زغلول صيام يكتب: عندما هجرت الجماهير ملاعب كرة القدم.. طبيعي أن تنصرف عن الإعلام الرياضي الهش! وتقولي ما بتظهرش في برامجهم ليه؟!
كتبت الأسبوع الماضي عن ظاهرة عدم إقبال جماهير كرة القدم المصرية على متابعة مباريات الفرق الوطنية في كافة المنافسات القارية دون أن يتحرك أحد لمناقشة تلك الظاهرة أو البحث عن أسبابها الحقيقية لتدارك الأمر. خاصة وأن الموضوع ليس مباراة كرة قدم بقدر ما له من أهداف أخرى من تعزيز الشعور بالمواطنة وشوية حاجات أخرى يعتبرها البعض شعارات وأرى أنها في منتهى الأهمية. وطبيعي عندما تهجر الجماهير الملاعب فلابد أن تنصرف عن الإعلام الرياضي الذي تحول إلى أداة هشة خالية من الدسم أو المضمون. إعلام ثبت أن نسب مشاهدته أصبحت قليلة جدًا. إعلام قد يجري وراء الترند والسوشيال ميديا دون أن تكون له أهداف واضحة.
إعلام "بص في ورقتك" وإعلام "مش هتلاقي الانفرادات إلا عندنا". إعلام اختار ضيوفه ممن يوافقون رؤيته ويدافعون عن أهدافه وكانت النتيجة كما نرى. بعد أن كان إعلامنا هو القبلة التي يأتي إليها من كل صوب وحدب، أصبحنا نتحدث عن معلقين عرب ومقدمين عرب. فعلا سبقونا. نعم سبقونا ليس لأننا لا نملك مواهب جديدة أو معين المواهب قد نضب، لا والله، ولكن لأن المجاملات سيطرت على كل شيء بداية من هذا الذي يقدم وذاك الذي يعلق والضيف الذي يحضر. ناهيك عن أن المحتوى الذي يقدم ليس فيه ما يغري أحد على متابعته. لا توجد بطولات جديدة أو شراء حقوق كما فعلت قنوات أفريقية حديثة العهد اشترت حقوق بث البطولات الأفريقية ونحن حولناها إلى "مكلمة" ليل ونهار، صباحًا ومساءً.
اختفى الإعلام الرياضي عندما تضاربت المصالح وأصبح مقدم البرامج عضو اتحاد ورئيس النادي. وطبيعي في ظل ذلك أن يدافع عن مصالحه ومصالح الهيئة التي يمثلها. الموضوع أكبر من أن تقصر الأمر على شوية كلام محللين وطريقة اللعب الفاسكونية، لأن هذا ليس هو الإعلام الرياضي.
والإعلام الرياضي ليس في كمية الإنفاق والبذخ واستضافة نجوم الكرة بملايين الجنيهات كما يحدث في قنوات أخونا إياه. ليست العبقرية في أنك تستضيف شيكابالا أو قفشة أو غيرهما، لأن الجميع يعلم أنها خدمة مدفوعة. ماذا استفادت الكرة من استضافة هذا أو ذاك؟! الجميع تحدث عن خواء الملاعب في مباريات المنتخب واكتفى بـ"مصمصمة الشفاه" دون أن يطرح حلولا منطقية وبرامج هادفة من أجل صناعة كرة قدم حقيقية. وطبيعي في ظل هذا الأمر لابد أن تتراجع نسب المشاهدة حتى لو كنت مستضيفا رونالدو وميسي.
عندما استضفنا ميسي من قبل عن طريق أحد المقدمين المصريين وجاء رونالدو إلى مصر، هل أثّر بشيء في الإعلام الرياضي؟ كلا وألف كلا. صناعة الإعلام والمنظومة الإعلامية أمر لا يحتاج إلى إمكانيات فقط بقدر ما هو يحتاج إلى عقول تدير تلك الإمكانات والاستفادة منها. وقد ضربنا من الأمثلة ما يوضح فكرتنا. ممكن ولي أمر يأتي لابنه بمدرسين على أعلى مستوى ويوفر كل الإمكانيات من مدرسة بآلاف الدولارات وفي النهاية يبقى كرم من ربنا لو دخل كلية آداب قسم فلسفة!
نعم، الإعلام الرياضي طرف أصيل في منظومة الرياضة ولكن من الواضح إصابته بالعدوى فتحول إلى جزء مريض وعليل كباقي الأجزاء ولله في خلقه شؤون. وتيجي في الآخر تقولي لماذا لا تذهب ضيفًا إلى تلك البرامج؟ الرد بعد الفاصل.