بعد اختفاء الأسد.. من يملأ فراغ السلطة في سوريا؟.. منشقون عن جيش بشار أول من رفعوا البنادق.. الإسلاميون والأكراد دخلوا اللعبة بوكيل خارجي.. وهذه سيناريوهات المستقبل
بشكل مفاجئ، سقط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، معلنًا نهاية حقبة حكم امتدت منذ سبعينات القرن الماضي، حيث ورث الأسد الابن سُلطة الأب في مشهد بدا آنذاك وكأنه يؤسس لنظام أبدي، لكن انهيار السلطة بهذا الشكل الدرامي يُلقي الضوء على معضلة أصعب: من سيحكم سوريا؟
السؤال الذي يفرض نفسه بقوة ليس فقط عن هوية المعارضة السورية، بل عن طبيعتها الممزقة بين المرجعيات الدينية المختلفة جذريًّا والمصالح المتضاربة؛ إذ منذ اندلاع الثورة السورية في 2011، تشكلت خريطة المعارضة المسلحة من مزيج متشابك من الفصائل، كل منها يحمل رؤى متباينة وأجندات سياسية قد تتقاطع أو تتنافر، ما يجعل سيناريو المستقبل محاطًا بالغموض.
وتكشف «فيتو» خريطة هذه القوى، وكيف تشكلت في محاولة لفك طلاسم مستقبل الحكم في سوريا.
كيف تحولت المعارضة السلمية السورية إلى تشكيلات مسلحة ؟
اندلعت الثورة السورية في مارس 2011، وبدأت كحراك شعبي سلمي يطالب بالإصلاح والحرية، مستلهمًا رياح "الربيع العربي"، لكن رد نظام الأسد العنيف، واستهداف المتظاهرين بالذخيرة الحية، حول مسار الثورة بشكل كامل.
وبحلول منتصف 2011، ظهرت أولى بوادر التسلح مع انشقاق ضباط وجنود من الجيش السوري، ليُشكلوا "الجيش السوري الحر"، كقوة تهدف إلى حماية المدنيين ومواجهة عنف النظام، لكن سرعان ما تطور المشهد مع دخول قوى إقليمية ودولية على الخط، حيث تدفقت الأسلحة والأموال إلى المعارضة، مما أدى إلى ظهور فصائل مسلحة متنوعة، وانقسمت هذه الفصائل بناءً على الولاءات الفكرية والمذهبية والسياسية، من مجموعات علمانية تسعى إلى إقامة دولة مدنية، إلى أخرى إسلامية تراوحت بين السلفية المعتدلة والتطرف الجهادي.
فصائل المعارضة السورية
تتكون فصائل المعارضة السورية بالشكل الذي وصلت إليه الآن من مزيج متنوع من الجماعات، التي تحمل طموحات ومرجعيات متباينة، غالبًا ما تصطدم أكثر مما تتكامل، ويمكن تصنيفها كالآتي
الجيش السوري الحر، النواة الأولى للمعارضة المسلحة
تشكل الجيش السوري الحر في يوليو 2011 على يد مجموعة من الضباط المنشقين عن الجيش السوري، بقيادة العقيد رياض الأسعد وكان الهدف الأساسي حماية المتظاهرين السلميين، لكنه تحول لاحقًا إلى القوة العسكرية الرئيسية للمعارضة.
في البداية، اعتمد الجيش الحر على الهجمات الخاطفة ضد قوات النظام، وبحلول 2012، توسع نشاطه في المناطق الريفية، خصوصًا في إدلب وحلب ودرعا، لكنه مع الوقت، واجه تراجعًا بسبب نقص التمويل والتسليح، وظهور فصائل أكثر تطرفًا أضعف تأثيره وحاليًا، يُعتبر جزءًا من "الجيش الوطني السوري" المدعوم تركيًّا.
