حديث مدبولى عن اقتصاد الحرب يثير عاصفة.. نواب: الظروف المحيطة تفرض إجراءات استثنائية.. وتصريحات رئيس الوزراء تصنع أزمات بدون داع

حديث مثير للقلق والتكنهات والجدل.. هكذا كان تصريح رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولى حول إمكانية لجوء مصر إلى فرض اقتصاد الحرب لمواجهة التداعيات القاسية لتصاعد الصراع العسكرى فى الشرق الأوسط منذ اندلاع العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة. الخلاف اشتعل بين مؤيد ومعارض لما صدر عن مدبولى فهناك من يرى أن مصر ليست طرفا فى الحرب وبالتالى فإن حديث مدبولى كارثى ويهدد مناخ الاستثمار وما كان ينبغى أن يصدر عن رئيس الحكومة فى وقت يعانى فيه الاقتصاد المصرى من أزمات عدة فضلا عن فاتورة الديون المرتفعة وأيضا فى وقت تسعى فيه الدولة لإبرام اتفاقيات وصفقات استثمارية ضخمة تنتشل الاقتصاد من كبوته ونزيفه المستمر.
وأكدوا أن المواطنين هم من سيتحملون فاتورة هذه الإجراءات حال تطبيقها وأنهم سيكونون مرغمين أكثر على ربط الأحزمة لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الجديدة. غير أن آخرين اعتبروا أن كلام مدبولى يعبر عن إحساس بالمسئولية وينم عن إدراكه للأزمة، مؤكدين أنه كان يقصد فرض إجراءات تقشفية وليس اقتصاد الحرب بمعناه الحرفى خاصة أن مصر ليست طرفا فى الحرب. «فيتو» حاورت عددا من المفكرين وخبراء الاقتصاد والنواب حول حديث مدبولى وإمكانية فرض اقتصاد الحرب فى مصر فى ظل الظروف الحالية وارتفاع الأسعار وشعور الملايين من المواطنين بحجم الأزمة الاقتصادية؛ حيث تحدثوا عن رؤاهم ومطالبهم فى سياق هذا الملف:
أثار حديث الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، فى المؤتمر الصحفى الأسبوعي، بشأن اقتصاد الحرب ردود فعل متباينة، لاسيما فى ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التى تمر بها البلاد، على خلفية ما تشهده دول المنطقة من اضطرابات لها تأثيرات كبيرة.
ففى الوقت الذى يرى فيه البعض أنها مجرد إجراءات استثنائية فى ظل ما تعانيه المنطقة من اضطرابات سياسية، حذر طرف آخر من التداعيات السلبية لهذا الحديث، لاسيما وأنه جاء أثناء الإعلان عن حزمة من الإجراءات التى تستهدف زيادة الاستثمارات، من خلال حزمة تسهيلات.
كما تضمنت التحذيرات المخاوف من استغلال البعض لتلك التصريحات فى السعى نحو تخزين بعض السلع، وهو الأمر الذى ينذر بزيادة الأسعار بصورة كبيرة، لاسيما فى ظل غياب واضح للرقابة على الأسواق.
وفى هذا الصدد أكد النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن اقتصاد الحرب عبارة عن إجراءات ترشيدية تستهدف منها الدولة وضع رؤية شاملة لاستغلال موارد الدولة المتاحة حال وجود حرب إقليمية تؤثر على اقتصادها القومي.
ونفى عضو مجلس النواب، أن يشترط لتنفيذ اقتصاد الحرب أن تكون الدولة طرفا مباشرا فى الحرب أو أحد أطراف النزاع، بينما قد تدفع التأثيرات المحيطة لذلك.
وأكد النائب، أن مصر لديها الاحتياطات الاستراتيجية الكافية فى الوقت الحالي، الأمر الذى يؤكد القدرة على التعامل مع كافة سيناريوهات اقتصاديات الحرب، لافتا إلى أنه وفقا للتصريحات الحكومية هناك مخزون من السلع التموينية والإمداد والاحتياطى النقدى الأجنبى وغيرها، وهو الأمر الذى يمثل طمأنة فى هذا الشأن.
واتفقت معه النائبة مرفت ألكسان مطر، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، مؤكدة أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء الأسبوع الماضى بشأن اقتصاد الحرب، إشارة واضحة بأن مصر مستعدة للتعامل مع أى سيناريوهات فى الفترة المقبلة.
وأشارت عضو مجلس النواب، إلى أن الأوضاع فى مصر آمنة ومستقرة، إلا أن ما يشهده محيطنا الإقليمى يتطلب اتخاذ كافة الإجراءات الاستباقية اللازمة للتعامل مع أى أزمة قد تطرأ ويكون لها أى تأثيرات سلبية على الاقتصاد الوطني.
وأوضحت النائبة، أن اقتصاد الحرب إجراء استثنائي، لاتخاذ كافة الضوابط اللازمة لتوفير الاحتياجات اللازمة وقت الأزمة، لاسيما فيما يتعلق بالسلع التموينية والمواد البترولية وغيرهما.
وأكدت عضو مجلس النواب، أن هناك جهودا كبيرة من الحكومة لأجل توفير كافة الاحتياطات الاستراتيجية من السلع، فى إطار الاستعداد لأى إشكاليات تحدث مستقبلا، لاسيما فى ظل ما تمر به المنطقة الفترة الأخيرة وخصوصا فى بعض الدول المحيطة من توترات.
فيما اعترض النائب عبد المنعم إمام، أمين سر لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، رئيس حزب العدل، على ما أعلنه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بشأن اقتصاد الحرب.
ووصف النائب تصريح رئيس الحكومة، قائلا: “تصريح خاطئ وغير موفق على الإطلاق”، متسائلا: كيف يمكن الحديث فى هذا الشأن فى الوقت الذى يتم فيه الإعلان عن حزمة تيسيرات وإجراءات لجذب مزيد من الاستثمارات؟.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن تصريحات رئيس مجلس الوزراء، قد يكون لها انعكاسات سلبية كبيرة على استقبال الاستثمارات فى هذه الفترة، حيث إنها إشارة إلى أن هناك أوضاعا غير مستقرة.
وقال النائب: اقتصاد الحرب يكون عند وقوع الحرب فعليا، مشيرا إلى أن الحديث بأن اقتصاد الحرب يكون حتى وإن كانت فى الدول المحيطة لا يتعلق فقط إلا فى الطاقة أو سلاسل الإمداد، محذرًا من تداعيات تصريحات رئيس مجلس الوزراء قائلا: “تصريحات تؤدى لأزمات بدون داع”.
وأوضح النائب أن حديث رئيس الوزراء بشأن اقتصاد الحرب قد يؤدى لإشكاليات كبيرة، سواء بدفع البعض لاستغلال الأزمة فى البحث عن تخزين السلع الأساسية، وهو الأمر الذى يؤدى إلى زيادة كبيرة فى أسعارها.