حكايات هيكل مع رؤساء مصر.. صدام مع نجيب.. كان "ظل عبد الناصر".. علاقته بالسادات مرت بمنعطفات خطيرة.. و"محاضرة التوريث" أنهت حالة الود مع مبارك
تمر اليوم ذكرى ميلاد أحد أنجب الصحفيين المصريين والعرب، الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل المولود فى 23 سبتمبر عام 1923، والذي شغلت كتاباته ومقالاته الأوساط السياسية والثقافية فى كل العواصم العربية طوال مسيرة امتدت لعقود كان فيها ملكا متوجا فى بلاط صاحبة الجلالة.
ولم يكن هيكل مجرد صحفى عابر، بل كان شريكا فى صياغة الكثير من قرارات السلطة التى اقترب منها سنوات وأُبعد عنها فى فترات معينة.
وفى السطور التالية نرصد علاقة هيكل برؤساء مصر، وكيف بنى امبراطوريته الخاصة كـ“جورنالجي” مُقرب من السلطة وان كانت لم تسلم منه فى لحظات الجفاء والغضب.
علاقة هيكل باللواء نجيب
هيكل ونجيب، علاقة بدأت على أرضية غير ممهدة، فيها الكثير من لحظات الاحتقان والغضب للحد الذي وصلت أحيانًا للقضاء، بدايتها كان برفض هيكل وجود اللواء محمد نجيب على سدة الحكم، كون نجيب لا يصلح للاستمرار في رئاسة مصر، لعدم تطابق صفات الترشح عليه، خاصة فيما يتعلق بجنسية الأم التي قال هيكل إنها كانت سودانية.
جنسية والدة نجيب
وكان منطق «هيكل» أن الجنسية السودانية لوالدة نجيب مبررًا واضحًا لعدم استمراره في الحكم بدعوى أن الإنجليز كانوا يبحثون عن رجل تجري في عروقه دماء سودانية أو تركية، يضعوه على رأس السلطة في مصر، بدلًا من الضباط الشبان أعضاء مجلس قيادة الثورة.
قضايا بين نجيب وهيكل
ظلت حالة عدم الود، بين كل من اللواء محمد نجيب، والكاتب محمد حسنين هيكل، قائمة وبلغت ذروتها من خلال وثيقتين، الأولى تخص مقالًا نشره هيكل في صحيفة الأهرام عام 1973 بعنوان "شبح من الماضي"، وسخر فيها هيكل من كتاب (كلمتي للتاريخ) الذي أصدره نجيب في العام نفسه، ورد نجيب على مقال هيكل، لكن الأخير قام بنشره في صفحة الوفيات، بعدها أرسل نجيب نفس الرد إلى أخبار اليوم، ولإحسان عبد القدوس تحديدًا، وكشف خلاله العديد من الوقائع، وعلى رأسها أن هيكل طلب منه مرارًا إجراء مقابلة إلا أن نجيب كان يرفض ذلك.
ولم يكتفِ "هيكل" بما نشره في مقالته عن نجيب، بل زاد "الأستاذ" من هجومه عليه بأن اتهمه بالعمالة لأمريكا- وذلك فى كتاب عبد الناصر والعالم- من خلال واقعة تلقيه مبلغ 3 ملايين دولار، كاعتماد أمريكي، لبناء برج لاسلكي للاتصالات العالمية، مما دفع نجيب لمقاضاة«هيكل» أمام محكمة جنايات الجيزة، في نوفمبر من عام 1972، إلا أن هيكل استطاع أن يصل إلى صيغة تصالح مع نجيب، مقابل نشر هيكل بيان تكذيب في صحف "ديلي تلجراف" والأهرام والنهار اللبنانية، وظل هذا الاحتقان حتى رحيل محمد نجيب.
علاقة الصداقة بين هيكل وناصر
"أدركت وأنا أتكلم معه، أننى أتحدث مع شخص يفهم التاريخ والاستراتيجية جيدا، وملم بقضية فلسطين، ويفهم في الأدب والشعر والثقافة، وكانت اهتماماته تتسع خارج حدود وظيفته"، هكذا قال «هيكل» عن الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، في أول مقابلة جمعتهما.
علاقة الصداقة بين هيكل وعبد الناصر نقلته من خانة الصحفي المقرب إلى المشارك في صنع القرار، والمحرك للعديد من الأحداث، وأحد صناع تاريخ مصر بعد ثورة يوليو، يراه السياسيون أنه مفكر عبد الناصر وصاغ الفكر السياسي للزعيم، لم يحصل أي شخص على هذا الدور سوى هيكل، وأكاد أقول إن عبد الناصر من اختراع هيكل" وذلك في حوار مع فضائية (أون تي في)، يوم 21 أغسطس 2011.
وحين تحدث هيكل عن فترة معاصرته للزعيم، قال: "كان عبد الناصر يتصل بي مرتين، الأولى قبل نومه، والثانية عندما يستيقظ".
