رئيس التحرير
عصام كامل

المحاولات الفاشلة لإسرائيل لتجاوز جحيم 7 أكتوبر.. تجديد نظرية الردع الصهيونية.. ضرب محور المقاومة بكل وحشية واستهداف رؤوسه وقياداته.. ورفض إقامة الدولة الفلسطينية

نتنياهو وسموتريتش،
نتنياهو وسموتريتش، فيتو

قبل ساعات، ظهر وزير خارجية دولة الاحتلال يسرائيل كاتس، رافضا كل مقترحات التسوية مع حزب الله اللبناني ووقف إطلاق النار، بعد أن حصل الرجل وحكومته على نشوة مفرطة باغتيال القوى الضاربة في الحزب، وعلى رأسهم حسن نصر الله، الزعيم التاريخي لمقاومة الجنوب اللبناني، وأحد أساطيرها، وأصبح الطريق الوحيد لإنهاء الحرب الآن ليس فقط إبعاد حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وانما امتدت قائمة المطالب أو بمعنى أدق الإملاءات، إلى «نزع سلاحه».

 

 السؤال الذي يطرح نفسه: كيف تجاوزت إسرائيل الأزمة الكارثية التي تعرضت لها في 7 أكتوبر من العام الماضي، وكذلك حالة الرعب التي سيطرت على الحكومة اليمينية المتطرفة والمؤسسة العسكرية بعد الاختراق غير المسبوق من المقاومة الفلسطينية، ثم محاصرتها من كل الجبهات عبر ما يعرف بمحور المقاومة؟. 

 

ماذا حدث في 7 أكتوبر 2023؟

 

هجوم ساحق من المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، حمل الكثير من التعقيد والمفاجأة والنجاح في نهاية المطاف، وصدم إسرائيل وضرب عقيدتها الأمنية في مقتل، بعد أن اجتاحت عناصر المقاومة الحاجز الإسرائيلي عند غزة،  كجزء من هجوم مفاجئ على إسرائيل عرف باسم عملية طوفان الأقصى.

 

وسط حالة من الارتباك غير المسبوق، فاقت إسرائيل على خسائر كارثية للهجوم، بمقتل 1200 شخص، منهم من قتل بنيران خاطئة للجيش الإسرائيلي، نتيجة الهجوم الاستباقي الخاطف الذي وضعهم في معادلة دفاعية لم يعتادوها  فر  على إثرها سكان المستوطنات المحاذية لقطاع غزة، بخلاف التدمير غير المسبوق للمنازل والممتلكات والمؤسسات الأمنية التي تعمل في هذه المناطق، بجانب الأسرى الذين استطاعت القوات المهاجمة سحبهم إلى غزة خلال عملية الإخلاء. 

 

تعقيد من كل الجبهات، ما بعد طوفان الأقصى 

 

تعرضت إسرائيل لأول مرة إلى خيارات مؤلمة، حرب مشتعلة مع غزة ويجب الرد عليها، ولكن ستصبح هناك مواجهة بالتبعية مع حزب الله على الجبهة الشمالية لإسرائيل، وهذا يعني مضايقة السفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، فضلا عن بقية أطراف ما يعرف بمحور المقاومة الذي يمكنه مهاجمة إسرائيل من كل جانب. 

 

حسب دراسة مطولة لمركز كارينجي للسلام، برزت أولويتان للحكومة الإسرائيلية الحالية، أنذاك، البحث عن طريقة قابلة للتطبيق لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى حماس، ثم هزيمة الحركة بشكل مدو وانهاء حكمها في غزة.

 

وبعد ذلك برزت الأولوية الثالثة التي تتلخص في التوصل إلى ترتيب أمني مماثل للجبهة الشمالية لإسرائيل مع لبنان «دون مواجهة عسكرية» مع حزب الله لاستعادة ثقة السكان الإسرائيليين الذين يعيشون بجوار هذه الحدود. 

 

اليمين المتطرف وراء إشعال نار الانتقام من محور المقاومة  

 

لكن أطرافا عديدة داخل المؤسسة الأمنية والحكومة التي تسيطر عليها قوى اليمين المتطرف، رأت أن هجوم حماس سيبقى للأجيال يكشف ضعف إسرائيل أمام كيان عسكري ومدني من الدرجة الثانية.

