إثيوبيا على صفيح ساخن.. آبي أحمد في ورطة.. صراع الأمهرا يعيد التفكك لأديس أبابا.. 90 عرقية تقضي على رئيس الوزراء.. ومخاطر النزاعات تهدد دولة سد النهضة
صراع الأمهرا والأورومو، منذ يومين قامت السودان بغلق معبر القلابات بينها وبين إثيوبيا، بعد سيطرة ميليشات "فانو" الأمهرية على القرى الحدودية بين السودان وإثيوبيا، وهروب قوات حرس الحدود التابعة للجيش الإثيوبي داخل السودان، بعد أن قامت القوات السودانية بتجريدهم من السلاح للسماح لهم بعبور الحدود.
تصاعد خطير لأزمة إثيوبيا والسودان تغلق حدودها
ويشكل إغلاق معبر القلابات الحدودي بين السودان وإثيوبيا تصعيدًا خطيرًا في الأزمة الأمنية المتفاقمة بين البلدين، وفي سياق الصراع الدائر في إقليم الأمهرا الإثيوبي، والتي تشعلة السلطات الإثيوبية برئاسة آبي أحمد، المنتمي لقومية الأورومو الإثيوبية.
سيطرة ميليشيات "فانو" في إقليم الأمهرا الإثيوبي على المنطقة الحدودية الإثيوبية يمثل حلقة في صراع متجدد بين الأمهرا والأورومو، الذان يعتبران من أكبر القوميات في إثيوبيا، والتي تضم عدد كبير من القوميات المتصارعة والمتنازعة، حيث تصل إلى ما يقرب من نحو 90 عرقية مختلفة، ما يشير إلى حالة التطاحن وعدم الاستقرار الذي يواجه إثيوبيا.
يمثل إقليم الأمهرا الإثيوبي منطقة ذات أهمية استراتيجية كبيرة، ليس فقط بسبب موقعها الجغرافي المتاخم للسودان، ولكن بسبب تركيبتها السكانية المعقدة وتاريخها الطويل من الصراعات الداخلية، أيضًا.
صراع الأمهرا ثاني أكبر عرقية في إثيوبيا
وتعتبر الأمهرا هي ثاني أكبر مجموعة عرقية في إثيوبيا، ويشكلون 27% من عدد سكان إثيوبيا، ويعتقد الأمهرا أن أصولهم تعود إلى سام ابن نوح، الذي وردت قصته في العهد القديم.
وتعد مليشيات الفانو، من الفصائل المسلحة الأكثر نشاطًا في إقليم الأمهرا، وقامت منذ أيام بالسيطرة على مدينة المتمة والمعبر الحدودي الرابط بين إثيوبيا والسودان ما أدى إلى قطع إمدادات السلع الغذائية والوقود، وهي خطوة تُظهر السعي لإحكام السيطرة العسكرية على الإقليم.
وتشهد إثيوبيا صراع متجدد بين الأمهرا والأورومو، فالحرب في أمهرا هي صراع مسلح ومتجدد في منطقة أمهرا بإثيوبيا، وبدأ الصراع في أبريل 2023 بين ميليشيا فانو والحكومة الإثيوبية، برئاسة آبي أحمد المنتمي للأورومو، وبدأ الصراع بعد أن داهم الجيش الإثيوبي منطقة أمهرة لنزع سلاح القوات الخاصة الأمهرية وحلفاء إقليميين آخرين، مما أدى إلى مقاومة القوات المسلحة المحلية، ووقعت سلسلة من الاحتجاجات في جوندر وكوبو وسيكوتا وويلديا ومدن أخرى في 9 أبريل 2023.
وفي 27 أبريل، أُغتيل رئيس حزب الازدهار في منطقة أمهرة، واتهمت الحكومة الإثيوبية الفصيل الشرقي لميليشيا فانو بالاغتيال والتخطيط للإطاحة بالحكومة، وتم اعتقال 47 مشتبهًا في مؤامرة الاغتيال المزعومة.