واعتمد الجيش السوري الحر على الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مثل البنادق الهجومية (كلاشينكوف)، الرشاشات، وقذائف RPG، بجانب بعض صواريخ "تاو" المضادة للدروع المقدمة من الولايات المتحدة.
هيئة تحرير الشام، من تنظيم القاعدة إلى مشروع حكم محلي
تشكلت الهيئة عام 2012 تحت اسم "جبهة النصرة"، كفرع لتنظيم القاعدة في سوريا بقيادة أبو محمد الجولاني، وفي 2016، انفصلت عن القاعدة وأعادت تسمية نفسها لتصبح "هيئة تحرير الشام" في محاولة لتقديم صورة أكثر اعتدالًا.
سيطرت الهيئة على مساحات واسعة في الشمال السوري، خاصة إدلب، وعُرفت بعملياتها الانتحارية والهجمات الكبيرة على قواعد النظام، وبعد الانفصال عن القاعدة، ركزت على إدارة المناطق الخاضعة لسيطرتها من خلال حكومة الإنقاذ التابعة لها، محاولة كسب قبول دولي، ورغم تخفيف خطابها، تُعتبر الهيئة قوة جدلية في المشهد السوري بسبب ماضيها الجهادي.
وتمتلك الهيئة ترسانة متنوعة، تشمل أسلحة خفيفة ومتوسطة، وبعض العربات المدرعة التي استولت عليها من قوات النظام، لكنها في السنوات الاخيرة طورت قدراتها بشكل ملفت وضمت إلى تشكيلاتها طائرات مسيّرة.
ورغم التسليح المتقدم لكن نقاط قوة هيئة تحرير الشام تعتمد على أسلوب القتال غير التقليدي أو ما يعرف بحرب العصابات، وأثبتت كفاءة قتالية عالية، خاصة في المناطق الجبلية، لكنها تواجه تحديات كبيرة إذا خرجت من معقلها في إدلب.
قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، مشروع كردي بضوابط أمريكية
تشكلت "قسد" عام 2015 بقيادة وحدات حماية الشعب الكردية، وبمشاركة جماعات عربية وسريانية، بدعم مباشر من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وعلى أسس المفاهيم الفكرية والسياسية الأمريكية كما حدث مع كوريا الجنوبية بالحرف.
وركزت قسد على محاربة تنظيم "داعش"، حيث قادت عمليات عسكرية كبرى مثل تحرير الرقة عام 2017 إلى جانب القتال، عملت على بناء إدارة ذاتية في المناطق الكردية بشمال شرق سوريا، ما أثار حساسيات مع تركيا.
ورغم انتصاراتها ضد داعش، لكنها واجهت تحديات سياسية سواء مع نظام الأسد، أو مع قوات المعارضة الآن على حد سواء بسبب نزعتها الانفصالية وتوجهاتها المختلفة كليا عن الفصائل الإسلامية.
وتمتلك قسد تسليحًا نوعيًا بدعم مباشر من الولايات المتحدة، يشمل ناقلات جنود مدرعة، صواريخ مضادة للدروع، ومدفعية متطورة، كما توفر لها القوة الجوية الأمريكية غطاءً في العمليات الكبرى، لذا تُعتبر من أكثر الفصائل المعارضة تسليحًا وتنظيمًا، خاصة مع دعم التحالف الدولي.
الجيش الوطني السوري، ذراع المعارضة المدعوم من تركيا
تأسس الجيش الوطني السوري عام 2017 نتيجة دمج عدة فصائل معارضة مدعومة من تركيا، بهدف تنسيق العمليات العسكرية في المناطق الشمالية.
وقادت فصائل الجيش الوطني عمليات عسكرية مثل "درع الفرات" (2016) و"غصن الزيتون" (2018) ضد قوات قسد والنظام، ويُعتبر الآن القوة الرئيسية في المناطق التي تسيطر عليها تركيا شمال سوريا، لكنه يواجه اتهامات بضعف الاستقلالية والاعتماد الكامل على الدعم التركي.