علاقة الأستاذ بالسادات
لم تسر علاقة السادات وهيكل على وتيرة واحدة، فبدأت بصداقة وانتهت باعتقال، عقب تولى السادات رئاسة الجمهورية، بعد وفاة عبد الناصر في سبتمبر 1970، كتب هيكل ثلاثة مقالات حملت عنوان "السادات وثورة التصحيح" أشاد خلالها "الأستاذ" بالرئيس الذي لم يكمل عامه الأول وقتها في سدة الحكم، وقال في أحدها: "كان السادات هائلًا في هذه الساعة الحاسمة من التاريخ بأكثر مما يستطيع أن يتصور أحد، كانت قراراته مزيجًا مدهشًا من الهدوء والحسم، هذه المرحلة هي التي ستجعل من أنور السادات، قائدًا تاريخيًا لشعبه وأمته، لأن القيادة التاريخية مرتبة أعلى بكثير من الرئاسة مهما كان وصفها".
حرب أكتوبر
كانت حرب أكتوبر نقطة تحول بين الجورنالجي والرئيس، فظلت علاقة هيكل بالسادات جيدة حتى حرب أكتوبر، لكن هيكل رفض طريقة تعامل الرئيس السادات مع انتصار حرب أكتوبر سياسيًا، وكان يرى أن السادات يعطي للولايات المتحدة دورًا أكبر مما ينبغي بعد انتصار تحقق بسلاح جاء من الكتلة الشرقية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي.
انتهى خلاف السادات مع هيكل بقرار أصدره السادات في الثاني من فبراير 1974، بنقل هيكل من الأهرام للعمل مستشارًا للرئيس، وهو ما رفضه هيكل بوضوح، وعلق عليه في تصريح لصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية بعد القرار بأيام قائلا: "إنني استعملت حقي في التعبير عن رأيي، ثم إن الرئيس السادات استعمل سلطته، وسلطة الرئيس قد تخول له أن يقول لي أن أترك الأهرام، لكن هذه السلطة لا تخول له أن يحدد أين أذهب بعد ذلك، القرار الأول يملكه وحده، والقرار الثاني أملكه وحدي".
اعتقالات سبتمبر
بلغ الصدام ذروته بين هيكل والسادات، عندما تحدث الأخير أمام كاميرات التليفزيون فى شهر سبتمبر سنة 1981، متهمًا هيكل بأنه لم يعد صحفيًا بل سياسيًا، وعليه أن يترك الصحافة إلى السياسة، و"ليس من حقه كصحفي أن يناقش القرار السياسي، فتلك مسئولية الرئاسة".
بداية القطيعة
كان قرار السادات بإبعاد هيكل عن "الأهرام" بداية القطيعة بينهما، واستكمل السادات بوضع هيكل في السجن ضمن اعتقالات طالت كثيرين من المعارضين في سبتمبر 1981، ورحل السادات بعد حادث اغتياله خلال العرض العسكري، في 6 أكتوبر من العام نفسه، وحاكمه هيكل في الكتاب الذي حمل اسم "خريف الغضب"، حيث حمَّله مسئولية ما رأى أنه تعامل خاطئ في ملف الصراع العربي الإسرائيلي بعد حرب أكتوبر.
مراجعة لموقفه من السادات
مرت سنوات على رحيل السادات وبدأ قرن جديد وفي إحدى ندواته بالإسكندرية قال هيكل إنه يشعر بالامتنان بأثر رجعي لما قام به السادات بإرجاع سيناء بعدما قارن وضع مصر بسوريا والأراضي الفلسطينية.
الرئيس مبارك
كان "الأستاذ" معجبًا بمبارك فى بداية حكمه، وأعلن تأييده الشخصي له، بل تجاوز الأمر حدود الإعجاب، ودعا هيكل المواطنين لتأييد مبارك ومساعدته لينجح فى مهمته، حيث رأى "الأستاذ" أن الصفحة التى فتحها مبارك معه ومع غيره من السياسيين الذين ألقاهم السادات فى سجونه، باتت صفحة مشرقة تستحق المساندة.
كان الرئيس الأسبق يعرف جيدا قيمة وتاريخ هيكل لذلك دعاه إلى قصر الرئاسة بعد الإفراج عنه، بعد اغتيال السادات، ليمتد الحوار بينهما إلى 6 ساعات متواصلة، وفقا لما أورده هيكل فى كتاب "مبارك من المنصة إلى الميدان".
خط مفتوح بين هيكل ومبارك
عقب أول لقاء جمعهما معًا، حصل هيكل من مبارك على رخصة مفتوحة للاتصال به فى أى وقت يشاء، لكن "الأستاذ" لم يستخدمها ولا مرة، على حد قوله، إلى أن وسافر ألمانيا للعلاج، فاتصل به مبارك وعرض عليه العلاج على نفقة الدولة، لكن هيكل رفض.
كان مبارك يود أن يمد جسور التواصل مع هيكل، بعدما أصبح رئيسًا، لكنه كان يظن أن "الأستاذ" أدرى منه ببواطن الأمور داخل وخارج البلاد، لتواجده فى محيط صنع القرار عبر سنوات عدة، لكن هيكل اختار أن يكون بعيدًا، وأن يتفرغ لكتاباته فقط، تلك التي تزعج مبارك وبعض رموز نظامه.
مخطط التوريث
كانت المحاضرة التي ألقاها هيكل فى الجامعة الأمريكية، عام 2002، بمثابة رصاصة في قلب نظام مبارك، بعدما قال إن "السلطة شاخت فى مواقعها، وهناك مخطط واضح لتوريث الحكم، ومهما كانت الصورة حلوة، فلا بد أن نقول كفاية".. فى إشارة إلى ضرورة رحيل مبارك عن الحكم".
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.