رئيس التحرير
عصام كامل

كيف ينظر الغرب لنا؟!

هل الشعور بأجواء المؤامرة ضدنا من الغرب في محله دائما أم نبالغ فيه لنخفي فشلنا كعرب وكشرق أوسطيين في سياساتنا وإستغلال مواردنا وتفشى عوامل هدمنا داخلنا أكثر من هذه المخططات الشيطانية؟ الاجابة بالطبع ليست باليسيرة في الاتجاهين، لأن كل وجهة نظر لها ما يؤيدها وينفيها في نفس الوقت..

 
في البداية الكل يعترف بمشروعية كل طرف في الدفاع عن مصالحه، ويبالغ البعض بالقول حتى ولو كانت ضد مصالح الأخرين ويغالى البعض الأخر: بل ولو وصل الأمر على جثث الأخرين.. مطوعين المنطق المكيافلّي أو القناع المكيافلّي على مقاسهم، والذى يعنى توظيف المكر والازدواجية (الخداع) في الكفاءة السياسية أو في السلوك العام، طبعا هذا المذهبٍ الفكري السياسي أو الفلسفي يمكن تلخيصه في عبارة الغاية تبرر الوسيلة.


وحتى نلبس رداء الواقعية ولو لبعض الوقت، تعالوا نتبادل الأماكن، نحن مكان الغرب الذى نراه شريرا، وهم مكاننا ونحن نرى أنفسنا طيبين طبعا، ونطرح السؤال المنطقى هل كنا سنتصرف بأكثر مما سيتصرفون معنا ؟

 
وحتى يقترب هذا الطرح من الواقع.. يكون السؤال كيف ينظر كل منا إلى شخص يسير في الشارع وهو يقذف في الهواء ملايين الدولارات ولا أقول مليارات الدولارات؟ طبعا سنقول هذا شخص سفيه أقل ما يجب فعله معه أخذ ثروته التى يبددها في الهواء، ولا تقل حقه في تبديد ثروته التى خرجت إليه من باطن الأرض بحجم غير مسبوق على مر التاريخ!

مؤامرة أمريكية صهيونية

وتتوالى الأسئلة: هل نحن بحق أمام مؤامرة حقيقية بحته، أم شاركنا فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، وساعدنا وسهلنا تحقيقها بما يحدث على أرض الواقع؟ والإجابة تكمن في الأسئلة التالية: هل ما يحدث الآن في غزة ومحاولات جر المنطقة إلى حرب اقليمية شاملة قد تتطور لحرب عالمية لا تبقى ولا تذر، بعيدا عن المؤامرة؟
 

لا أحد ينظر إلى أصل المشكلة وهى سرقة فلسطين كاملة منذ عام 1948 وما بعدها، واستقدام الملايين من مختلف أنحاء المعمورة إلى أرض ليست لهم لاقامة وطن بديل، وتتجلى هذه المؤامرة بشكل بسيط حين يحتفظ كل مستوطن بجنسيته الأصلية إلى جانب الجنسية المكتسبة من الكيان الحرامى.. 

حتى اذا ما تعرض لمشكلة يظهر جنسيته الأصلية للاحتماء بها كما يحدث الآن في أزمة الرهائن المحتجزين لدى حماس، ولا يسأل من يدافع عنهم نفسه هل من حق هؤلاء أصلا ترك بلدهم الاصلى والمجئ للإقامة في أرض مسروقه ليشاركوا في السرقة!
 

وهل ما يحدث الآن في أوكرانيا في حربها مع روسيا بعيدا عن المؤامرة التى قسمت وفتتت ومزقت الإتحاد السوفيتى السابق إلى جمهوريات ومنها أوكرانيا ثم السعى لنصب الصوارايخ الغربية على حدود ما تبقى من الاتحاد السوفيتى القديم ويحمل إرثه وهويته، أقصد بالطبع روسيا، وهو نفس المنطق الذى رفضته واشنطن عام 1962 في أزمة الصورايخ الكوبية.. 

حين رفضت واشنطن قيام الاتحاد السوفيتى السابق بنشر صواريخه في كوبا، رغم أن كوبا لم تكن إحدى الولايات الامريكية السابقة مثل أوكرانيا، ووقف العالم 13 يوما على مرمى حجر من حرب نووية؟!


هل ما يحدث الآن فى ليبيا ومحاولة تمزيقه وتفتيته ونشر جماعات ومليشيات مسلحة مدعومة من هنا وهناك لتكون مركزا لنشر التطرف والارهاب في المنطقه وأولها مصر.. بعيدا عن المؤامرة؟
 

هل ما يحدث في السودان ومحاولة تمزيقه بعد النجاح في فصل الجنوب عنه منذ سنوات، والرغبة المستعرة في إستكمال المسلسل بفصل الغرب والشمال وهكذا.. أليس بمؤامرة؟
 

هل ما يحدث في الصومال الآن ومحاولة تقسيمه بعد الحروب الأهلية وانتشار الميلشيات التى استنزفته طوال السنوات الماضية أليس بمؤامرة.. أليس إقتطاع جزء من أرضه فيما يسمى أرض الصومال الجديدة لاقامة دولة منفصلة عن الصومال وإعتراف إثيوبيا بها مقابل إقامة منفذ بحرى لها ومحاصرة الصومال من داخلها.. أليس بمؤامرة؟ 


هل ما يحدث في إثيوبيا ومحاولة جر شكل مصر والسودان، ليس في أمور عابرة، لكن في أمور مصيرية ووجودية تتعلق بالحياة والموت في سد النهضة.. أليس بمؤامرة؟ وهل ما يحدث في جيبوتى وتأجير شواطئها لقواعد بحرية أجنبية للتحكم في جنوب البحر الأحمر وباب المندب.. أليس بمؤامرة؟


هل ما يحدث في اليمن والتواجد الايرانى وغيره، وتحويل اليمن السعيد إلى اليمن التعيس وتشتيت أهله وتمزيق أوصاله في حروب لا ناقة ولا جمل لأهله فيها.. أليس بمؤامرة؟ وأليس تدمير العراق وسوريا وتجميد لبنان.. أليس بمؤامرة؟

 
أليس كل ذلك وعوامل أخرى كفيلة باشعال حرب عالمية جديدة؟! ويبقى السؤال المهم.. هل كل ما يحدث كان بالصدفة؟ هل كانت ستنجح هذه المؤامرات لو كانت أوضاع شعوبنا مستقرة ولا تشعر بالظلم هنا وهناك؟! وهل كانت ستنجح لو لم يشارك بعضنا فيها بقوة وبالمال والدعم، لا لشئ إلا لتحطيم بعضنا البعض من أجل زعامات زائفة ومصالح ضيقة؟! 

 

 

الجميع نسي المقولة العربية الشهيرة "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض" للتعبير عن الشعور بالندم على التفريط والتهاون في الحقوق، فالأمر يبدأ دائمًا بالغير وينتهي عندك، فإحترس ولا تضع نفسك فريسة للخداع، ما يطال غيرك اليوم، يطالك غدا.. والمتغطى ب الامريكان والصهاينة..عريان!
yousrielsaid@yahoo.com

الجريدة الرسمية