تُزين قبر الشعراوي، تفسير آيات سورة الأنبياء التي أوصى حسن يوسف بكتابتها على مدفنه
بعد وفاة الفنان حسن يوسف، دار الحديث حول وصيته بشأن كتابة بعض آيات القرآن الكريم على قبره، متمنيا أن تكون تلك الآيات هي ذاتها المكتوبة على قبر الشيخ الشعراوي.
كما أوضح الفنان الراحل، أن تلك الآيات هي من سورة الأنبياء من الآية 101 حتى 103، وفي التقرير التالي نستعرض تلك الآيات وتفسيرها من خلال خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي.
سورة الأنبياء الآيات (101-103)
قال تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ (102) لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (103)».
تفسير الشيخ الشعراوي لبعض آيات سورة الأنبياء
قال الشيخ محمد متولي الشعراوي: بعد أن ذكر سبحانه جزاء الكافرين في النار ذكر المقابل، وذِكْر المقابل يوضح المعنى، اقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الأبرار لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الفجار لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 13- 14]، ويقول: {فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلًا وَلْيَبْكُواْ كَثِيرًا..} [التوبة: 82] لذلك تظل المقارنة حيَّة في الذِّهْن، ومعنى: {سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى..} [الأنبياء: 101] الحُسْنى: مؤنث الأحسن، تقول: هذا حَسَن، وهذه حسنة، فإنْ أردتَ المبالغة تقول: هذا أحسن، وهذه حُسْنى. مثل: أكبر وكُبْرى. ومعنى: {سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الحسنى..} [الأنبياء: 101] أنهم من أهل الطاعة، ومن أهل الجنة، فهكذا حُكْم الله لهم، وقد أخذ الله تعالى جزءًا من خَلْقه وقال: (هؤلاء للجنة ولا أبالي، وهؤلاء للنار ولا أبالي)، ولا تقُلْ: ما ذنب هؤلاء؟ لأنه سبحانه حكم بسابق عِلْمه بطاعة هؤلاء، ومعصية هؤلاء، وقوله: {أولئك عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] أي: مبعدون عن النار.
صوت النار
وأكمل الشيخ الشعراوي: حسيس النار: أزيزها، وما ينبعث منها من أصوات أول ما تشتعل {وَهُمْ فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ} [الأنبياء: 102] فلم يقُلْ مثلًا: وهم بما اشتهتْ أنفسهم، إنما {فِي مَا اشتهت أَنفُسُهُمْ..} [الأنبياء: 102] كأنهم غارقون في النعيم ممَّا اشتهتْ أنفسهم، كأن شهوات أنفسهم ظرف يحتويهم ويشملهم، وهذا يُشوِّق أهل الخير والصلاح للجنة ونعيمها، حتى نعمل لها، ونُعِد العُدَّة لهذا النعيم، وسبق أن قلنا: إن الإنسان يتعب في أول حياته، ويتعلم صنعة، أو يأخذ شهادة لينتفع بها فيما بعد ويرتاح في مستقبل حياته، وعلى قَدْر تعبك ومجهودك تكون راحتك، فكل ثمرة لابد لها من حَرْث ومجهود.
والله عز وجل لا يُضيع أجرَ مَنْ أحسن عملًا، وكنا نرى بعض الفلاحين يقضي يومه في حقله، مهملَ الثياب، رثَّ الهيئة، لا يشغله إلا العمل في زرعه، وآخر تراه مُهنْدمًا نظيفًا يجلس على المقهى سعيدًا بهذه الراحة، وربما يتندر على صاحبه الذي يُشقِى نفسه في العمل، حتى إذا ما جاء وقت الحصاد وجد العامل ثمرة تعبه، ولم يجد الكسول غير الحسرة والندم، إذن: ربك- عز وجل- أعطاك الطاقة والجوارح، ويريد منك الحركة، وفي الحركة بركة، فلو أن الفلاح جلس يُقلِّب في أرضه ويُثير تربتها دون أنْ يزرعها لَعوَّضه الله وأثمر تعبه، ولو أن يجد شيئًا في الأرض ينتفع به مثل خاتم ذهب أو غيره.
راحة الإنسان على قدر مشقته
وتابع الشعراوي: وترف الإنسان وراحته بحسب تَعبه في بداية حياته، فالذي يتعب ويعرق مثلًا عَشْر سنين يرتاح طوال عمره، فإنْ تعب عشرين سنة يرتاح ويرتاح أولاده من بعده، وإنْ تعِب ثلاثين سنة يرتاح أحفاده وهكذا، وترَف المتعلم يكون بحسب شهادته: فهذا شهادة متوسطة، وهذا عُلْيا، وهذا أخذ الدكتوراه، ليكون له مركز ومكانة في مجتمعه، لكن مهما أعدَّ الإنسان لنفسه من نعيم الحياة وترفها فإنه نعيم بقّدْر إمكانياته وطاقاته.
لذلك ذكرنا أننا حين سافرنا إلى سان فرانسيسكو رأينا أحد الفنادق الفخمة وقالوا: إن الملك فيصل- رحمه الله- كان ينزل فيه، فأردنا أنْ نتجوّل فيه، وفعلًا أخذنا بما فيه مظاهر الترف والأُبهة وروعة الهندسة، وكان معي ناس من عِلْية القوم فقلتُ لهم: هذا ما أعدّه العباد للعباد، فما بالكم بما أعدَّه رب العباد للعباد؟، فإذا ما رأيتَ أهل النعيم والترف في الدنيا فلا تحقد عليهم؛ لأن نعيمهم يُذكِّرك ويُشوِّقك لنعيم الآخرة، ذلك لأنهم في نعيم دائم لا ينقطع، وعطاء غير مجذوذ، لا يفوتك بالفقر ولا تفوته بالموت؛ لذلك: {لاَ يَحْزُنُهُمُ الفزع الأكبر..} [الأنبياء: 103] وأيُّ فزع مع هذه النعمة الباقية؟ أو: لا يحزنهم فزع القيامة وأهوالها، وقوله: {وَتَتَلَقَّاهُمُ الملائكة هذا يَوْمُكُمُ الذي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103] فقد صَدَقكم الله وَعْده، وأنجزَ لكم ما وعدكم به من نعيم الآخرة.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية