في ذكرى وفاته، ياسر عرفات بطل القضية الفلسطينية ورمز النضال الذي لا يغيب
يُعد ياسر عرفات المعروف بـ"أبو عمار"، الذي يناسب اليوم ذكرى وفاته، أحد أعظم رموز النضال الفلسطيني، إذ قضى سنوات عمره في مسيرة طويلة من النضال السياسي والعسكري من أجل تحقيق حلم الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال. وكانت حياته حافلة بالأحداث والتحولات، التي شملت تجارب قاسية، مفاوضات معقدة، وحصارًا دام سنوات.
في القاهرة، هكذا نشأ ياسر عرفات
وُلد محمد عبد الرحمن ياسر عرفات القدوة الحسيني في 24 أغسطس 1929 في القاهرة لعائلة فلسطينية. تنقل عرفات بين القاهرة والقدس، حيث نشأ في أجواء من القومية العربية، متأثرًا بالنكبة عام 1948 التي شهدت تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهو الحدث الذي كان له دور كبير في توجيه مسيرته نحو المقاومة والنضال.
وفي خمسينيات القرن العشرين، التحق عرفات بجامعة القاهرة لدراسة الهندسة، لكنه انخرط بسرعة في الحركة الطلابية الوطنية، حيث قاد نشاطات مؤيدة للقضية الفلسطينية، وخلال هذه الفترة، التقى بآخرين ممن شاركوه الحلم والهدف، ليؤسسوا فيما بعد حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح".
تأسيس فتح والانطلاق نحو الكفاح المسلح
في عام 1959، انطلقت حركة فتح بقيادة عرفات ورفاقه، وكانت تهدف لتحرير فلسطين من خلال الكفاح المسلح. وخاضت الحركة أولى عملياتها عام 1965، التي استهدفت منشآت إسرائيلية، وبدأت تسهم في تكوين نواة المقاومة الفلسطينية، حيث ذاع صيت عرفات في أوساط الفلسطينيين كقائد شعبي ورمز للمقاومة.
وبفضل نشاطه، أصبح عرفات رئيسًا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1969، ليقود بذلك المنظمة في صراعها مع إسرائيل. وقد اختار الكفاح المسلح وسيلة رئيسية لتحرير فلسطين، معتمدًا في ذلك على دعم الدول العربية، خاصةً في فترة السبعينيات.
أسباب نفي عرفات من الأردن ولبنان
شكلت معركة الكرامة في عام 1968 محطة فارقة في حياة عرفات، حيث خاضت المقاومة الفلسطينية معركة ضد القوات الإسرائيلية في بلدة الكرامة بالأردن، في معركة انتهت بانتصار معنوي كبير ورفعت من شعبية عرفات، مما أدى إلى تعزيز مكانة منظمة التحرير.
لكن بعد تصاعد الوجود الفلسطيني في الأردن، اندلعت أحداث "أيلول الأسود" عام 1970 التي شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية، ما أدى إلى خروج عرفات وقواته إلى لبنان. وهناك أسس عرفات قاعدة قوية لحركة فتح ومنظمة التحرير، لكنه واجه ضغوطًا متزايدة وتدخلات عسكرية مستمرة، خاصة بعد اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية.
وفي عام 1982، اجتاحت إسرائيل لبنان وحاصرت بيروت، ليضطر عرفات وقواته إلى الخروج تحت ضغط الحصار الإسرائيلي إلى تونس.
الاعتراف بمنظمة التحرير وتوقيع اتفاقية أوسلو
في ثمانينيات القرن العشرين، شهد العالم تغيرات سياسية كبرى دفعت عرفات نحو تغيير نهجه، فبدأ في البحث عن حل سلمي للقضية الفلسطينية.
وبعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، أعلن عرفات في خطاب له بالأمم المتحدة عام 1988 عن قبول منظمة التحرير لقراري مجلس الأمن 242 و338، والاعتراف بإسرائيل، ما أثار جدلًا واسعًا في أوساط الفلسطينيين.
وفي عام 1993، دخل عرفات في مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي أسفرت عن توقيع "اتفاقية أوسلو" التي سمحت بعودة قيادات منظمة التحرير إلى فلسطين، وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة وأريحا. لكن رغم الأمل الذي حمله هذا الاتفاق، واجه عرفات انتقادات حادة من بعض الفصائل الفلسطينية الرافضة لأي تنازل عن كامل الأراضي الفلسطينية.
تحديات السلطة الفلسطينية برئاسة أبو عمار
مع عودة عرفات إلى الأراضي الفلسطينية عام 1994، انتُخب رئيسًا للسلطة الوطنية الفلسطينية، وبدأت جهوده لبناء مؤسسات السلطة، غير أن اتفاق أوسلو لم يؤدِ إلى حل شامل، وزادت التعقيدات السياسية وتفاقم الوضع الاقتصادي، مما أدى إلى إحباط كبير في أوساط الشعب الفلسطيني.
وفي عام 2000، اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية عقب زيارة أرييل شارون للمسجد الأقصى، واتخذ عرفات موقفًا داعمًا للمقاومة الشعبية، لكنه رفض التخلي عن العملية السياسية، وأدى هذا الموقف إلى تصاعد التوترات مع إسرائيل، والتي حاصرته لاحقًا داخل مقره في رام الله عام 2002، حيث قضى ما تبقى من حياته تحت حصار صارم.
مرض ياسر عرفات ووفاته الغامضة
في عام 2004، تدهورت صحة عرفات، ما اضطر السلطات الفلسطينية إلى نقله إلى مستشفى عسكري في باريس. وتوفي عرفات في 11 نوفمبر 2004 وسط ظروف غامضة، حيث لم يُحدد سبب وفاته بشكل قاطع، وظهرت لاحقًا شكوك حول تعرضه للتسمم، مما أثار تساؤلات حول مقتله، ودفعت لتحقيقات فلسطينية ودولية موسعة.
إرث ياسر عرفات في الذاكرة الفلسطينية
ترك عرفات إرثًا معقدًا مليئًا بالتحديات والإنجازات، حيث تمكن من رفع علم فلسطين في المحافل الدولية وتأسست أول سلطة فلسطينية على الأرض، إلا أن حلم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لا يزال بعيد المنال، ومع ذلك يُذكر عرفات اليوم كرمز للصمود، وما زال الشعب الفلسطيني يتطلع إلى تحقيق أهدافه التي ناضل من أجلها طيلة حياته، في سبيل الحرية والكرامة والاستقلال.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.