روعة المكان في أعمال نجيب محفوظ.. الحارة لها مكانة خاصة في رواياته.. الجمالية والأزهر وخان الخليلي «أبرز المناطق»
فى أعمال الأديب الكبير نجيب محفوظ الذي نحتفل اليوم بذكرى رحيله الثامن عشر كان المكان بطلا ضمن ابطال اعماله الادبية بل حظى المكان باهتمام خاص وكان هناك تركيزا على مميزات المكان وصفاته، فهناك مثلا الجمالية، العطوف، الأزهر، أم الغلام، خان الخليلي، ميرامار، زقاق المدق وغيرها أماكن تاريخية قديمة تحمل رائحة التاريخ بما تضم من تكايا وأسبلة ومشربيات تعج بها احياء القاهرة التاريخية التى عشقها نجيب محفوظ.
البداية كانت للأديب نجيب محفوظ مع المنزل رقم 8 المطل على درب قرمز من ناحية وعلى بيت القاضى من ناحية أخرى في منطقة الجمالية، والذي شهد من خلاله نجيب محفوظ ثورة 1919 وهو طفلا صغيرا.
فرضت الحارة المصرية أحداثها
كانت الامكنة القديمة والتاريخية مادة الأديب نجيب محفوظ فى جميع مؤلفاته، فيسكن قلبه قاهرة المعز التى لم تفارقه فى كتاباته حيث فرضت الحارة المصرية أحداثها اليومية العابرة بتفاصيلها وشخوصها، فعرف العالم من خلال محفوظ اسماء بيوت كثيرة مثل بيت السحيمي وبيت السكري وبيت المهيلمى وبيت الطبقة الفقيرة وبيوت الأغنياء والطبقة المتوسطة، من هنا كانت 90% من شخوص الثلاثية مثلا لها أصول واقعية من عائلته من جيرانه عاشت معه كما يقول منذ الطفولة ولم تبرح فكره.
يقول الأديب نجيب محفوظ: عندما ارحل بذاكرتي إلى أقصى بدايات العمر إلى الطفولة الأولى اتذكر بيتنا في الجمالية أنجب فيه والدي من قبلي ستة اشقاء جاءوا متعاقبين أربع إناث وذكرين ثم تتوقف والدتي تسع سنوات لتأتي بعدها بي وكان الفرق بيني وبين اصغر أخ لي 15 سنة.
مدرسة بين القصرين بالجمالية
عاش نجيب محفوظ الاثنى عشر سنة الأولى من عمره فى الجمالية هذا الحي الشعبي البسيط الذي استلهم منه رواياته، التحق فيه بكتاب الشيخ البحيري فى حارة الكبابجي، والتحق بمدرسة بين القصرين الابتدائية، انتقل بعدها الى العباسية لكنه لم ينقطع عن الجمالية سيطرت عليه شخصية المكان سيطرة كاملة فظل يتردد على مقهى الفيشاوى ومقهى زقاق المدق، ثم عاد بعد تخرجه من الجامعة الى الجمالية موظفا بالاوقاف ومشرفا على مشروع القرض الحسن فى منطقة الغورى.
أثر التعامل مع المكان فى روايات نجيب محفوظ فكان تصويره الدقيق للبشر والشوارع والحارات والمبانى الاثرية من جوامع واسبلة يعطى القارئ إحساسا أن محفوظ عاش فى منطقة الجمالية عمره المديد كله لكنها كانت الحياة التى عشقها وتردد عليها ووصل بها إلى العالمية.
جعل نجيب محفوظ من الحارة المكان الابرز فى رواياته فكانت مسرحا لأحداث روايات الحرافيش وحكايات حارتنا، وأولاد حارتنا والشيطان يعظ وبداية ونهاية، فهى فى الحرافيش ترمز إلى مصر فى مختلف عصورها، وفي اولاد حارتنا ترمز إلى العالم ككل.
حارة تقع فيها أحداث الحرافيش
ففي رواية خان الخليلى ترعرع فيه نجيب محفوظ بجوار مسجد الحسين مسر أحداث الرواية، وفى نفس المحيط تقريبا تدور أحداث رواياته بين القصرين، قصر الشوق، السكرية التى تعرف بالثلاثية كلها أسماء أماكن متجاورة وفيها تقع الحارة التى تدور فيها أحداث رواية الحرافيش.
ويقع زقاق المدق فى قلب حى خان الخليلى بالقاهرة وتفاصيل الحياة فيه فى الاربعينات جعلته عنوانا لرواية نجيب محفوظ فقال عنه محفوظ " زقاق المدق كان من تحف العهود السابقة وتألق يوما فى تاريخ القاهرة المعزية كالكوكب الدرى، وهو أثر نفيس مبلط بالحجارة وفيه عطفة الصناديقية وقهوة كرشة.
المقاهى مسرحا لأحداث رواياته
وجاءت رواية " قشتمر "نسبة إلى مقهى فى العباسية كان نجيب محفوظ من روادها، رواية التي وصفت بأنها أبدع ما الف نجيب محفوظ واروع ماكتب، ميرامار وهو اسم الفندق الذي اتخذه مسرحا لأحداث روايته، وكذلك فى روايته " الكرنك " نسبة إلى مقهى الكرنك التى كانت تجمع مختلف الثقافات والمراحل العمرية المختلفة.
للخمارات نصيب في أدب محفوظ
وخمارة القط الأسود عنوان اختاره نجيب محفوظ لمجموعة قصصية، وللخمارات نصيب كبير في روايات محفوظ فلم تخلو حارة تناولها من الخمارات التي تقدم البوظة لرجال الحارة وايضا استخدم التكية في رواياته وهي تأوي المنقطعين للعبادة من المتصوفة وعابري السبيل واستخدمها محفوظ في روايات الحرافيش واللص والكلاب وقلب الليل وحكايات حارتنا وغيرها.