اليمن بلد الجبارين تقول كلمتها!
ليست المرة الأولى التي نتحدث فيها عن اليمن أصل العرب وشعبها الأصيل، اليمن واحدة من أعرق الحضارات في تاريخ البشرية، وهى الدولة العربية التي عجز الاستعمار عن احتلالها في عصرنا الحديث نتيجة لعدة عوامل إيكولوجية وثقافية وجغرافية..
فمن بين ما هو إيكولوجي تلك التركيبة السكانية الفريدة للشعب اليمني، فرغم الحضارة والتاريخ والتقدم التكنولوجي المذهل الذى طرأ على العالم، وحول كوكب الأرض إلى قرية كونية صغيرة تغلب عليه ثقافة العولمة، التي هي ثقافة الغالب الحضاري، إلا أن التركيبة اليمنية لم تتأثر بهذه الثقافة الوافدة التي فرضت على مجتمعاتنا بل هيمنت على الأجيال الجديدة بشكل كامل نظرًا للتكوين القبائلي والعشائري المتماسك.
وبالطبع تلك التركيبة الإيكولوجية تتمتع بالعصبية الشديدة والعند والثأر، لذلك فالشعب اليمني شعبًا مسلحًا، فامتلاك السلاح وحيازته في إطار التركيبة القبائلية والعشائرية ليس حكرًا على المؤسسات الأمنية (شرطة – جيش) للدولة بل هي متاحة لكل السكان وأحد مظاهر التباهي..
فلا يوجد بيتًا ليس به قطعة سلاح أو أكثر، لدرجة أن التقديرات المتاحة لقطع السلاح تقول أنها تقترب من مائة مليون قطعة سلاح، لذلك ليس من السهل وفقًا لهذه المعطيات الإيكولوجية والثقافية غزو اليمن، أضف إلى ذلك البعد الجغرافي حيث الطبيعة الجبلية الوعرة، التي تمنع أي تدخل عسكري برى لأنه سيكون ورطة كبيرة للمعتدي على الأرض اليمنية.
وبالطبع سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تقسيم وتفتيت اليمن العربية ضمن مشروع الشرق الأوسط الجديد قبل عقد ونيف، ولم تجد غير الورقة الطائفية والمذهبية والعرقية لتعمل بها بالداخل اليمني، هذا إلى جانب ورقة الجماعات التكفيرية الإرهابية، والجنرال إعلام كان جاهزًا دائمًا..
وحين ظهرت بوادر الربيع العربي المزعوم والذي أكدنا في حينه أنه ربيعًا عبريًا بامتياز، كان الشعب اليمني مثله مثل نظيره المصري لديه من الأسباب والمبررات الكثيرة للخروج ضد نظام سياسي حاكم يتصف بالدكتاتورية والفساد والتبعية..
وكما حدث في بعض الدول العربية التي تحركت شعوبها ضد هؤلاء الحكام مسلوبي الإرادة، والذين رسخت سياساتهم للفقر داخل مجتمعاتهم، كان الأمريكان جاهزون للتدخل السريع لإجهاض الثورة وتحويلها إلى حرب أهلية مستغلين التنوع الطائفي والمذهبي والعرقي داخل المجتمع اليمني..
ذلك التنوع المتعايش منذ آلاف السنين، والهدف معروف تقسيم وتفتيت اليمن للاستيلاء على خيراته من ناحية، واستغلال موقعه المتميز والسيطرة على مضيق باب المندب أحد أهم المنافذ البحرية في البحر الأحمر.
وتم تغذية الفتنة، ثم إختفي تنظيم القاعدة بدون مقدمات بعد مبايعة داعش في مواجهة الحوثيين أحد مكونات المجتمع اليمني، التي تقدمت للسيطرة على مراكز السلطة والإطاحة بالهادي منصور رجلهم الذي خلف حليفهم القديم علي عبد الله صالح..
وفى ظل هذه الأجواء اختلط الحابل بالنابل بالداخل اليمني، وبدلا من تشخيص الأمور في إطارها السليم باعتبار ما يحدث هو صراع على السلطة بين مكونات المجتمع اليمني، تم تحويل الصراع إلى حرب طائفية وعرقية ومذهبية.
وعندما انطلقت عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر الماضي، وبدأ العدوان الصهيوني على غزة، أعلنت القيادة الجديدة لشعب الجبارين على دعمها الكامل للمقاومة الفلسطينية البطلة والشجاعة، وفرضت سيطرتها الكاملة على البحر الأحمر وباب المندب، في ظل وجود العدو الأمريكي وأعوانه بأساطيلهم البحرية..
وانطلقت المسيرات اليمنية صوب كل سفينة ترفع أعلام العدو الصهيوني، وضد كل سفينة تحاول الاقتراب من السواحل الفلسطينية المحتلة، وأصابت الصواريخ اليمنية الموانئ الصهيونية، وشكلت المقاومة اليمنية جبهة إسناد قوية للمقاومة الفلسطينية، وأعلنتها صراحة بأنها لن تتوقف عملياتها العسكرية قبل وقف العدوان الصهيوني على غزة..
وكان رد فعل العدو الصهيوني ومن خلفه العدو الأمريكي توجيه بعض الضربات العسكرية لليمن، لكن الرد اليمني كان جاهزًا، وخلال هذا الأسبوع جاءت الضربة اليمنية الموجعة عبر صاروخ يمني في عمق الكيان الصهيوني، عبر مسافة تتجاوز 2000 كلم قطعها في مدة 11 دقيقة، أي سرعته بين 12 و15 ضعف سرعة الصوت حسب تحليلات الخبراء العسكريين..
واستطاع الصاروخ أن يتجاوز كافة منظومات الرصد والمتابعة والاطلاق الصهيونية والأمريكية منذ لحظة انطلاقه وحتى إصابته للهدف، وأحدث الصاروخ حالة زعر وفزع داخل الكيان حيث هرع مليونين ونصف مستوطن إلى الملاجئ..
وكان وصول الصاروخ رسالة قوية من محور المقاومة للعدو الصهيوني ومن خلفه الأمريكي، لما تمتلكه المقاومة من قدرات عسكرية متطورة قادرة على خوض الحرب المفتوحة، التي يهدد بها قادة الكيان جبهات الإسناد في اليمن ولبنان والعراق وسورية وإيران.. عاشت المقاومة اليمنية وعاش شعب الجبارين، الذي قال كلمته وزلزلت أركان الكيان الذي هو أوهن من بيت العنكبوت، اللهم بلغت اللهم فاشهد.