حرب التلاسن، لغز العلاقات الفاترة بين فرنسا والكيان الصهيوني.. هل بدأت انتفاضة باريس لإنقاذ بيروت المنهارة؟.. ماكرون يدين سقوط آلاف الضحايا المدنيين بغزة.. ونتنياهو يتهمه بمعاداة السامية
تشهد العلاقات الفرنسية الإسرائيلية توترا متصاعدا، حيث تصدرت "حرب التلاسن" بين باريس وتل أبيب المشهد السياسي، وبرزت بشكل خاص تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التي تطالب بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان، فضلًا عن منع فرنسا لمشاركة شركات أسلحة إسرائيلية في معرض "يورونافال" في باريس الشهر المقبل.
هذه التوترات تثير التساؤلات حول ما إذا كانت باريس تحاول التدخل لإنقاذ لبنان الغارق في أزمة خانقة، مما يشير إلى أن توتر العلاقات مع إسرائيل بات يحمل أبعادا تتجاوز إطار الخلافات التقليدية إلى أبعاد استراتيجية.
معرض الأسلحة.. من هنا بدأت الأزمة تطفو على السطح
قرار ماكرون بمنع الشركات الإسرائيلية من المشاركة في معرض الأسلحة يعزى، وفق المراقبين، إلى تفاقم القصف الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أدى إلى سقوط آلاف الضحايا المدنيين، واندلاع أزمة إنسانية حادة، حيث شجب الرئيس الفرنسي استخدام الأسلحة الهجومية ضد المدنيين وطالب بوقف العدوان فورًا.
في هذا السياق، استدعى ماكرون مرجعية تاريخية خلال اجتماع حكومته، حيث صرّح أن "إسرائيل أنشئت بقرار من الأمم المتحدة"، في إشارة إلى قرار تقسيم فلسطين عام 1947، مما اعتبره البعض تلميحا ضمنيا على ضرورة احترام إسرائيل للقوانين الدولية.
لكن رد إسرائيل جاء سريعا على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، الذي اعتبر أن إسرائيل لم تنشأ بقرار أممي بل بفضل "النصر العسكري ودماء مقاتليها" في عام 1948، مع انتقاد شديد لماكرون واتهامه بمعاداة السامية.
مع تصاعد الخلافات، أعاد ماكرون التأكيد على دعم فرنسا الدائم لأمن إسرائيل ووجودها، نافيًا اتهامه بمعاداة اليهود.
إنشاء مفاعل ديمونة النووي
ويدل تذبذب الموقف الفرنسي هذا على أن العلاقة بين فرنسا وإسرائيل تتسم بتداخل معقد من المصالح والتوترات المتأصلة، ففرنسا لعبت دورًا كبيرًا في دعم إسرائيل عسكريًا واستراتيجيًا منذ نشأتها، حيث قدمت الدعم العسكري والتقني اللازم وشاركت في إنشاء مفاعل ديمونة النووي الذي أطلق سباق تسلح في المنطقة. وخلال الخمسينيات.
كانت فرنسا شريكا استراتيجيا، حيث زودت إسرائيل بأحدث الأسلحة، وتعاونت معها عسكريًا خلال العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، مما جعل تلك الحقبة بمثابة "العصر الذهبي" في تاريخ العلاقات بين البلدين.
لكن مجيء الرئيس الفرنسي شارل ديغول إلى السلطة عام 1958 مثل نقطة تحول، حيث حاول رسم سياسة أكثر استقلالًا عن الولايات المتحدة، فكان أول من حاول وقف التمدد العسكري لإسرائيل عبر تحذيرها من شن الحرب على الدول العربية في حرب الأيام الستة عام 1967، ملوحًا بمسؤوليتها الكاملة عن أي كارثة تنتج عن هذا الهجوم.
وعقب تجاهل إسرائيل لنصائح ديغول وشنها الحرب، أدان ديغول الاحتلال الإسرائيلي وحظر بيع الأسلحة لتل أبيب.
وقد جرت هذه المواقف على ديغول اتهامات بمعاداة السامية، ومع ذلك استمرت السياسة الفرنسية في الحفاظ على نوع من التوازن بين علاقاتها مع إسرائيل ودعمها للقضايا العربية، حيث كانت باريس أول من استضاف مكتبًا لمنظمة التحرير الفلسطينية في أوروبا، كما دعمت حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
انضمام فلسطين لليونسكو واعتبارها عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة،
في التسعينيات، حاول الرئيس فرانسوا ميتران تحسين العلاقات بزيارة لإسرائيل، إلا أنه لم يتوان عن دعم حل الدولتين كسياسة ثابتة لفرنسا تجاه النزاع العربي الإسرائيلي. وقد استمرت فرنسا في دعم حل الدولتين على مر العقود، لكنها لم تتردد في انتقاد إسرائيل بشكل دوري، خاصة بعد تصاعد العنف ضد الفلسطينيين، كما في الانتفاضة الأولى والثانية.
وجاءت خطوة هامة أخرى من فرنسا حين صوتت في عام 2011 لصالح انضمام فلسطين لليونسكو واعتبارها عضوًا مراقبًا في الأمم المتحدة، مما أثار استياء إسرائيل واعتبرته تعاطفًا مع الفلسطينيين.
تفاقم التوتر الفرنسي الإسرائيلي مؤخرًا مع تصاعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، حيث يتمتع لبنان بمكانة خاصة لدى فرنسا، ما قد يفسر تصريحات ماكرون الحادة التي وصف فيها العدوان على لبنان بأنه تهديد غير مقبول.
عملية طوفان الأقصى
وفي أعقاب "عملية طوفان الأقصى" التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر 2023، زادت حدة المواقف الفرنسية، ما اعتبرته إسرائيل تذبذبًا في الموقف الفرنسي، خصوصًا مع استمرار ماكرون في التشديد على ضرورة وقف الاعتداءات.
رغم ما يبدو من صداقة فرنسية إسرائيلية تستند إلى شراكات تقنية وعسكرية، فإن العلاقة بين البلدين تختلف عن التحالف الإسرائيلي مع دول غربية أخرى، حيث يحتفظ المسؤولون الفرنسيون بانتقادات تتعلق بالقضية الفلسطينية قد تصل إلى حد الاتهام بمعاداة السامية من قبل إسرائيل.
ويرى بعض المحللين أن فرنسا، رغم التزامها الثابت بأمن إسرائيل، تحاول أحيانا اتخاذ مواقف متوازنة بشأن القضية الفلسطينية، تعبيرا عن تضامنها التاريخي مع العالم العربي، وهو ما يعكسه الحرص الفرنسي الدائم على طرح حلول سلمية للصراع.
التوتر الفرنسي الإسرائيلي الحالي لا ينفصل عن تداعيات التحولات الإقليمية، خصوصا الأزمات الإنسانية في غزة ولبنان، مما قد يشير إلى أن فرنسا تسعى إلى إبراز دورها كوسيط دولي يوازن بين ضمان أمن إسرائيل ودعم الحلول السلمية، وهو مسار معقد ظلت تتبعه فرنسا منذ عقود، مدفوعة بمصالحها ورغبتها في الحفاظ على صورة "الوسيط النزيه" في الشرق الأوسط.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.