بدء التصعيد بين مليشيات فانو والجيش الأثيوبي
وبدأ التصعيد بين قوات "فانو" وقوات الدفاع الوطني الإثيوبية في جوندار ودبري تابور ودبري ماركوس، في أغسطس 2023، عقب استيلاء مقاتلي "فانو" على لاليبيلا، وطلبت حكومة إقليم أمهرة بقيادة يلكال كفالي المساعدة من الحكومة الفيدرالية، مما أدى إلى إعلان حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في أغسطس.
واستعادت قوات الدفاع الوطني الإثيوبية جوندار ولاليبيلا، بعد السيطرة على أجزاء كبيرة من المنطقة، نفذت الجيش الإثيوبي غارة بطائرة بدون طيار في فينوت سيلام في الثالث عشر من أغسطس، مما أسفر عن مقتل 26 شخصًا، وأجرت عمليات تفتيش، وبدأت في القتل خارج القانون ضد السكان، ومعظمهم من الشباب.
وقالت لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية إن 45 مدنيًا قُتلوا في منطقة أمهرة على يد قوات الأمن الإثيوبي، بزعم دعمهم لقوات "فانو" أواخر يناير 2024.
الأمهرا قاتلت التيجراي مع آبي أحمد فجردها من السلاح
وبرغم أن قوات إقليم أمهرا لعبت دورًا حاسمًا خلال حرب إقليم تيجراي، حيث قاتلت مع الجيش الإثيوبي ضد قوات تيجراي، في أوائل عام 2021، واندلع صراع في منطقة أوروميا الخاصة بمنطقة أمهرا، حيث اشتعل القتال بين جيش تحرير أورومو (OLA) وقوات أمهرا الخاصة.
وقال شهود عيان محليون إن جيش تحرير أورومو، إلى جانب مسلحين آخرين من عرقية أورومو، سيطروا بشكل كامل على بلدة أتاي في 20 مارس 2021. وكان جيش تحرير أورومو متحالفًا مع إقليم تيجراي في ذلك الوقت.
كما قال الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية، والكاتب المتخصص في الدراسات الأفريقية: "لم يكد اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه في بريتوريا في الثاني من نوفمبر 2022 بين الحكومة الأثيوبية ومقاتلي جبهة التيجراي يؤتي ثماره حتى وجدت إثيوبيا نفسها وسط صراع آخر مع منطقة أمهرا. ومن الواضح أن دافع الحكومة المركزية لتوطيد السلطة من خلال استخدام القوة لن يمر مرور الكرام، وقد يؤدي إلى حرب أهلية طاحنة مرة أخرى."
حلم آبي أحمد في تحقيق الأمبراطورية
وأضاف الدكتور حمدي عبد الرحمن "لقد حاولت حكومة رئيس الوزراء آبي أحمد تحقيق الرؤية الإمبراطورية الخاصة بسيطرة المركز على الأقاليم عندما حاولت نزع سلاح الميليشيات الإقليمية في أمهرا. لطالما كان التحدي عبر العصور يتمثل في توحيد الأعراق المتنوعة في إثيوبيا، وهي مهمة معقدة بسبب الخصومات العميقة الجذور والهويات المتنافرة التي لم يجمع بينها سوى منطق التوسع الامبراطوري. وقد أثارت تبعات حرب التيجراي المخاوف من أن الصراع المستمر في أمهرا قد يزعزع استقرار إثيوبيا، التي تتبوأ ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان."
وأوضح الدكتور حمدي عبد الرحمن أن "الاتحاد الإثيوبي، وفقا لدستور1995، يتكون من أقاليم اتحادية، يتم تحديدها بشكل أساسي على أساس الخطوط اللغوية والعرقية. ويمتلك كل من هذه الأقاليم وحداتها العسكرية، المسماة "القوات الخاصة"، والتي تستخدم في الدفاع ضد المتمردين ومواجهة أطماع إقليمية لمناطق أخرى – ولعل ذلك يعد مؤشرا خطيرا على غياب للوحدة الوطنية."