 

 الأخطر من ذلك أن الهجوم كشف عن إقامة شبكة تهديدات واسعة تشكل خطرا غير مسبوق على مستقبل إسرائيل، إذا لم يتم التصدى بقوة صارمة لما يعرف باسم محور المقاومة الذي تضاعفت قوته بدرجة خطيرة، وإذا ما وضع ذلك أمام طموحات إيران النووية، لن يكون هناك أي وجود يذكر للدولة العبرية في المستقبل القريب. 

 

استغرقت إسرائيل وفقا لدراسة كارينجي 4 أشهر تضرب حماس وتوجعها بشدة، دون أن تتورط في الوقت نفسه في مواجهة مع حزب الله وباقي حركات المقاومة، إذ كانت تراجع النظرية الأمنية الإسرائيلية، وعقيدتها العسكرية والدفاعية التقليدية وسياستها الأمنية، وتتأكد من مدى قدرة الردع العسكري الإسرائيلي على ضرب جميع الجبهات دون تلقى ضربات انتقامية مؤلمة. 

 

واعترفت الجهات المعنية بصنع القرار داخل إسرائيل بالفشل الذريع لأجهزة الاستخبارات أمام قوة من الدرجة الثانية مثل حماس، مما شكل لها عقدة خوف من قدرته على القيام بمهامه في التحذير بالوقت المناسب من التهديدات الوشيكة، إذا ما شن هجوم وحشي ضد إسرائيل، حال ردت بطريقة مناسبة لاستعادة كبريائها الذي سحق في هجوم السابع من أكتوبر. 

 

كما تخوف صناع القرار من قدرات محور المقاومة، سواء حزب الله وهو أكبر وأخطر بكثير من حماس، والحوثيين وغيرهم من وكلاء المقاومة في جميع أنحاء المنطقة، ومنهم من هاجم بشكل متكرر إسرائيل والقواعد الأمريكية والأفراد الأمريكيين في الأردن والعراق وسوريا، واستهدفوا السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، ومع ذلك كانت أمريكا ترد بحذر خوفا من الوقوع في مستنقع لا خروج منه. 

 

رد إسرائيل على طوفان الأقصى 

 

قرر الجيش الإسرائيلي إلحاق خسائر فادحة غير مسبوقة في غزة، وتدمير البنية التحتية العسكرية لحماس في معظم أنحاء القطاع، وحتى يحدث ذلك أطلق الجيش العنان لغضبه العسكري بالاستعانة بالسلاح والدعم الاستخباري الأمريكي.

 

ورغم قوة الضربات، لكن حماس لم تنته بعد أربعة أشهر، واستمرت تقاتل بقوة فوق الأرض وتحتها وتحتفظ بقدرتها المتبقية على القتال، ولم تفلح الضربات الإسرائيلية في الوصول إلى 130 رهينة في الأنفاق الحمساوية، مع تكبيد جيش الاحتلال خسائر غير مسبوقة من خلال استدراجه إلى حرب مدن مدمرة.

 

طوال الأشهر الأولى حافظ الجيش الإسرائيلي على عدم الاحتكاك بحزب الله، حتى لا يدخل الحرب، إذ كان يعلم جيدا حجم التعقيدات التي ستواجهه حال أشعل حرب على جميع الجبهات، في ظل انشغال أمريكا أيضا بتحديات غير مسبوقة في أوكرانيا، والبحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر، والخليج العربي، ومنطقة المحيط الهادئ، وربما في شبه الجزيرة الكورية بشكل مثير للقلق.

 

لكن تطورات الأحداث ودموية الضربات الإسرائيلية جرت حزب الله وباقي فرق المقاومة إلى الحرب بسبب الضربات المستمرة لحماس، والتدمير الواسع القطاع، وبدا أن المواجهة المحسوبة بين الطرفين لن تطول، وهنا  لجأت إسرائيل إلى المواجهة المفتوحة واستهدف الجميع بالصواريخ البالستية وصواريخ كروز التي أحدثت ضررا غير مسبوق في البنية التحتية لحماس، وكذلك حزب الله ونفس الأمر بالنسبة للحوثيين. 

 

وحققت إسرائيل نجاحات ربما لم تتوقعها، خاصة بعد استفاقة أجهزة الاستخبارات، التي استطاعت اختراق حصون حزب الله، ومدت الجيش بمعلومات ضربت من خلالها قادة الحزب حتى الدرجة الثالثة.

 

وكانت الضربة القاتلة في نجاح استهداف رأس الحزب حسن نصر الله في عملية معقدة، أعادت إسرائيل إلى وضع أفضل مما كانت عليه قبل الحرب، سواء في معنويات الجيش أو قدراته على الأرض، كما أعادت الثقة للعمل الاستخباري وظهرت من جديد فارق القدرات، بينما ضعفت في المقابل قوى المقاومة بدرجة غير مسبوقة. 

 

واستفادت إسرائيل بشدة من الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي الأميركي غير المسبوق، في ضرب محور المقاومة على جميع الجبهات، كما استطاعت تحييد إيران بتنفيذ ضربات مؤلمة وصلت حد اغتيال اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي السابق بالقرب من القصر الحاكم في الجمهورية الإسلامية، كما نفذت عمليات اغتيال واسعة لعدد من قادة إيران العسكريين، وفي قلب مواقع دبلوماسية يحميها القانون الدولي. 

 

وفقا لـ عمرو فاورق، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، فإن إسرائيل والولايات المتحدة يتبعان سياسة “تقليم الأظافر الإيرانية في الشرق الأوسط”، من خلال استهداف قيادات الصف الأول والثاني داخل حركات المقاومة، والتي بدأت بحركة حماس، وحزب الله.

 

ويرى فاروق أن إسرائيل ستستكمل مشروعها وفق ما يعرف باستراتيجية “قطع  الرؤوس”، باستهداف قيادات  المقاومة في العراق وسوريا، وقيادات جماعة الحوثي في اليمن، تمهيدا لتغييرات سياسية كبيرة على المستوى الإقليمي.

 

خطة تحييد المجتمع الدولي 

 

مع نجاح الضربات الإسرائيلية لقادة محور المقاومة المصنف على لائحة الإرهاب في أغلب دول الغرب، عرفت إسرائيل كيف تحيد المجتمع الدولي بحماية أمريكية، ووفق هذه النظرية غض الغرب الطرف عن  التعريض بحياة المدنيين وتعريضهم لشبح حرب إبادة متكاملة الأركان. 

 

كما حققت الضربات القاسية لقوى المقاومة نوعا من الاستقرار داخل الائتلاف الحكومي الذي يهيمن عليه اليمين المتطرف بقيادة رئيس حكومة يحلم باللحظات الصعبة التي سيترك فيها السلطة، ويمثل أمام القضاء في تهم فساد، يضاف إليها الكارثة التي حلت عليه بهجوم السابع من أكتوبر والفشل الذريع في مواجهته، لكن الحال تغير وأصبحت استطلاعات الرأي تميل إلى صالحه، بعد الخسائر الشديدة التي لحقت بحزب الله تحديدا. 

 

وتعتمد حكومة نتنياهو الآن على نظرية الردع الجديدة، ضربات عسكرية جراحية ووقائية مستمرة على الجبهة اللبنانية، ونفس الأمر على مستوى غزة، مع البحث عن شريك فلسطيني عبر الإغراء بمزيج من الحوافز الاقتصادية الغزيرة، والحكم الذاتي الضيق، والتعاون المدروس، بشرط السماح بإجراءات أمنية داخلية واسعة النطاق لكبح المقاومة وتصفية قدراتها. 

 

كما تستمر إسرائيل، وهي تضرب بكل اتجاه يمثل خطرا عليها، في زرع المزيد من الشكوك حول احتمالات التعايش الإسرائيلي الفلسطيني، وتزعم بشكل مستمر أن الهجوم الدموي ضدها له شعبية بين فلسطينيي غزة والضفة الغربية على حد سواء، مما يعني أن الشارع الفلسطيني يتبنى العنف ضد إسرائيل باعتباره الطريقة المفضلة لإنهاء احتلالها.

 

وهذا يعني أكثر لإسرائيل وحلفائها أن القبول بدولة فلسطينية لإنهاء الوضع الراهن ليس الحل، بل قطف كل رؤوس محور المقاومة هو الحل الأفضل، وبعدها يمكن الدخول في تفاهمات أخرى، كلها حتى الآن ليست معنية بإقامة دولة فلسطينية قد تنقلب ضدها في أي وقت كما حدث من حماس ضد السلطة الفلسطينية، أو قد تفشل الدولة الوليدة في منع الفصائل الفلسطينية من التسلح والانخراط في أعمال العنف ضد إسرائيل والمصالح الغربية مما يشكل خطرا عليها وعليهم جميعا. 

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

الجريدة الرسمية