نتنياهو يهرب من شبح حرب 2006.. مساع لتسوية سياسية مع «حزب الله».. وفصل لبنان عن غزة شرط أساسى.. خبراء: دولة الاحتلال حققت مكاسبها.. ونعيم قاسم يكشف عن موقفه
بعد أن تلقى جيش الاحتلال خسائر كبيرة خلال الشهر الماضي، وفشل فى تنفيذ عملية الاجتياح البرى لجنوب لبنان، والسيطرة على مناطق هناك، يسعى الآن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، إلى تسوية الصراع مع حزب الله اللبناني، خوفًا من تكرار سيناريو حرب يوليو 2006، عندما استطاع حزب الله استدراج جيش الاحتلال لمستنقع حرب برية تكبد فيها خسائر كبيرة.
واستطاع حزب الله اللبنانى التعافى مجددًا، بعدما استطاع جيش الاحتلال اغتيال عدد كبير من قادة الحزب، من بينهم الأمين العام السابق حسن نصر الله وهاشم صفى الدين، وبدأ الحزب فى تنفيذ عمليات عسكرية كبيرة ضد جيش الاحتلال، ونجح حتى الآن فى إفشال الهجوم البري.
مقترح جديد
وكشف موقع أكسيوس عن تفاصيل مقترح جديد قدمته الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، لوقف الحرب مع حزب الله اللبناني، والتى لم يعلق عليها حزب الله.
ونقل موقع “اكسيوس” عن مسئولين أمريكيين وإسرائيليين قولهم: إن “رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ناقش مع مبعوثى الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى الشرق الأوسط، آموس هوكشتاين، وبريت ماكجورك اتفاقا لوقف إطلاق النار فى لبنان، كما ناقش الجهود لاستئناف المفاوضات المتعلقة بقطاع غزة”.
وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” نقلا عن مصادر أن “مسودة اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان، تسمح لإسرائيل بضرب لبنان خلال فترة انتقالية مدتها شهرين”، وذكرت المصادر للصحيفة الأمريكية، “أننا نرجح معارضة حزب الله وحكومة لبنان لمسودة اتفاق إنهاء الحرب بسبب انتهاكها للسيادة”، مضيفة “وفق المسودة تنسحب إسرائيل بعد أسبوع ثم ينتشر الجيش اللبنانى لتفكيك بنية حزب الله”.
وفى سياق متصل أعلن ديوان نتنياهو أن “رئيس الوزراء الإسرائيلى أكد للمبعوثين الأمريكيين آموس هوكشتاين وبريت ماكجورك، أن المسألة ليست الاتفاق بل القدرة على تطبيقه”، وذلك بشأن وقف إطلاق النار فى لبنان مع استمرار العدوان الإسرائيلي.
التسوية السياسية
فى هذا السياق قال الدكتور عبد المهدى مطاوع المحلل السياسى الفلسطيني: إن المساعى الدولية الموجودة الآن من أجل وقف الصراع بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي، هى اتفاق أساسه وقف إطلاق النار، وضمان عودة سكان الشمال فى إسرائيل، ووقف حزب الله إطلاق الصواريخ وفى المقابل توقف إسرائيل عدوانها على لبنان.
وأضاف، أنه من الواضح أن الأمور متجهة الآن إلى الحلول والتسوية السياسية، لأن إسرائيل حققت الكثير من المكاسب، ونجحت فى تصفية عدد كبير من قيادات حزب الله اللبنانى فى الصف الأول، وضرب العديد من مخازن أسلحة الحزب، مما أدى إلى إضعاف قدراته إلى حد كبير.
وتابع: بعد إضعاف قدراته العسكرية، إسرائيل تتجه الآن إلى تنفيذ مخططها الثانى ضد حزب الله، وذلك من خلال إضعافه على المستوى الدولي، وحشد المجتمع الدولى ضده من أجل تصنيفه منظمة إرهابية، وفرض حصار على عمليات تسليحه، بالإضافة إلى دعم الطوائف الأخرى فى لبنان وتقوية خصومه، وتغيير الوضع السياسى فى لبنان، بما يضمن تراجع نفوذ حزب الله فى بيروت.
فصل غزة عن لبنان
وأوضح “مطاوع” أن كلمة الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، لم تركز على الصراع فى غزة، أو تربط بين توقف الحرب فى لبنان مقابل وقفها فى غزة، وهو ما يعتبر دليلا على فصل الحرب فى لبنان عن الحرب فى قطاع غزة
واختتم مهدى مطاوع حديثه قائلا:” إن أهداف نتنياهو من الحرب على لبنان تختلف عن أهدافه من الحرب على غزة، فهو يسعى إلى تهجير الفلسطينيين من القطاع وتصفية القضية إلى الأبد، وتدمير البنية التحتية والتواجد العسكرى بشكل مستمر هناك، لكن فى لبنان هو يسعى إلى ردع حزب الله وتدمير قدراته العسكرية والسياسية”.
تكرار حرب 2006
بدوره، قال الدكتور محمد سعيد الرز، الكاتب والمحلل السياسى اللبناني: إن نتنياهو أدرك مؤخرا خطورة الحرب مع حزب الله، وبدأ يتراجع عن مخططات الاجتياح البري، خوفا من تكرار سيناريو حرب تموز 2006، وقد تغطى الخسائر التى سيتكبدها جيش الاحتلال فى هذه الحرب على الانتصارات التى حققها نتنياهو بعد اغتيال كبار قادة الحزب وعلى رأسهم حسن نصر الله.
وتابع “الرز” إن نتنياهو يريد إنهاء الحرب على لبنان بصفقة سياسية مدعومة بضغط أمريكى من أجل ردع حزب الله، وضمان عودة سكان مستوطنات الشمال التى تعهدت حكومة اليمين المتطرف بإعادتهم، وذلك يضمن له تحقيق مكاسب سياسية وتجنب الخسائر فى حال اتساع رقعة الصراع مع حزب الله، وكل المقترحات التى تقدمت بها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لإنهاء الحرب فى لبنان، تقوم على إضعاف وتقييد قدرة حزب الله على إطلاق صواريخ تضرب شمال الأراضى المحتلة.
وأكمل المحلل اللبناني: إن حزب الله يعانى من خسائر عسكرية كبيرة بسبب الضربات الإسرائيلية المركزة، الأمر الذى سيسهل مفاوضات وقف إطلاق النار، فكلا الطرفين يسعى للخروج من الحرب بأقل خسائر وأكبر مكاسب سياسية، وحزب الله بات يدرك صعوبة الأوضاع فى غزة، وأن العمليات التى يقوم بها ضد إسرائيل لن تكون كافية لوقف العدوان على القطاع، فالأمر يحتاج إلى تضامن دولى وعربى للضغط على نتنياهو لوقف هذه الحرب الشعواء، وهدف نتنياهو هو إبعاد حزب الله عن ساحة الحرب، لتكون لديه القدرة على تنفيذ مخططاته فى قطاع غزة، فإسرائيل ليس لديها القدرة على شن حرب مفتوحة على جبهتين فى وقت واحد.
واختتم الرز حديثه قائلا:” إنه خلال الأيام القادمة ربما يكون هناك اتفاق يشمل حزب الله وإيران وإسرائيل لضمان وقف التصعيد، فكل من طهران وتل أبيب أدرك خطورة الهجمات المتبادلة، خاصة بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير على طهران”.