دروس الهزيمة والنصر في ذكرى حرب أكتوبر.. التلاحم الدائم بين الشعب والجيش.. التقييم العلمي للعدو.. بناء البلاد ورفع قدراتها مع الاستعداد القتالي في وقت واحد
مرت مصر بأزمة عاصفة بعد نكسة 1967، إذ تحولت أحلام تحرير فلسطين كاملة، وإلقاء إسرائيل في البحر، إلى كوابيس مدمرة، بعد ضرب القوات الجوية المصرية على الأرض، واحتلال أجزاء كبيرة من الأرض العربية وعلى رأسها سيناء، مما يعني تعقيد الموقف كاملا، لذا لم يكن نصر حرب أكتوبر عام 1973، وليد صدفة أو ضربة حظ بل نتاج عمل جبار وشاق استمر 6 سنوات، منها 3 أعوام قضاها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في إعادة تقييم الأوضاع كاملة ووضع كل شيء في مكانه الصحيح، واستخلاص الدروس والعبر.
تصحيح الخطأ، إعادة تقييم الوضع الأمني في مصر
بدأ عبد الناصر أولى خطواته على طريق التحرير بعد تجديد الثقة فيه من المصريين، ورفض رغبته في التنحي عن السلطة اعترافا بالمسئولية عن هزيمة 1967 بإعادة تقييم الوضع الأمني في البلاد والتخطيط للمستقبل.
فور الإحاطة الكاملة بالأوضاع على الأرض، بدأت خطة الاستعداد لحرب التحرير بإقامة اقتصاد حرب، مع تخصيص 50% من الموازنة العامة لإعادة بناء القوات المسلحة في البلاد، والدفع بالقيادات التي تؤمن بأهمية إعطاء الأولوية لاستخدام العلم والتكنولوجيا في الحرب إلى صدارة الصفوف.
حاول عبد الناصر ضخ روح النصر في أوردة المصريين لاستعادة الثقة المفقودة، ورفع شعار «يد تبني.. ويد تمسك السلاح»، وقد تم تجسيد هذا الشعار في بناء السد العالي بأسوان، ومصنع الألومنيوم في نجع حمادي، مع بدء الاعتماد على جزء كبير من الإنتاج المحلي خلال رحلة تزويد الجيش بالأسلحة اللازمة.
سياسيًا، رفعت مصر خلال القمة العربية الشهيرة في الخرطوم بالسودان والتي انعقدت على خلفية هزيمة اللاءات الثلاثة لا صلح.. لا اعتراف.. لا تفاوض مع العدو الصهيوني، قبل أن يعود الحق لأصحابه وذلك في حضور كل الدول العربية المؤتمر باستثناء سوريا، واستندت مصر على قرار الأمم المتحدة رقم 242، الذي أعلن عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب والحاجة إلى العمل من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
وفي الوقت نفسه، قبل الرئيس ناصر الوساطة الروسية في تحجيم التوتر المصري الإسرائيلي المستمر بموجب شرطين، ألا يكون هناك تفاوض مع إسرائيل طالما أنها تحتل أراضٍ مصرية، وألا يتم التخلي عن أي من الأراضي العربية المحتلة.
في المقابل رفضت إسرائيل مدفوع بمكاسبها على الأرض شروط عبد الناصر، بعد أن وفرت لها ضرباتها العسكرية احتلال ما يكفي من الأرض العربية لتكون بمثابة منطقة عازلة، كما عززت اقتصادها بموارد الأراضي التي احتلتها، واعلنت نظريتها للأمن، المبني على قوة الردع من خلال خوض حرب سريعة، وتجنب القتال على جبهات متعددة في آن واحد، وضمان تدفق المساعدات الأميركية بشكل مستمر.
