بعد الحكم التاريخي للدستورية العليا.. رحلة قانون الإيجار القديم في مصر.. حكومة الأربعينات فرضت أسعار جبرية لحماية المستأجر.. وعبد الناصر ضمن حقوق الساكن والابن والحفيد
في تطور جديد للأزمة الدائرة منذ سنوات طويلة بشأن قانون الإيجار القديم، أصدرت المحكمة الدستورية العليا اليوم حكمًا تاريخيا في محاولة لإنهاء النزاعات المتعلقة بعقود الإيجار القديم، ووفقا للحكم أصبح هناك إمكانية للملاك في استرداد أملاكهم من الأشخاص الاعتبارية مثل الشركات والمؤسسات التي كانت تستأجر أماكن لغير غرض السكنى، وذلك فور انتهاء مدة العقد المتفق عليه، بدلًا من تجديده تلقائيًا.
مدة توفيق أوضاع المستأجرين بعد حكم الدستورية العليا
وحسب حكم الحكمة الدستورية العليا اليوم، سيمنح للمستأجرين فترة خمس سنوات لتوفيق أوضاعهم أو التوصل إلى اتفاقيات جديدة مع الملاك، حيث ترتفع القيمة الإيجارية تدريجيًا خلال هذه الفترة، حتى يتمكن الملاك من الاستفادة من أملاكهم بشكل أكثر إنصافًا.
ورغم التطورات المهمة التي يضمنها هذا الحكم، لكن ما قصة قانون الإيجار القديم في مصر، ومراحل تطوره، ومتى ظهرت الفجوة بين المالك والمستأجر، ولماذا تأخر الحل.
قصة نشأة قانون الإيجار القديم
قانون الإيجار القديم في مصر نشأ نتيجة لتطورات اجتماعية واقتصادية وسياسية على مدار القرن العشرين، لكن يمكن الإمساك بطرف الخيط وبداية الصراع بين المالك والمستأجر عام 1941، مع ضخ سلسلة من التشريعات التي تزامنت مع فترة الحرب العالمية الثانية.
وكانت مصر حينها تواجه ضغوطًا اقتصادية ونقصًا في المعروض من المساكن نتيجة التضخم والنمو السكاني المتزايد، لذا هدف المشرع إلى حماية المستأجرين من استغلال الملاك ولجأ إلى تحديد الإيجارات بمقابل مناسب يحقق رضا الطرفين، مما أدى إلى وضع سقف لأسعار الإيجارات ومنع زيادتها بشكل عشوائي لمواجهة الضغوط الاقتصادية بعد الحرب العالمية الثانية، التي خلفت تضخم حاد ونقصًا في المواد، وارتفاع كبير في أسعار السلع والخدمات.
ثورة 23 يونيو.. مع المستأجر ضد المالك
بعد نجاح ثورة 23 يوليو 1952 تبنت مصر سياسات اشتراكية واسعة، وخاصة بعد تولي الرئيس جمال عبد الناصر حكم البلاد، من أجل توفير الحماية للفئات محدودة الدخل.
وعدّل الحكم الناصري قوانين الإيجار القديم ليشمل ما عرف باسم الامتداد القانوني الذي سمح للمستأجرين بالاستمرار في السكن بنفس الإيجار الثابت، وبنفس الشروط حتى بعد وفاة المستأجر الأصلي، مما يعني أن العقود تنتقل للأبناء والأحفاد.
وخلال فترة الستينات، توسعت الناصرية من جديد في حماية المستأجرين، وأصبحت قوانين الإيجار القديم تتجاوز الإيجارات السكنية إلى غيرها مثل المحلات التجارية والمكاتب، وبات القانون يحمي حقوق المستأجرين بشكل متزايد على حساب حقوق الملاك.
انعكاسات قانون الإيجار القديم على فئات المجتمع المختلفة
رغم الأثر الاجتماعي القوي لـ قانون الإيجار القديم على الطبقة المتوسطة والفئات الاجتماعية الأقل في البلاد، لكن القانون على الجانب الآخر أدى إلى تقليص عائدات الملاك بشكل كبير، مما أثر على قيمة العقارات، وعرقل الاستثمار في هذا السوق الضخم لعقود متتالية.
ومقابل الحماية طويلة الأمد التي وفرها للمستأجرين، تناقصت الوحدات المتاحة للإيجار بشكل حاد في مصر، كما ارتفعت في المقابل عقود الإيجار الجديد بطريقة عشوائية وغير منضطبة ودون أدنى مراعاة لمبدأ العرض والطلب.
هل استفاد الاقتصاد المصري من قانون الإيجار القديم ؟
الحد المبالغ فيه من أسعار الإيجار، أدى إلى تجميد حركة العقارات وتقليل الاهتمام بتطوير العقارات السكنية، حيث أصبح المستثمرون يفضلون توجيه استثماراتهم إلى قطاعات ذات عوائد أعلى وأقل قيودًا.
ما بعد الناصرية، أين وصل قانون قانون الإيجار القديم ؟
مع مرور الوقت وتبدل القيم والقناعات السياسية وخاصة بعد وفاة جمال عبد الناصر، أصبحت السلطات المعنية ترى ضرورة قصوى في تعديل القانون لتقليص الفئات المستفيدة من الامتداد القانوني، وتحقيق نوع من التوازن والعدالة بين المالك والمستأجر، وترصد «فيتو» أهم التعديلات كالتالي:
تقييد تدريجي للامتداد العائلي في عقود الإيجار القديم
هدفت تعديلات قانون الإيجار القديم لقصر الامتداد على الأقارب من الدرجة الأولى فقط، مثل الأبناء والزوجة، مع تحديد فترات إقامة معينة مع المستأجر الأصلي للاستفادة من الامتداد.
إلغاء امتداد الإيجار للأشخاص الاعتبارية
في عام 2018، أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكمًا يقضي بعدم دستورية امتداد عقود الإيجار للأشخاص الاعتبارية (مثل الشركات) في غير الأغراض السكنية، مما سمح بإنهاء العقد عند انتهاء مدته المتفق عليها.
زيادة القيم الإيجارية تدريجيًا في العقود القديمة
كانت الزيادة في الإيجار محدودة، ولكن مع التعديلات الأخيرة، بدأ البرلمان يناقش قوانين تسمح بزيادة تدريجية في الإيجارات القديمة بحيث تتماشى مع التضخم وارتفاع تكلفة المعيشة وفي بعض الحالات، وتمت الموافقة على زيادات بنسبة ثابتة كل عدة سنوات للمساهمة في تحسين أوضاع الملاك.
دور المحكمة الدستورية في توازن الحقوق بين المالك والمستأجر
لعبت المحكمة الدستورية دورًا هامًا في إعادة النظر بالقانون القديم، حيث أصدرت أحكامًا متتالية تحدد الفئات المستحقة للامتداد وتقنن شروطه بما يتماشى مع الدستور.
جهود الحكومة والبرلمان في تحديث قانون الإيجار القديم
هناك محاولات جادة لكل من الحكومة والبرلمان في تحديث قانون الإيجار القديم لمواكبة التغيرات الاقتصادية وتخفيف آثار التشوهات في سوق العقارات، حيث يتم النظر في مقترحات عديدة، منها تسهيل الإخلاء في حال وجود تعديات أو مخالفات من المستأجر.
ومن المتوقع أن تستمر النقاشات والتعديلات للوصول إلى حلول عادلة تعالج التحديات الاقتصادية والاجتماعية بشكل متوازن.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية