركتها خلال هذه الفترة بقرار إيراني، ولكن ربما مستقبلا قد تصطدم مع الفصائل الأخرى.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا