الأحرار.. حكاية إصدار أول جريدة معارضة في مصر.. مصطفى كامل مراد صاحب الفكرة.. وصلاح قبضايا أول رئيس تحرير
جريدة الأحرار، في مثل هذا اليوم 14 نوفمبر عام 1977، صدر العدد الأول من أول جريدة معارضة في مصر بعد ثورة يوليو 52، هى جريدة " الأحرار " الصادرة عن حزب الأحرار الاشتراكيين بزعامة مصطفى كامل مراد، وبرئاسة تحرير الدكتور صلاح قبضايا.
فبمجرد إعلان التجربة الحزبية الجديدة عام 1977 بتكوين ثلاثة منابر سياسية في مصر، تحولت فيما بعد إلى أحزاب هى: حزب مصر وهو حزب الحكومة، الأحرار الاشتراكيين، التجمع التقدمى الوحدوى. وأصدر حزب مصر الحاكم جريدة مصر كأول جريدة حزبية تتحدث بلسان الحزب الحاكم، وصدرت جريدة الأحرار كجريدة معارضة للرد على بيانات الحكومة وانتقادها ومقاومة الفساد فيها.
صلاح قبضايا رئيسا للتحرير
وجاءت فكرة إصدار صحيفة معارضة لرئيس الحزب مصطفى كامل مراد التى عرضها على الكاتب الراحل جلال الدين الحمامصي، وذلك بعد دراسة مستفيضة لإصدار جريدة معارضة أعدها الدكتور صليب بطرس أحد خبراء الإدارة في مصر، ووافق الحمامصى على أن يقوم بالإشراف فقط مرشحا الصحفى صلاح قبضايا لرئاسة التحرير، وتضامن مصطفى أمين بل شجع اختيار صلاح قبضايا واختير الصحفى محمد الغلبان مديرا للتحرير وعلى الفولى رئيسا لمجلس الإدارة.
وبدأت جريدة الأحرار بحجرتين في مبنى اللجنة المركزية بكورنيش النيل ـ تم هدمه الآن ـ وكان مقرا للمنابر الثلاثة، حيث مقر حزب الأحرار بعد أن اشترط قبضايا عدم تدخل الحزب أو رئيسه في سياسات الجريدة مع الاحتفاظ بحق الحزب في نشر بياناته وأخباره.
بدأ الإعداد لجريدة الأحرار من العدد الأول بقرض من بنك مصر ومبلغ من شركة التوزيع تحت حساب توزيع العدد الأول، ورشح محمد الغلبان وحيد غازى الصحفى بالجمهورية نائبا لرئيس التحرير، وقام سعيد إسماعيل سكرتير تحرير الأخبار بتصميم الصفحة الأولى والأخيرة، وصمم أستاذ التصميمات الفنية على مهيب شعار جريدة الأحرار على شكل الشمس، كما ابتكر أول رسام بالجريدة نبيل صادق شخصية مخلص الوسطانى وأصبح الكاريكاتير بديلا للصورة في الصفحة الأولى والأخيرة.
وكانت أولى حملات الأحرار الصحفية "كارثة القطن"؛ بسبب فساد المبيدات واستجواب النائب البرلماني محمد عبد الشافي عن هذه الكارثة، التي بلغت خسارتها مليون قنطار قيمتها 112 مليون دولار، ونشر المانشيت في العدد الأول (استجواب ممدوح سالم)، (رئيس الوزراء متهم بالإهمال وإخفاء كارثة القطن)، وجاء رد جريدة مصر على حملة كارثة القطن بإعلان الحكومة تعويض الفلاحين.
الصاوى يمنع الإعلانات فى التلفزيون عن الأحرار
وما أن صدرت الأحرار حتى توافد المراسلون الأجانب على الاتصال بالجريدة طلبا لزيارتها ولقاء الصحفيين فيها، لتبدأ المواجهة مع الحكومة فأصدر عبد المنعم الصاوى وزير الإعلام قرارا بمنع نشر أي إعلان عن الأحرار في التلفزيون ومنع أى من رموز المعارضة من الظهور في التليفزيون.
عدد تاريخي من صحف مصر
وكتب رئيس التحرير صلاح قبضايا في عموده (آخر كلام) بالعدد الأول يقول: "بين يديك عدد تاريخي من صحف مصر في عهد الديمقراطية والحرية.. بين يديك الآن أول صحيفة معارضة تظهر في مصر منذ قيام ثورة يوليو أي منذ 25 عاما، والطريق أمام هذه الصحيفة طويل وشاق، ولدت ولادة طبيعية في كنف الحريات وتعدد الأحزاب.
وحول قصة صدور الجريدة كتب صلاح قبضايا في كتابه "صحفى ضد الحكومة"، قال: "اعتدت دائما وبصفة منتظمة التردد على أستاذي جلال الدين الحمامصي دون موعد أو استئذان، وفتحت باب مكتبه في الدور السادس في أخبار اليوم، وفوجئت بأن ضيفه هو مصطفى كامل مراد رئيس حزب الأحرار وزعيم المعارضة في البرلمان، بادرنى الحمامصي، قائلا: هل ستعمل معنا في جريدة الأحرار؟ وبدون تفكير قلت له: إنه لشرف لي أن أعمل في جريدة معارضة، وانصرفت.
وتابع: كان أملى دائما أن أرى صحفيين ضد الحكومة يتصيدون أخطائها ويكشفون إهمالها، وبدأ حلم العمل في جريدة معارضة يظهر عندى من جديد، خاصة لو كان الحمامصي رئيسا لتحريرها، تعثرت بعد ذلك فكرة إصدار الأحرار لكن انفرد حزب الحكومة بإصدار صحيفة مصر برئاسة تحرير صديقى وزميل أخبار اليوم وجيه أبو ذكرى.
وأضاف "قبضايا": "كان هناك غضب من المسئولين وبعض الفئات من الحمامصي بسبب كتاباته للتشكيك في ذمة عبد الناصر بعد رحيله.. زرت الحمامصى وفاتحته في أمر رئاسته للأحرار، فقال إنه سيشارك في الإعداد فقط، وإنه يجب أن تكون رئاسة تحرير الصحف للشباب، وإنه رشح اثنين من الشباب لمصطفى مراد، هما العبد لله وسمير عبد القادر، لكن سافر الحمامصى في إجازة إلى أوروبا، وانقطع الحديث عن صحيفة المعارضة، ورفض موسى صبري رئيس تحرير الأخبار التي نعمل بها أنا وسمير السماح لأي من العاملين بالجريدة الجمع بين العمل بالأخبار والعمل بجريدة حزبية، فانسحب سمير عبد القادر من العرض، وتم ترشيح عبد السلام داود فاشترط موافقة السادات على الجريدة، وتمسك بى مصطفى كامل مراد.
إجازة بدون مرتب من الأخبار
وتابع: كان على أن اختار لكني فضلت العمل في جريدة معارضة، وأبلغت موسى صبرى بقراري، وأخذت إجازة بدون مرتب، بعد أن كلفني مصطفى مراد المشاركة في الإعداد لجريدته بوصفي رئيسا للتحرير، وعلمت منه أن مصطفى أمين قال له إننى الوحيد المتحمس للجريدة، وبناء عليه اجتمعت الهيئة العليا لحزب الأحرار، وقررت انتخابي رئيسا للتحرير، ومحمد الغلبان مديرا للتحرير، لأصبح أول رئيس تحرير مصري يعين بالانتخاب.
ويحكى وجيه أبو ذكرى معاركه كرئيس تحرير جريدة مصر مع جريدة الأحرار برئاسة رفيقه صلاح قبضايا الذى كان في الاتجاه المعاكس فيقول: كان هناك تنسيق كبير بين صحيفة الحزب الحاكم وصحيفة المعارضة وكانت لقاءاتي بصديقى اللدود مستمرة، وبالرغم أن مكاتبنا متجاورة بمبنى اللجنة المركزية إلا أننا كنا نلتقى في النادى نناقش القضايا السياسية وننتهى دائما إلى حوار مثمر يؤدي في النهاية إلى ترسيخ مبادئ الصحافة الحرة، والحقيقة أن صلاح زميل دفعة الصحافة بكلية الآداب منذ 1954، وعندما انتخب رئيس تحرير طلعت مكتبه ابارك له وقلت له عاوزين نعمل ديمقراطية صحفية نتحرى الحقيقة، وفى حالة اختلافنا فى الرأي ويكتب هو عن السلبيات ولو فيه خطأ أرد أنا عليه ولا نخسر بعض.
واستمرت جريدة الأحرار فى الصدور لمدة عشرة أشهر حتى صدر فى أغسطس 78 قرار من الرئيس أنور السادات بتوقف الجريدة عن الصدور، وحاول مصطفى كامل مراد إعادتها إلا أن الرئيس اشترط استبعاد الصحفى صلاح قبضايا من رئاسة التحرير، وبعد أربعة أشهر أعيد صدور الجريدة برئاسة تحرير الصحفى محمد الغلبان، ولم يستمر طويلا حتى تولى الصحفى وحيد غازى إصدار الأحرار حتى عام 1986 ليتم استبعاده ويختار مصطفى كامل مراد الصحفى بأخبار اليوم الكاتب محمود عوض الذى ارتفع بتوزيع الجريدة متخذا نهج قبضايا فى سياسة عدم تدخل الحزب فى التحرير وكانت النتيجة استبعاده بعد أقل من عام ليتولى إصدارها الصحفى محمد عامر.
إصدار جريدة الأحرار اليومية
وفى عام 1993 استطاع الصحفى مصطفى بكرى إقناع رئيس الحزب بإصدار جريدة الأحرار اليومية التى رأس تحريرها وفى نفس الوقت صدرت أسبوعية برئاسة وحيد غازى، وفى أغسطس 1996 عاد صلاح قبضايا رئيسا لتحرير جريدة الأحرار، واستمر حتى 2009 يدير الجريدة ولأسباب صحية ترك الجريدة مرشحا الصحفى عصام كامل لرئاسة تحرير الأحرار الذى قدم استقالته منها بعد عامين 2011، وتولى سليم عزوز تحرير الجريدة لتتوقف الأحرار عن الصدور نظرا للأزمات المالية.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.