ويعتمد الجيش الوطني على الأسلحة التركية، بما في ذلك بنادق هجومية، مدرعات، وصواريخ مضادة للدروع كما يعتمد أيضًا على الدعم اللوجستي التركي، مثل التدريب والقيادة العسكرية ويعتمد على تكتيكات حرب العصابات والهجمات البرية المدعومة بالقصف التركي.
أحرار الشام، القوة السلفية الأقل تشددًا
نشأت عام 2011 كواحدة من أوائل الفصائل السلفية المسلحة، وركزت على إسقاط النظام وإقامة دولة إسلامية، ولعبت دورًا بارزًا في معارك إدلب وحلب خلال السنوات الأولى، لكنها تحالفت مع فصائل مثل "جبهة النصرة" لفترات محددة، قبل أن تنفصل عنها بسبب خلافات أيديولوجية، وحاليًا، أضعفها التنافس مع هيئة تحرير الشام، لكنها ما زالت تحتفظ بوجود محدود في الشمال السوري.
وتعتمد أحرار الشام على تسليح تقليدي من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إضافة إلى عربات محلية الصنع وقذائف بدائية بسبب افتقارها للدعم الدولي الفعال منذ بداية الصراع، لذا تعتمد على التحالفات مع فصائل أقوى لضمان بقائها.
داعش، صعود ثم انهيار وخلايا نائمة
بدأ ما يعرف تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" «داعش» في التوسع إلى سوريا عام 2013، مستغلًا فراغ السلطة والفوضى وسيطر على مساحات شاسعة من سوريا والعراق، بما في ذلك الرقة ودير الزور ونفذ ممارسات وحشية من الإعدامات العلنية إلى استعباد الأقليات، لكن انهارت سيطرته والسلطة التي شكلها بحلول 2019 بعد هزائم كبرى أمام قسد والتحالف الدولي، لكنه لا يزال يمثل تهديدًا من خلال خلاياه النائمة.
في ذروة قوته، امتلك داعش تسليحًا غير مسبوق، بما في ذلك دبابات ومدرعات استولى عليها من الجيشين السوري والعراقي، فضلًا عن قذائف صاروخية وطائرات مسيّرة، لكن مع انهياره، تقلصت إمكانياته إلى خلايا نائمة تعتمد على الأسلحة الخفيفة والعبوات الناسفة.
مستقبل سوريا مع حكم الفصائل
الفصائل السورية رغم تاريخها الطويل في النضال، إلا أن التاريخ المشترك بينها يروي قصة صراعات داخلية وخارجية قد تؤثر على قدرتها في تقديم بديل حقيقي لنظام الأسد، وتبرز سيناريوهات مستقبل الحكم في سوريا كالآتي:
1. السيناريو الأول: حكم الفصائل متعددة الأقطاب
قد تنقسم البلاد إلى مناطق نفوذ تديرها الفصائل الكبرى، ما يجعل سيناريو التقسيم هو الأقرب لترجمة خريطة القوى على الأرض
2. السيناريو الثاني: صعود قيادة وطنية موحدة
إذا نجحت المعارضة في تشكيل مجلس حكم انتقالي يمثل جميع الأطياف، يمكن لسوريا أن تدخل في مسار أكثر استقرارًا
3. السيناريو الثالث: استمرار الفوضى
إذا استمرت الانقسامات واستعرت المعارك، ستبقى سوريا غارقة في دوامة الصراعات الداخلية، مما يفتح الباب أمام تمدد القوى الخارجية.
في النهاية، قد تكون الإجابة على سؤال "من يحكم سوريا بعد الأسد" ليست في يد المعارضة نفسها، بل في قدرة الشعب السوري على تجاوز الجراح والانقسامات لإعادة صياغة مستقبل يليق بتضحياته.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هــــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــــنا
تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا