رئيس التحرير
عصام كامل

مصير تيارات الإسلام السياسي بعد استشهاد حسن نصر الله.. المعركة مع إسرائيل تحدد مستقبل الجماعات.. وإقبال على الصوفية هربًا من الهزائم والخسائر

حادث اغتيال حسن نصر
حادث اغتيال حسن نصر الله، فيتو

أثارت عملية اغتيال حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني دويا هائلا، وفجرت العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها في مثل هذه الأحداث، ومنها مستقبل أنصار حركات وتنظيمات الإسلام السياسي في المنطقة، بعد الضربات الشديدة التي وجهت لأكثر الأطراف قوة في مواجهة إسرائيل بمحور المقاومة. 

 

ما هو الإسلام السياسي  وأسباب محاربته من القوى السياسية والمجتمعية 

مصطلح الإسلام السياسي يستخدم في وصف الحركات والمنظمات السياسية التي تؤمن بالإسلام باعتباره نظاما سياسيا للحكم، والإسلام بالنسبة لها ليس مجرد ديانة فقط، وإنما نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات دولة، وينطبق ذلك على جميع التيارات التي ترفع شعارات الدين عنوانا لها، من داعش إلى الإخوان، ومن السنة للشيعة. 

 

ويرى أنصار هذا الفكر، أن هدفهم الأعظم إعادة الإسلام إلى سيرته الأولى، لذا يتمسكون بالخلافة باعتبارها النظام السياسي الوحيد المعترف به للإسلام، لأن له نظام تشريعي وجنائي متمثل في الشريعة الإسلامية، وبالتالي الانحياز لإقامة دول على الطراز الحديث في المدنية والقوانين، لايحب أن يخرج عن المبادئ الإسلامية.

 

في المقابل، يرى معارضي هذه التيارات أنهم يستغلون العاطفة الدينية للمجتمعات العربية والإسلامية ويلعبون على مشاعر البسطاء كوسيلة للوصول إلى السلطة باستخدام المال والمنافسة غير الشريفة في الإنتخابات، ويعتبرون ذلك تجارة بالدين الذي يستخدمونه كشعار سياسي أمام منافسيهم وفي الدعاية الإنتخابية، وهذا يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص؛ حيث تتحول الإنتخابات من صراع بين من لديه المشروع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الأكثر نجاحًا، إلي مزايدات دينية.

 

كما يعتبرها معارضي هذه التيارات أداة تفكيك المجتمعات وخاصة حال وصولهم إلى السلطة، إذ يبدأون مباشرة في تهديد العملية الديمقراطية عبر ترسيخ الإستبداد بإسم الدين، ويشعل حروب أهلية بسبب الإنقسام المجتمعي والفكري والديني الذي يترتب على تحويل التنافس السياسي علي الحكم إلى صراع ديني، مما يجعل الإسلام السياسي مشروعًا فاشلًا غير صالح للتطبيق.

 

ويستند معارضي الإسلام السياسي على ما حدث في تسعينات القرن الماضي، عندما وصل الإسلاميين إلى الحكم وهي المرحلة التي عرفت باسم العشرية السوداء في الجزائر، إذ رفضوا قرار إقصائهم عن السلطة بسبب التوترات المجتمعية التي ترتبت على ذلك، وتركوا النضال المدني ورفعوا السلاح، ودبروا هجمات إرهابية ضد الجيش من الجبال التي استوطنها الإسلاميين المسلحين وشنوا المجازر ضد المدنيين المؤيدين للجيش بعد تكفيرهم، وراح ضحية هذه الأحداث 150 الف شخص. 

 

كما يستندون على ما حدث في مصر وليبيا وسوريا وتونس، وغيرها من البلدان التي وصل فيها الإسلاميين إلى الحكم، وترتب على ذلك توترات غير مسبوقة كادت تصل إلى مستوى الحرب الأهلية، وهناك بلدان احتكمت للسلاح بالفعل في الخلاف السياسي، كما حدث في ليبيا وسوريا واليمن. 

 

على مستوى التدين، يؤكد معارضي الإسلام السياسي أن وصول هذه التيارات إلى السلطة يؤدي لإنتشار الإلحاد في المجتمع؛ بسبب غضب شرائح كثيرة من ممارسات تلك التيارات في الإستبداد والفساد بإسم الدين، ولأنها تربط هزيمتها السياسية أو الميدانية بهزيمة الدين نفسه، وليس الحزب الذي يمتطي الدين ويرفع شعارات دينية كوسيلة للوصول لمكاسب دنيوية.

 

دور امريكا وثورات الربيع العربي في صعود الإسلاميين 

كانت أحداث الربيع العربي في عام 2011 كانت نقطة تحول حاسمة وكبيرة بعد أن أدت إلى وصول الإسلاميين إلى السلطة وفوزهم بالانتخابات بدعم أمريكي وغربي واضح، وهذا الدعم كان سببا في توسع شعبية هذه الحركات ومد نفوذها السياسي في أغلب بلدان المنطقة. 

 

وخلال عام واحد فقط أصبح الإسلاميون في ذروة قوتهم السياسية، بسبب اقتناع النخبة السياسية الأميركية بما عرف وقتها بـ«البديل الإسلامي»، ومنحهم الفرصة للحكم، وأكثر ما يكشف ذلك مؤتمر مؤسسة كارنيجي في واشنطن عام 2012 الذي عقد لقادة الحركات الإسلامية، وكان ممرًا سريًا للاجتماع بكبار المسؤولين في وزارة الخارجية الأميركية للاتفاق على ملامح المرحلة الجديدة في المنطقة.

 

ولكن هذه المرحلة لم تدم طويلا بسبب تخبط الإسلاميين وسعيهم للسيطرة على المجتمعات في العديد من البلدان، ليحدث التحول سريعا بعد ان تكتلت ضدهم القوى المختلفة في المجتمعات العربية، وأصبح الربيع الموعود خريف قاس، إيذانا بنهاية عصر الإسلام السياسي في مصر، ومنها إلى أغلب دول المنطقة.

 

وبعد خسراتهم غير المسبوقة، حاول الإسلاميون إنقاذ ما يمكن إنقاذه وبعضهم قرر رفع السلاح في بلدان مثل سوريا وليبيا واليمن، لينتهي الإسلام السياسي عمليا بسبب الدمار الواسع الذي ترتب على ذلك في هذه البلدان، وانعكس على باقي البلدان بالانتكاسات الانتخابية التي تعرضت لها أحزاب وتيارات الإسلام السياسي في المغرب والجزائر نهاية بتونس.

 

في الوقت نفسه، أصبح هناك ميول متزايدة لقطاعات كبيرة من العرب والمسلمين في العودة إلى التصوف والروحانية والتدين الفردي بعيدا عن الجماعات أو التدخل في السياسة، وظهرت هذه الاتجاهات في العديد من استطلاعات الرأي والدراسات، منها واحدة أجرتها مؤخرا مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية التي أظهرت ميلًا متزايدا للعرب والمسلمين نحو التدين الفردي، والاقتراب من النمط الصوفي، والابتعاد عن الإسلام السياسي. 

 

مصير تحالفات الإسلاميين بعد الضربات الإسرائيلية لـ محور المقاومة

وبعد تصفية زعيم حزب الله، حسن نصر الله، وتصدع جبهات المقاومة الشيعية في اغلبها باستثناء حركة حماس، أصبح السؤال الملح في العالم وليس المنطقة وحدها: ما هو مصير تحالفات الإسلاميين بعد التصعيد الإسرائيلي وتغيير قواعد اللعبة المتبعة منذ عقود بتصفية رؤوس المقاومة وتصفية قوتها الضاربة. 

 

وتولى الإجابة عن هذه الأسئلة مجلة الأيكونوميست البريطانية ذائعة الانتشار، التي أشارت إلى تراجع حركات الإسلام السياسي السني بعد تصالح تركيا مع أنظمة المنطقة وتراجعها عن دعم هذه التيارات، بالإضافة إلى قوة الأنظمة الحاكمة في بلاد رئيسية بالمنطقة مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن، وهذه البلدان أصبحت صمام الأمان حاليا  ضد التطرف أو إعادة إحياء تنظيمات الإسلام السياسي وفي القلب منها جماعة الإخوان. 

 

مستقبل الإسلام السياسي بعد استشهاد حسن نصر الله 

شكل استشهاد حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبناني، ضربة قوية لكل حركات الإسلام السياسي وليس حزب الله وحده، ويؤكد الخبراء أن الإجابة على سؤال مستقبل تيارات الإسلام السياسي بوجهيها السني والشيعي، تحدد بقدرة حزب الله على البقاء والعودة رغم فناء أغلب قياداته من الصف الأول والثاني الثالث، وتراجع قدراته بدرجة غير مسبوقة بسبب الضربات الإسرائيلية، ونفس الأمر بالنسبة لحركة حماس في غزة. 

 

وتحدد التطورات الميدانية وإعلان المنتصر أو على الأقل الطرف الفائز بأكبر مكاسب ممكنة في المعركة العسكرية الدائرة على الجبهة الفلسطينية واللبنانية شعبية الحركات الإسلامية أو العكس، ويحدد الخبراء اتجاهين لانصار هذه الحركات، إما تعزيز الاتجاهات المتطرفة، سواء في تشكل موجة جديدة من التطرف الديني، قد تكون مزيج مركب من القاعدة وداعش، أو اللحقاق بركب التصوف والروحانية باعتباره المهرب لأبناء هذه الحركات من حالة اليأس والإحباط والغضب والتوتر التي تملأ القلوب بعد هذه المجازر الكارثية.

 

ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو) ، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية

 

الجريدة الرسمية