محاور خطة عبد الناصر لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي
شكل وجود القوات الإسرائيلية على الجانب الآخر من قناة السويس تحديًا حقيقيًا للعسكرية المصرية، إذ كان ساترا متقدما يحجب عن المصريين مراقبة قوات الدفاع الإسرائيلية وتحركاتها في سيناء، لذا أعدت مصر أركان خطتها على 5 أركان، المقاومة العسكرية، والدبلوماسية السياسية، والتدريب المستمر وإعادة التنظيم، والوحدة بين الجيش والشعب، والتضامن والدعم العربي.
ودبر عبد الناصر حرب استنزاف نجح خلالها في رفع الروح المعنوية للجنود والشعب المصري إلى عنان السماء واستعادة الثقة المفقودة، وكانت أشهر المواجهات الناجحة للمصريين معركة رأس العش في يوليو 1967، والثانية معارك المدفعية والجوية يومي 14 و15 يوليو 1967، وإغراق المدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967.
وبدأت الجهود في إعادة تنظيم الجيش المصري في عام 1968، خلال نفس الوقت الذي كانت إسرائيل تعمل فيه على تعزيز خط بارليف، وهو عبارة عن سلسلة من التحصينات على طول الجانب المحتل من قناة السويس، كما قامت ببناء دفاعات مماثلة أخرى بالإضافة إلى إقامة بنية تحية قوية تخدمها حال شن مصر أي هجوم عليها، وهذه التحصينات غير المسبوقة دفعت القيادات التاريخية للجيش الإسرائيلي مثل موشيه ديان وديفيد إليعازر للإعلان قبل يوم واحد فقط من حرب أكتوبر عام 1973 للتحذير من أي محاولة لاقتحام قناة السويس لأنها ستتحول على الفور إلى اللون الأحمر بدماء المصريين.
وصمم قادة الجيش المصري استراتيجية خداع، شملت أنشطة عملياتية وهمية وتقارير إعلامية مضللة ومناقشات دبلوماسية، وكانت لها الفضل الأكبر في استغلال هذا الإرباك في تجهيز الجيش وتدريبه، لدرجة أن العدو الإسرائيلي صدق الشائعات التي أطلقها المصريون عن تسريح 20 ألف جندي قبل 48 ساعة فقط من حرب أكتوبر 1973.
حصاد التخطيط والتدريب الاحترافي طوال 6 سنوات
توفى عبد الناصر في سبتمبر عام 1970، واستكمل الرئيس الراحل أنور السادات المسيرة بنفس الأدوات والأركان لتنجح مصر بشكل ساحق في 6 أكتوبر عام 1973 وأدركت إسرائيل من خلال فاتورة ثقيلة دفعتها مدى القوة المصرية، وطلبت المساعدة من الولايات المتحدة، وأعلنت أنها تقبل بنتائج المفاوضات بين وزير الخارجية الأميركي هنري كيسنجر والرئيس أنور السادات، وقبلت الانسحاب من منطقة سيناء بالكامل.
دروس الهزيمة والنصر في ذكرى أكتوبر
وبعد انتهاء الحرب، استفاد المصريين من دروس الهزيمة والنصر، على رأسها حتمية توافق وانسجام القيادتين العسكرية والسياسية، وأهمية الدعم الوطني والتلاحم بين الجيش والشعب، كما أظهرت هذه الدروس أهمية التقييم العلمي للعدو والتخطيط العسكري، والتعاون الإقليمي بين الدول العربية، وهو ما تجلى بوضوح في الدور العسكري الإيجابي لسوريا، والدعم الاقتصادي القوي من دول الخليج.
على الأرض، استفاد الاقتصاد المصري مرة أخرى من موارد قناة السويس التي أعيد فتحها بعد ذلك، كما ارتفعت قيمة النفط العربي كأداة اقتصادية قيمة، وأدت الحرب إلى اعتراف إسرائيل مرغمة أنها ليست قوة لا تقهر وأن خصومها لاسيما ـ مصر ـ قادرون على إلحاق الأذى بها، كما أدركت إسرائيل أنها لن تبقى ثانية واحدة بدون الاعتماد على الدعم الأميركي للبقاء اقتصاديًا وعسكريًا.
ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.