قرار آبي أحمد يثير التوتر مع الأمهرا
وأكد أنه "في خطوة مثيرة للجدل، أعلنت الحكومة الفيدرالية في أبريل 2023 عن خطط لدمج هذه القوات المحلية في الجيش الوطني أو الشرطة، أو نزع سلاحها. وعندما دخلت القوات الفيدرالية بالفعل إقليم أمهرا لتطبيق نزع السلاح، ولاسيما ميليشيات فانو الأمهرية، رفض العديد من أفراد القوات الإقليمية تسليم أسلحتهم ولجأوا إلى التحصن في مناطق نائية أكثر عزلة، وتوحدت قوات من الشرطة ومتطوعين من المدنيين لمقاومة قوات الحكومة الإثيوبية. كانت المعارضة العامة واسعة النطاق وعنيفة في مدن مثل جوندر وكوبي وولدايا، حيث قام الناس بإغلاق الطرق لتقييد حركة الجيش."
وأدى القرار المفاجئ الذي اتخذه حزب الازدهار الحاكم في أبريل 2023، بحل القوات الخاصة لإقليم أمهرا، إلى توتر كبير. واعتُبر الهدف المزعوم بدمج القوات الإقليمية في القوات الفيدرالية مشبوهًا، خاصة أنه بدأ التطبيق مع منطقة الأمهرا، وتم النظر إلى هذا الإجراء على أنه محاولة من آبي أحمد لإضعاف الأمهرا، مما قد يمهد الطريق للجبهة الشعبية لتحرير التيجراي لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها الأمهرا في ولقيت ورايا، بحسب الدكتور حمدي عبد الرحمن.
احتجاجات ومواجهات واسعة في أمهرا بسبب آبي أحمد
وأثار القرار احتجاجات ومواجهات واسعة النطاق في أمهرا، حيث انضمت أجزاء كبيرة من القوات الإقليمية إلى ميليشيات "فانو" وتخلت عن مواقعها، وأدت الفوضى التي أعقبت ذلك، إلى اغتيالات مستهدفة ومكاسب إقليمية من قبل "فانو" وتصاعد حدة الصراع.
كما أدى الدعم المتزايد لفانو وتكتيكاتهم المتصاعدة إلى تعميق الصراع، مع عرقلة تحركات الجيش الفيدرالي وتزايد المواجهات، برغم دعم قوات الأمهرا للحكومة الاتحادية في حرب التيجراي، وعدم استعداد الحكومة لتقديم تنازلات، ما جعلت الأمهرا يشعرون بالخيانة، وخاصة مع تأكيد آبي أحمد على أن هذه الجيوش الإقليمية تهدد الوحدة الوطنية ويجب حلها.
تجددت الإشتباكات بين الجيش الاثيوبي ومليشات فانو في إقليم أمهرا، حيث سيطرت حركة فانو علي المتمة الواقعة مع الحدود السودانية، لليوم الثالث على التوالي والاشتباكات متواصلة بين الجيش الإثيوبي ومليشيات فانو، التي انضم إليها العديد من إقليم الأمهرا.
اشتعال الصراع والتفكك داخل إثيوبيا
وقال الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية إن "الخلاف المتصاعد بين القوات الخاصة الإقليمية في أمهرا والحكومة المركزية الإثيوبية يمثل تحديًا خطيرًا للسلام الهش بالفعل في شمال إثيوبيا، ويلقي بظلاله على قيادة رئيس الوزراء آبي أحمد."
وأضاف المتخصص في الشأن الإفريقي الدكتور حمدي عبد الرحمن أنه "منذ اندلاع الاحتجاجات في منطقة أمهرا ضد القوات الحكومية الفيدرالية الإثيوبية، تتصاعد المخاوف بشأن التداعيات المحتملة، لا سيما في ظل الهدنة الدقيقة في التيجراي. ولا يخفى أن المظالم الأساسية، المتجذرة في التوترات الإقليمية والعرقية، لا سيما فيما يتعلق بالسيطرة على غرب تيجراي، تخاطر بإعادة إشعال الأعمال العدائية. ما يعرض التفويض السياسي لأبي أحمد للخطر، ويعيد البلاد إلى دوامة من عدم الاستقرار."
الأمر ينبيء بمزيد من التوترات في إثيوبيا، بالإضافة للتوترات المستمرة في منطقة أوروميا، وهنا تقف إثيوبيا عند مفترق طرق محفوف بالمخاطر، يكشف النسيج المعقد للعرقيات المتنازعة داخل إثيوبيا.
نقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصد مستمر علي مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوادث، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.
