رئيس التحرير
عصام كامل

في ذكرى ميلاد قاهر الظلام.. طه حسين دعا إلى العلم واعتبره كالماء والهواء.. خاض معركة مع الأزهر بسبب كتاب الشعر الجاهلي.. ورفض منح الدكتوراه الفخرية لعدد من السياسيين

الدكتور طه حسين
الدكتور طه حسين

الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربى وأحد رموزه الكبار، فضلا عن كونه واحدا من رموز التحدي الإنسانى للإعاقة، كتب الرواية والنقد كما كتب في التاريخ الإسلامى وعلوم اللغة، كما اعتبر رمزا من رموز التجديد في تاريخ الفكر العربى، دعا إلى العلم واعتبره كالماء والهواء، أثارت آراؤه معارك فكرية واتهمه البعض بالكفر، ورحل عام 1973 بعد انتصار أكتوبر بأيام قليلة.

ولد طه حسين عام 1889 بمركز مغاغة، محافظة المنيا، ولما بلغ الرابعة أصيب بالرمد الذى تسبب فى فقد بصره، ألحقه أبوه بكتاب القرية فتعلم العربية وحفظ القرآن الكريم، وفى عام 1902 انتقل إلى القاهرة فى رعاية أخيه الأكبر الشيخ أحمد والتحق بالأزهر ونال شهادته، ليلتحق بعده بالجامعة المصرية، وكان أول المنتسبين لها، وحصل عام 1914 على أول دكتوراه من الجامعات المصرية بتقدير جيد جدا وموضوعها "أبى العلاء المعرى"، مما أثار ضجة فى الأوساط الدينية فاتهمه أحد أعضاء البرلمان بالكفر والزندقة، ثم أوفدته الجامعة المصرية فى بعثة دراسية إلى مونبلييه بفرنسا فدرس الأدب الفرنسى وعلم النفس والتاريخ الحديث، وتحت إشراف العالم الاجتماعى أميل دوركهايم أعد رسالته عن الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون.

الدكتور طه حسين وزوجته الفرنسية سوزان 
الدكتور طه حسين وزوجته الفرنسية سوزان 

أثناء وجوده للدراسة بباريس وفى عام 1917 تزوج الفتاة الفرنسية سوزان التي كانت رفيقة مشواره الطويل، حيث أعانته على القراءة والدراسة وأنجب منها ابنه مؤنس وابنته أمينة.  

أزمة كتاب الشعر الجاهلى 

فى عام 1919 عاد الدكتور طه حسين إلى مصر وعُين أستاذا للتاريخ اليونانى فى الجامعة الأهلية المصرية منتهجا المنهج الديكارتى فى الشك للوصول إلى اليقين، فلما صارت الجامعة حكومية عام 1925 عينته وزارة المعارف أستاذا فيها للأدب العربى فعميدا لكلية الآداب، فوضع كتابه "فى الشعر الجاهلى" ووقف ضده علماء الأزهر، لكن برأته المحكمة.   

لقب عميد الأدب العربى 

ورفض منح الدكتوراه الفخرية من كلية الآداب لعدد من السياسيين حفاظا على استقلال الجامعة فأحيل إلى وزارة المعارف، ورفض طه حسين فأحيل إلى التقاعد عام 1932، فكافأه الأدباء ورجال الفكر بإطلاق عليه لقب عميد الأدب العربى. 

تمثال الدكتور طه حسين 
تمثال الدكتور طه حسين 

فى عام 1926 اتجه الدكتور طه حسين إلى العمل الصحفى، لكنه أعيد إلى عمادة الآداب ثانية حتى عام 1939، حيث انتدب مراقبا عاما للثقافة بوزارة المعارف، وعلى إثر خلافه مع حكومة محمد محمود فاستقال من العمادة وانصرف إلى التدريس بالكلية، ورأس تحرير مجلة الكاتب المصرى.

وفى عام 1950 صار الدكتور طه حسين وزيرا للمعارف فى الوزارة الوفدية فقام بإصلاحات مجانية التعليم الثانوى وتوحيد نظام التعليم فى الصفوف الأولى، وبعد تسع سنوات حصل على جائزة الدولة التقديرية فى الآداب، ثم عين رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية وحصل على قلادة النيل عام 1965 كأرفع وسام فى الدولة.  

معارك الكُتاب والأدباء ضد العميد 

واجه عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين معارك كثيرة خلال مشواره الأدبي مع الأدباء ومع السلطة وحتى مع الأصدقاء وأولى هذه المعارك عام 1968 كانت مع الأدباء والكتاب من أصدقائه حين هاجم أجهزة الإعلام ـ الإذاعة والصحافة والتليفزيون ـ ووصفها بالضحالة التي لا ترقى إلى مستوى النقد، كما هاجم الأزهر والموسيقى العربية، وقال إنه لا يستمع إليها ويفضل عليها الموسيقى الغربية، وأنه منذ ترك القرية لم يسمع شيئًا أفضل من أبو زيد الهلالي. 

عبد الناصر يكرم الدكتور طه حسين 
عبد الناصر يكرم الدكتور طه حسين 

ورد عميد معهد الموسيقى أحمد شفيق أبو عوف مستنكرا تفضيل طه حسين للموسيقى الغربية مؤكدا أن العميد لم يستمع إلى أبو بكر خيرت وعزيز الشوان ليعرف قيمة الموسيقى العربية، وقال الأديب  عباس محمود العقاد فقال: إن طه حسين يمثل قنطرة بين الأدب العربي والأدب اليوناني القديم فقد نقل الأدب الإغريقي، لكنه في مجال الشعر والنقد الأدبي المعاصر لم يقدم مقاييس عملية؛ بل كان على أساس نظري فقط، مؤكدا أن طه حسين غير مستعد لقبول الجديد في كافة أشكاله بحكم تكوينه الفكري وموقفه من التجديد ومناهجه، وقال الأديب إحسان عبد القدوس: إن الدكتور طه حسين غير قادر على الخروج من مرحلة العصر الذي نشأ فيه لذلك فهو لا يتقبل مقاييس النهضة الحالية ويحكم على الحاضر بمقاييس الأمس، ويريدنا أن نقف عند جيله فقط، لكنه في كثير من الأحيان يفوق التلميذ أستاذه.

جنازة كبيرة من جامعة القاهرة 

ويوم الرحيل خرجت جنازته الرسمية والشعبية التى حضرها ممثلون من أغلب الجامعات الأجنبية من جامعة القاهرة فى 31 أكتوبر 1973، وبعد وفاته بشهرين منحته الأمم المتحدة جائزتها لإنجازاته فى مجال حقوق الإنسان وتسلمتها أسرته، وبعد الرحيل واصل تلاميذه تنفيذ وصيته بتحويل منزله إلى متحف ثقافي يضم جميع مقتنياته ومؤلفاته ومكتبته يطلق عليه رامتان.


 أثرى الدكتور طه حسين المكتبة العربية بأعمال كثيرة تدعو معظمها إلى النهضة والتنوير وأعمال أدبية تنوعت بين الروايات والقصص القصيرة والشعر من أهمها: الأيام وهى السيرة الذاتية الخاصة به، على هامش السيرة، حديث الأربعاء، مستقبل الثقافة في مصر، الوعد الحق، المعذبون في الأرض، صوت أبي العلاء، من بعيد، فلسفة ابن خلدون الاجتماعية، الديمقراطية في الإسلام، دعاء الكروان، الحب الضائع، شجرة السعادة، طه حسين والمغرب العربي، من حديث الشعر والنثر، أديب، وغيرها.
 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية